«هذا راه المدير العام ديال مكتب المطارات.. واش يخلص على التنقلات ديالو من جيبو؟!»، يقول المدير المالي المعتقل في ملف المطارات أمام الهيئة في جلسة أول أمس (الخميس)، ثم يدخل تلقائيا يديه في جيبَيْ سترته السوداء. «انتَ كتجاوب المحكمة.. وبلاما تخشي يديك في جيوبك.. هذا راه فيه استفزاز»، يُوجه رئيس الجلسة الكلام إلى المتهم. مشهد دفع المحامين إلى الاحتجاج، لكن حكمة بعضهم أدت إلى احتواء الموقف، ليتدخل القاضي معلنا تأجيل القضية إلى الخميس المقبل. ماذا حدث قبل المدير المالي المعتقل؟ استمعت هيئة المحكمة خلال الجلسة التي انطلقت في الواحدة زوالا، إلى مدير الأشغال المكلف بورش المحطة الجوية الثانية لمطار محمد الخامس. الأخير حل بقاعة المحكمة مرفوقا بعشرات الملفات. أسئلة الهيئة انصبت حول الأشغال التقنية والهندسية للمحطة الجوية الثانية، وكذلك التقارير المتعلقة بالملف الاستشاري للمقاولات والتصاميم التنفيذية. نفى مدير الأشغال وجود تلاعبات في صفقة المحطة الثانية، نتجت عن عدم احتساب ناقص القيمة المترتب عن استعمال الإسمنت الأسود بدل الأبيض، إضافة إلى كمية الحديد المستعملة في السقف الهيكلي، وتبليط الأرضية والجدران بالغرانيت. اعتبر المتهم أن التغييرات تمت بناءا على طلب إدارة المطارات. أثناء ذلك، كان بنعلو ومدير ديوانه اللذان حلا في كامل أناقتهما، منهمكين في حديث خافت حول أجوبة مدير الأشغال. التقط الأخير أنفاسه، ثم واصل حديثه المسترسل. تارة يُدقق في الوثائق المعروضة عليه، وتارة أخرى يواجه الهيئة بالوثائق التي بحوزته. صرح مدير الأشغال أن تعديل التصميم الخاص بقاعة الإركاب، جاء بعد عرض الأمر على مكتب مطارات باريس ومكتب المراقبة، وجاء التعديل بشكل يتناسب مع نظام تحمل الزلازل. مدير الأشغال المتقاعد في 2011، ذكر أن الشركة تعاقدت مع المكتب في إطار نظام الأثمنة الجزافية للأعمال السطحية والأرضية، وبنظام الحصر بالمتر المربع للأشغال الباطنية. وطعن المتهم في خبرة مجلس الحسابات حول مطار محمد الخامس، «مطارات أخرى، أنجزت بتكلفة 18 ألف درهم للمتر المربع، ولم تكن في جودة مطار محمد الخامس الذي أنجز بتعرفة 8200 درهم.. ويجي خبير ويدير 3200 درهم؟! والعجب هذا»، يقول المتهم مستغربا بعد مواجهته بتقرير الخبرة. «سيدي الرئيس، التصاميم التنفيذية هي المعتمدة بالنسبة إلى أوراش الأشغال في ما يخص المعايير التقنية» أجاب المتهم قائلا حول تباين المعايير التقنية بين تصاميم الملف الاستشاري والتصاميم التنفيذية. بعد استراحة 30 دقيقة، واصلت المحكمة مناقشة القضية، بالاستماع إلى المدير المالي. أجاب الأخير في ما يخص الصفقات الاستعجالية قائلا: «السيد المستشار.. إذا قلت ليك هاذ القاعة ما فيهاش معدات إطفاء.. هاذي هي حالة الاستعجال اللي كنتكلم عليها». هكذا برر المتهم الحالات الاستعجالية التي دفعت المكتب إلى عقد صفقات معينة في فترات قياسية. حول تفويت صفقة لشركة فرنسية، اعتبر المتهم عدم منح الصفقة للشركة الفرنسية المعروفة دوليا، كان من شأنه التسبب في اندلاع أزمة ديبلوماسية بين البلدين. كما أضاف أن تفويت الصفقات يخضع لمعايير دقيقة، «مثلا شركات كتعمل الملايير في العام كنطلبوا منها شهادة رقم المعاملات.. شركات كتعمل 20 و 30 و 40 مليون درهم في العام.. ثم هناك اجتماعات متوالية.. وليس لي أية علاقة بلجان فتح الأظرفة ومناقشة طلبات العروض». أما بخصوص دوره في مساطر الصفقات، فصرح المتهم أن دوره كان ينحصر في مراقبة سير الصفقة وملفها ووثائقها، وأنه ليس هو «مول الفلوس» كما يدعي البعض، «هناك اللجنة الاقتراحية والتقنية وإداريون، إضافة إلى مراقب الدولة الذي يمثلها في الصفقات التي تفوق 5 ملايين درهم». المحكمة واجهت المتهم أيضا بملف التعويضات، التي اعتبرها «مشروعة»، بالنظر إلى المهام الموكولة إليه، وذكر أن التعويضات كانت تُمنح في إطار سير الأشغال المتعلقة بمشاريع البنك الإفريقي للتنمية. أما بخصوص تلقيه تعويضا خلال العطلة، فذكر المدير المالي، أنه فوجىء شخصيا بأمر ذلك التعويض. الساعة السابعة والربع مساءا. ينسحب بنعلو ومدير ديوانه والمدير المالي إلى داخل القفص الزجاجي في اتجاه عكاشة. أما المتابعون في حالة السراح ومحاموهم فانصرفوا إلى حال سبيلهم. هناك خارج المحكمة، استسلموا لحديث هامس حول «السرعة القياسية في مناقشة الملف». محمد كريم كفال