في جلسة لم تتعد دقائق، أرجأت الغرفة الجنائية الابتدائية لدى محكمة الاستئناف بالدارالبيضاء، المختصة في جرائم الأموال، مساء يوم الخميس المنصرم، الحسم في موضوع الاستماع إلى أحد المتهمين في ملف "اختلاسات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي". استئنافية البيضاء خلال الجلسة التي تزامنت مع تاريخ عقد جلسة للاستماع إلى المتهمين في ملف المكتب الوطني للمطارات، التمست النيابة العامة من الهيئة القضائية برئاسة المستشار طوشي، تأجيل الملف من أجل منحها مهلة للاطلاع على تقرير الخبرة الطبية المنجزة على المتهم محمد كورجة، المدير السابق لمؤسسة الضمان الاجتماعي، الذي أشرف على تسيير مؤسسة الضمان الاجتماعي، خلال الفترة ما بين 1972 و1991. واستجابت هيئة الحكم لمطلب ممثل الحق العام، وأرجأت المحاكمة، التي يتابع فيها 25 متهما، من أجل جناية "المساهمة في تبديد أموال عمومية"، في حالة سراح، إلى 28 ماي المقبل. وكان ممثل الحق العام دفع بإمكانية الاستماع إلى المتهم، بدعوى أن الأخير مثل أمام قاضي التحقيق خلال الاستنطاق التفصيلي، وقدم إفادات مستفيضة عن التهم المنسوبة إليه، حسب تقرير لجنة التقصي. في حين أوضح دفاع المدير السابق لصندوق الضمان الاجتماعي، أن موكله كورجة لا يمكنه تذكر مجموعة من الوقائع بسبب إصابته بمرض "الزهايمر"، والتمس من الهيئة القضائية إجراء خبرة طبية على موكله، وهو التوضيح الذي أكده، أيضا، المتهم، الذي صرح في بداية الاستماع إليه، بعدم إمكانية تذكره للوقائع غير المحررة كتابيا، في رد على سؤال عن قدرته على تذكر حيثيات بعض الملفات المتعلقة بتسيير المؤسسة. في السياق نفسه، تقدم الدفاع أمام هيئة الحكم بملف طبي يخص موكله، يتضمن شهادات طبية وفحوصات تكشف عدم قدرة الأخير على تذكر الوقائع بشكل دقيق، كونه مصابا بمرض عضوي يؤثر على خلايا دماغه، لتستجيب هيئة الحكم للملتمس كما لم تعترض عليه النيابة العامة. وكان من المتوقع حضور عدد من شهود الإثبات في الملف، على رأسهم رحو الهيلع، رئيس اللجنة النيابية لتقصي الحقائق، وممثلو مكاتب التدقيق الخارجي والمفتشية العامة لوزارة المالية، الذين جرى استدعاؤهم للشهادة أمام الهيئة القضائية لعدة مرات، لكن تأخر مناقشة الملف، الذي أرجعه عدد من متتبعيه إلى تزامن انعقاد جلسته مع ملف مكتب المطارات، من شأنه أن يؤخر حضور هؤلاء الشهود لجلسات مقبلة. وكانت الغرفة نفسها استمعت إلى عدد من المتهمين، المتابعين في حالة سراح مؤقت، حضر بعضهم إلى جلسة الخميس المنصرم، بينهم عبد المغيث السليماني، المدير العام السابق لهذه المؤسسة، إذ نفوا جميع التهم الموجهة إليهم، ومنهم من وصف تقرير لجنة تقصي الحقائق البرلمانية، الذي كان سبب متابعة هؤلاء المتهمين ب "العبث". والبعض منهم طعن في مبلغ 47.7 مليار درهم، المحدد كحجم للمبالغ المالية المختلسة من هذه المؤسسة المالية، معتبرا أن المبلغ المذكور يمثل ديونا غير محصلة بذمة شركات، تبلغ 18 مليار درهم، إضافة إلى مبلغ 10 ملايير درهم، عبارة عن مدخرات المؤسسة بصندوق الإيداع والتدبير.