تواصل الغرفة الجنائية الابتدائية لدى محكمة الاستئناف بالدارالبيضاء، المختصة في جرائم الأموال، اليوم الخميس، المناقشة في ملف "اختلاسات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي"، الذي يتابع فيه 25 متهما، من أجل جناية "المساهمة في تبديد أموال عمومية"، في حالة سراح. اسئنافية البيضاء كانت الغرفة نفسها، أرجأت هذا الملف إلى اليوم، في مارس الماضي، بسبب عدم توصل المحكمة بتقرير الخبرة الطبية المنجزة على المتهم محمد كورجة، المدير السابق للضمان الاجتماعي، الذي أشرف على تسيير مؤسسة الضمان الاجتماعي، خلال الفترة بين 1972 و1991. وكان المتهم كورجة صرح سابقا أمام هيئة المحكمة، بعدم إمكانية تذكره للوقائع غير المحررة كتابيا، وجاء ذلك كرد على سؤال عن قدرته على تذكر حيثيات بعض الملفات المتعلقة بتسيير المؤسسة. ومن المتوقع أن يحضر إلى جلسة اليوم، عدد من شهود الإثبات في الملف، على رأسهم رحو الهيلع رئيس اللجنة النيابية لتقصي الحقائق، وممثلو مكاتب التدقيق الخارجي والمفتشية العامة لوزارة المالية، الذين جرى استدعاؤهم للشهادة أمام الهيئة القضائية لعدة مرات. وكان دفاع المدير السابق لصندوق الضمان الاجتماعي، المتابع إلى جانب 24 متهما في حالة سراح، بتهم "تبديد أموال عمومية"، أوضح في جلسة سابقة أمام المحكمة، أن موكله كورجة لا يمكنه تذكر مجموعة من الوقائع بسبب إصابته بمرض "الزهايمر"، والتمس من الهيئة القضائية إجراء خبرة طبية على موكله. كما تقدم دفاع كورجة أمام هيئة الحكم بملف طبي يخص موكله، يتضمن شهادات طبية وفحوصات تكشف عدم قدرة الأخير على تذكر الوقائع بشكل دقيق، كونه مصابا بمرض عضوي يؤثر على خلايا دماغه، لتستجيب هيئة الحكم للملتمس كما لم تعترض عليه النيابة العامة. وكان ممثل الحق العام دفع بإمكانية الاستماع إلى المتهم، بدعوى أن الأخير مثل أمام قاضي التحقيق خلال الاستنطاق التفصيلي، وقدم إفادات مستفيضة عن التهم المنسوبة إليه، حسب تقرير لجنة التقصي. وكانت الغرفة استمعت قبل المتهم كورجة إلى المتهم رفيق الحداوي، المدير العام السابق للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، الذي طعن، في معرض جواب له عن سؤال الهيئة القضائية حول مبلغ 47.7 مليار درهم، المحدد كحجم للمبالغ المالية المختلسة من هذه المؤسسة المالية، في تقرير لجنة تقصي الحقائق البرلمانية. وأوضح أن المبلغ المذكور يمثل ديونا غير محصلة بذمة شركات تبلغ 18 مليار درهم، إضافة إلى مبلغ 10 ملايير درهم، عبارة عن مدخرات المؤسسة بصندوق الإيداع والتدبير. واعتبر الحداوي، الذي كان يتحدث عن تسيير المؤسسة المالية وتدبيرها، وعن كواليس المجلس الإداري للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، أن النقابة المسيطرة على هذا المجلس الإداري، هي المسؤولة الأولى عن تعطيل دوراته لسنوات، مضيفا أن بعض الأعضاء النقابيين كانوا يرفضون تمثيلية أعضاء من الكونفدرالية الديمقراطية للشغل في المجلس، ما أخر عقد دوراته العادية، وأثر بشكل سلبي على مخططه الإصلاحي. وأبرز الحداوي، بخصوص ملف المصحات الطبية، أن ما جاء في تقرير اللجنة البرلمانية حول هذا الملف، كان إيجابيا، خاصة أن التقرير خلص إلى انتهاك إدارة الصندوق للظهير الخاص بالمؤسسة لسنة 1972، حينما جرى إنشاء 13 مصحة. وأضاف أن بيع الأوعية العقارية لمصحات الصندوق، كان كفيلا بتوفير مبلغ 7 ملايير درهم لصالح الصندوق. وأوضح الحداوي أن جميع محاولاته لتعديل تمثيليات النقابات بالمجلس الإداري باءت بالفشل.