ضخت التوجهات الإفريقية لجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، دماء جديدة في علاقات بلادنا مع مختلف بلدان القارة السمراء وجاءت الجولة الإفريقية التاريخية والرمزية لجلالة الملك، لتعطي دفعة قوية للعلاقات، التي تربط المغرب بكل من السينغال، وكوت ديفوار والغابون. وستعطي الزيارة الرسمية التي قام بها صاحب الجلالة للكوت ديفوار دينامية أقوى للعلاقات الثنائية النموذجية٬ بين المغرب وهذا البلد، بما يعكس التزام البلدين بالرفع من مستوى التعاون الثنائي على جميع المستويات وبإعطاء مثال ساطع للتعاون جنوب-جنوب. استقبال يليق بمقام قائد كبير استعدت أبيدجان بشكل لافت لاستقبال قائد كبير، فالإيفواريون يشهدون كغيرهم من أبناء القارة لجلالة الملك بالاهتمام البالغ بإفريقيا، وغيرهم من أبناء القارة السمراء يشهدون لجلالة الملك محمد السادس بالدور الطلائعي في تحقيق التقارب الإفريقي على جميع المستويات. وسخرت كوت ديفوار إمكانيات هائلة لاستقبال صاحب الجلالة الملك محمد السادس، بما يعكس عمق علاقات الصداقة والتعاون العريقة القائمة بين البلدين الصديقين. واكتست شوارع وساحات أبيدجان٬ أبهى حللها احتفاء بهذا الحدث المهم في السجل الدبلوماسي لكوت ديفوار٬ البلد الإفريقي الوازن، الذي بدأ يستعيد أمنه واستقراره. ورأى الإيفواريون، في زيارة جلالة الملك لبلادهم٬ عربون ثقة في مستقبل وإمكانيات بلدهم، الذي يعد قاطرة لمنطقة غرب إفريقيا. واحتفت الجالية المغربية بكوت ديفوار بمقدم صاحب الجلالة، فبعدما استعدت للحدث كما ينبغي، ضرب جميع أفراد الجالية المغربية موعدا في ما بينهم في مطار فليكس هوفويت بوانيي الدولي بأبيدجان، ليس فقط لحضور الحدث التاريخي، بل لتخصيص استقبال مهم لجلالة الملك، وتجديد البيعة والولاء. وبعد استقبال كبير واستراحة في القاعة الشرفية للمطار توجه الموكب الرسمي صوب القصر الرئاسي بأبيدجان٬ وسط هتافات حشود كبيرة من المواطنين والزعماء الإيفواريين التقليديين وأفراد الجالية المغربية المقيمة بالكوت ديفوار٬ الذين جاؤوا من جميع أرجاء البلاد للترحيب بمقدم جلالة الملك، متمنين له مقاما سعيدا بأرض الكوت ديفوار. وقد أبى سكان العاصمة الإيفوارية٬ الذين كانوا يحملون الأعلام الوطنية للمغرب والكوت ديفوار٬ إلا أن يخصصوا استقبالا حماسيا حارا واستثنائيا لجلالة الملك٬ مشيدين بالصداقة والأخوة المغربية الإيفوارية. كما أن صورا ضخمة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس والرئيس الحسن واتارا٬ تزين٬ منذ عدة أيام٬ واجهات الشوارع الكبرى لمدينة أبيدجان٬ في دلالة على اعتزاز وحماس الشعب الإيفواري قاطبة باستقبال جلالة الملك والترحيب بجلالته من خلال ترديد لفظة "أكوابا"، التي تعني "مرحبا" بلغة باولي. محادثات على انفراد واتفاقيات تعاون مساء الثلاثاء 19 مارس الجاري، أجرى صاحب الجلالة الملك محمد السادس بالقصر الرئاسي بأبيدجان٬ مباحثات على انفراد مع الرئيس الإيفواري، قبل أن يترأس قائدا البلدين حفل التوقيع على ست اتفاقيات للتعاون الثنائي في عدة ميادين. ويتعلق الأمر بمذكرة تفاهم حول التعاون بين وزارتي الشؤون الخارجية بالبلدين٬ وقعها وزير الشؤون الخارجية والتعاون، سعد الدين العثماني ووزير الدولة وزير الشؤون الخارجية الإيفواري، شارل كوفي ديبي. وتتعلق الاتفاقية الثانية بالتعاون بين المغرب والكوت ديفوار في مجال التشجيع والحماية المتبادلة للاستثمارات٬ ووقعها وزير الاقتصاد والمالية، نزار بركة، والوزيرة المنتدبة لدى الوزير الأول الإيفواري المكلفة بالاقتصاد والمالية، نيالي كابا. أما الاتفاقية الثالثة٬ التي وقعها وزير الفلاحة والصيد البحري، عزيز أخنوش، والوزير الإيفواري للموارد الحيوانية والبحرية، كوبينا كواسي أدجوماني٬ فتهم التعاون الثنائي في مجال الصيد البحري وتربية الأحياء المائية. وتهم الاتفاقية الرابعة الخدمات الجوية بين البلدين٬ ووقعها وزير التجهيز والنقل، عزيز رباح٬ ووزير النقل الإيفواري، غاوسو توري. وبخصوص الاتفاقية الخامسة٬ المتعلقة بالتكوين المهني في مجال السياحة٬ فوقعها وزير السياحة، لحسن حداد ونظيره الإيفواري، روجي كاكو. ووقع الاتفاقية السادسة الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية، الشرقي اضريس، ووزير الدولة وزير الداخلية والأمن الإيفواري، حامد باكايوكو٬ وتتعلق بالتعاون المغربي- الإيفواري في مجال الوقاية المدنية. وتعكس هذه الاتفاقيات٬ التي ستعطي دفعة قوية للشراكة القائمة بين المغرب والكوت ديفوار٬ الإرادة الراسخة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس وفخامة الرئيس الحسن درامان واتارا في تعزيز وإضفاء دينامية أكبر على التعاون بين البلدين والشعبين الشقيقين، اللذين تربطهما علاقات صداقة وأخوة عريقة. خطاب ملكي تاريخي تميز اليوم الأول من الزيارة الملكية إلى كوت ديفوار٬ كذلك٬ بمأدبة العشاء التي أقامها فخامة رئيس جمهورية الكوت ديفوار الحسن درامان واتارا٬ بقصر المؤتمرات بأبيدجان٬ على شرف صاحب الجلالة الذي وجد في استقباله٬ لدى وصوله إلى قصر المؤتمرات الرئيس الإيفواري. وقبيل حفل العشاء سلم صاحب الجلالة لفخامة رئيس جمهورية الكوت ديفوار قلادة الوسام المحمدي٬ كما سلم الرئيس الحسن واتارا لجلالة الملك "الحمالة الكبرى -الدرجة الوطنية"٬ وهي أعلى وسام تمنحه جمهورية الكوت ديفوار. وخلال هذا الحفل ألقى صاحب الجلالة الملك محمد السادس خطابا جدد فيه عزم المغرب الأكيد على تشييد "نموذج مثمر ومزدهر" للتعاون جنوب - جنوب في إفريقيا رفقة جمهورية الكوت ديفوار. وقال جلالة الملك "نود أن نجدد عزم المملكة المغربية الأكيد٬ على تشييد نموذج مثمر ومزدهر مع الكوت ديفوار الشقيقة٬ يكون رمزا للتعاون جنوب-جنوب في إفريقيا٬ خدمة لتقدم وسعادة شعبينا". وفي هذا السياق٬ عبر جلالة الملك عن أمله في تعميق التشاور السياسي البناء حول القضايا الأساسية٬ التي تهم الأمن والاستقرار الجماعي للدول المغاربية ودول غرب إفريقيا٬ و"التي تتقاسم نفس المصالح الاستراتيجية"٬ مشددا جلالته على الارتباطات القوية والمتداخلة٬ والتكامل الحقيقي الذي يجمع الدول المغاربية وبلدان غرب إفريقيا. كما جدد جلالة الملك التزام المملكة المغربية بتعميق تعاونها المؤسساتي مع بلدان إفريقيا الغربية٬ بشكل ملموس٬ وتوطيد الحوار معها. وبعد أن ذكر بأن زيارته للكوت ديفوار تكرس مشروعا مستقبليا يخدم شعبي البلدين٬ اعتبر صاحب الجلالة أن البلدين مدعوان إلى الحفاظ على الأواصر المتينة التي تجمعهما والعمل على توطيدها٬ وذلك بهدف تجسيد الأخوة المغربية الإيفوارية في أسمى صورها. من جهته عبر الرئيس الإيفواري٬ في خطاب مماثل٬ عن امتنان الشعب الإيفواري لصاحب الجلالة الذي ما فتئ يعمل٬ منذ اندلاع الأزمة الإيفوارية في شتنبر 2002، من أجل عودة السلم والأمن بالكوت ديفوار٬ مذكرا في هذا الصدد بأن المغرب ساهم بفعالية في خروج الكوت ديفوار من هذه الأزمة من خلال مشاركته في "عملية الأممالمتحدة بالكوت ديفوار" بتجريدة من مئات الجنود. ودعا الرئيس الإيفواري، من جهة أخرى، رجال الأعمال المغاربة إلى الاستثمار في الكوت ديفوار من أجل مواكبة هذا البلد على درب إعادة البناء وتحقيق التنمية المستدامة . استقبالات ملكية تميزت الزيارة، أيضا، باستقبال جلالة الملك٬ نصره الله٬ يوم الأربعاء 20 مارس، بمقر إقامة جلالته بأبيدجان٬ غيوم سورو رئيس الجمعية الوطنية للكوت ديفوار. كما استقبل أمير المؤمنين وفدا عن المجلس الأعلى لأئمة الكوت ديفوار يقوده رئيس المجلس الشيخ بواكاري فوفانا٬ ووفدا عن مؤتمر أساقفة الكوت ديفوار يقوده رئيسه المونسينيور أليكسي توابلي يوبو. ويوم الجمعة 22 مارس قام الرئيس الإيفواري الحسن درامان واتارا بزيارة ود وصداقة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس٬ نصره الله٬ بمقر إقامة جلالته بأبيدجان. وكان الرئيس الإيفواري مرفوقا٬ خلال هذه الزيارة٬ بعقيلته دومينيك واتارا. واستقبل صاحب الجلالة بعد ظهر الاثنين 25 مارس بالإقامة الملكية بأبيدجان٬ قبل توجه جلالته إلى الغابون٬ وفدا من الأطر والمستثمرين المغاربة المقيمين بكوت ديفوار٬ الذين يشتغلون في قطاعات البنوك والخدمات واللوجيستيك والسياحة والتعليم. ويتعلق الأمر بكل من حميد سيدين٬ وخالد ابن الخياط٬ وفؤاد بوزيان٬ ومحمد بنزياني٬ ويوسف العماري٬ وحليمة نشيد٬ وأميرة العراقي٬ وعبد الإله الحمدوني٬ ونعيم الخلفاوي٬ ومحمد العزوزي. بعد ذلك٬ استقبل صاحب الجلالة المواطن المغربي الإيفواري٬ الفنان الطاهر لزرق. بيان مشترك بين المغرب وكوت ديفوار بمناسبة الزيارة الملكية صدر بيان مشترك أكدت فيه المملكة المغربية وجمهورية الكوت ديفوار على ضرورة تعزيز الإطار المؤسساتي للتعاون القائم بينهما٬ من خلال عقد الدورة الخامسة للجنة العليا المشتركة للتعاون٬ مبرزتين أن التعبير عن وجهات نظرهما بشأن قضايا وطنية وثنائية وإقليمية ودولية تم "في أجواء تميزت بالمودة والتفاهم التامين" . وجاء في البيان المشترك٬ الذي وقعه٬ بحضور الصحافة٬ وزير الشؤون الخارجية والتعاون، سعد الدين العثماني، ووزير الدولة وزير الشؤون الخارجية الإيفواري، شارل كوفي ديبي٬ أن قائدي البلدين وافقا على نتائج أشغال وزرائهما بشأن العديد من قضايا التعاون٬ مؤكدين٬ من جهة أخرى٬ أن التنمية والتقدم لا يمكن تحقيقهما بدون الاستقرار الداخلي والإقليمي. وبخصوص قضية الصحراء المغربية٬ جدد الرئيس الإيفواري تأكيده على الموقف الثابت لبلاده٬ مؤكدا أن "المبادرة المغربية المتعلقة بحكم ذاتي موسع بالصحراء تشكل الحل الأمثل لتسوية هذا النزاع بصفة نهائية". كما أشار قائدا البلدين إلى أن استمرار هذا النزاع يشكل تهديدا محتملا للوحدة الترابية وأمن دول المنطقة٬ وعائقا حقيقيا يحول دون قيام اندماج إقليمي يتماشى مع تطلعات الشعوب الإفريقية. وأضاف البيان أن جلالة الملك عبر لفخامة الرئيس الحسن درامان واتارا ولحكومة وشعب الكوت ديفوار٬ عن امتنانه العميق وتشكراته الصادقة على الاستقبال الحار والاخوي وعلى كرم الضيافة الإفريقية الأصيلة٬ وعلى الحفاوة البالغة التي حظي بها جلالته شخصيا والوفد المرافق له٬ مبرزا أن صاحب الجلالة الملك وجه دعوة إلى فخامة الرئيس الإيفواري للقيام بزيارة رسمية للمغرب.