أكد رئيس مجلس النواب٬ كريم غلاب٬ اليوم الخميس بمانيلا (الفلبين)٬ أن "الأبعاد المختلفة لآفة الفساد وتأثيراتها السلبية على مختلف مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية٬ دفع المملكة المغربية إلى اعتبار محاربة الفساد إحدى أولوياتها وأحد أوراشها الرئيسية". أوضح بلاغ لمجلس النواب٬ توصلت به وكالة المغرب العربي للأنباء٬ أن غلاب قال في كلمة خلال المؤتمر الخامس للمنظمة العالمية للبرلمانيين ضد الفساد الذي انطلقت أشغاله اليوم الخميس بمانيلا٬ أن "المملكة عمدت إلى سن مجموعة من الإصلاحات الجوهرية المرتبطة بمجال تخليق الحياة العامة ومحاربة الفساد٬ ضمن مسلسل متواصل٬ توج سنة 2011 بإصدار دستور جديد للمملكة". وفي هذا الصدد٬ ذكر غلاب بأن الوثيقة الدستورية تضمنت عدة مقتضيات مهمة من شأنها تنمية ثقافة محاربة الفساد٬ وربط المسؤولية بالمحاسبة كالتنصيص صراحة على استقلالية القضاء وعلى ضمانات له٬ كالمعاقبة على حالات تنازع المصالح واستغلال التسريبات المخلة بالتنافس النزيه٬ والوقاية من كل أشكال الانحراف المرتبطة بتدبير الإدارات والهيآت العمومية٬ والمعاقبة على الشطط في استغلال مواقع النفوذ والامتياز ومحاربة الاحتكار والهيمنة وباقي الممارسات المخالفة لمبادئ المنافسة الحرة والمشروعة في العلاقات الاقتصادية٬ وتكريس الحق في الولوج إلى المعلومة. واستكمالا لهذه الجهود٬ أضاف غلاب أنه تم الارتقاء بمجموعة من الهيآت والمؤسسات الوطنية إلى هيآت ومؤسسات دستورية مثل المجلس الوطني لحقوق الإنسان٬ والهيأة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها٬ ومؤسسة الوسيط٬ ومجلس المنافسة. وفي ما يخص دور البرلمان في الجهود الهادفة لمكافحة آفة الفساد٬ شدد غلاب على أنه "إذا كان ورش محاربة الفساد شأنا عاما يستأثر باهتمام كافة السلطات العمومية٬ فإن البرلمان يعتبر حجر الزاوية ضمن هذه المؤسسات الوطنية٬ وذلك بحكم وظائفه الدستورية وصلاحياته القانونية". وأعرب عن قناعته الراسخة بأن تخليق المؤسسة البرلمانية يعد الخطوة الأولى في سبيل تطوير الأداء البرلماني٬ وتحسين صورة المؤسسة٬ وتعزيز الثقة مع المواطنين. ولم يفت غلاب٬ في هذا السياق٬ إبراز بعض الأحكام التي تضمنتها الوثيقة الدستورية في هذا المجال٬ مثل إقرار معايير للدعم المالي للأحزاب٬ ومنع ظاهرة الترحال السياسي لأعضاء البرلمان٬ والتنصيص على جزاءات للبرلمانيين المتغيبين٬ وحصر الحصانة البرلمانية في إبداء الرأي والتصويت٬ ووجوب تصريح أعضاء البرلمان بممتلكاتهم. وتكريسا لهذه التراكمات والمكتسبات٬ ذكر رئيس مجلس النواب أن البرلمان المغربي بصدد إعداد مدونة أخلاقية ذات بعد قانوني٬ تقوم على ترسيخ قيم الوطنية وإيثار الصالح العام٬ والمسؤولية والنزاهة٬ والالتزام بالمشاركة الفعلية في أشغال البرلمان٬ واحترام الوضع القانوني للمعارضة البرلمانية ولحقوقها الدستورية. وشدد على الحاجة إلى توحيد المواقف٬ وتنسيق السياسات٬ بين أعضاء "المنظمة العالمية للبرلمانيين ضد الفساد" بغية الوصول إلى حلول جماعية وبلورتها على الميدان فعليا وفي أحسن الظروف٬ مضيفا أنه يتعين على المنظمة توسيع شبكة أعضائها من خلال إنشاء فروع جديدة لها٬ وضمان دعم أكبر لمشاركة البرلمانيات النساء في جميع الأوراش المتصلة بالموضوع. ويهدف المؤتمر الخامس للمنظمة العالمية للبرلمانيين ضد الفساد المستمر إلى غاية يوم السبت المقبل٬ إلى تقاسم التجارب وكيفية تعامل وتجاوب البرلمانات مع اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد(صادق عليها المغرب في 9 ماي 2007) والتدابير المتخذة من أجل تطبيقها وتنفيذها. من جهة أخرى٬ ذكر بلاغ مجلس النواب أنه على هامش أشغال المؤتمر عقد الوفد البرلماني المغربي برئاسة غلاب عدة لقاءات مع ممثلي البرلمانات المشاركة٬ كان أبرزها٬ الاستقبال الحار الذي خص به اليوم الخميس٬ رئيس مجلس الشيوخ الفلبيني٬ خوان بونس إنريل٬ الوفد البرلماني المغربي حيث تطرق الجانبان إلى العلاقات الجيدة التي تربط البلدين. كما أشاد رئيس مجلس الشيوخ خلال هذا اللقاء بالسياسة الحكيمة لجلالة الملك محمد السادس ومبادراته الإصلاحية والاجتماعية٬ حيث استطاع جلالته بحكمته وتبصره أن يقود إصلاحات جوهرية هادئة وتغييرا سياسيا عميقا في ظل الاستقرار واستمرار المؤسسات٬ مما جعل المغرب استثناء في محيطه الجهوي والإقليمي.