أكد الخبير الاقتصادي الفرنسي، هنري لوي فيدي، صاحب مؤلف "إرادة أقوى من الرمال - تجربة التنمية المستديمة في الأقاليم الجنوبية المغربية" (سنة 2008)، نجاعة وضع نموذج جديد للتنمية في أقاليم الصحراء٬ سيكون جاهزا متم أكتوبر المقبل. واعتبر الجامعي الفرنسي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن هذا النموذج "يندمج منطقيا ضمن برنامج الجهوية المتقدمة المقترح على صعيد المملكة ككل٬ والذي يخدم منطقيا التنمية الاقتصادية والاجتماعية لهذه الجهة". ومن المرتقب أن يبلور هذا المخطط٬ الذي تم تقديم ورقته التأطيرية الأسبوع الماضي إلى صاحب الجلالة الملك محمد السادس من طرف المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي٬ حلولا للإشكاليات الهيكلية، التي تعيق التنمية الحالية للأقاليم الجنوبية٬ في جوانبها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية٬ وكذلك في كل ما يهم التنمية البشرية وإعداد التراب والحكامة. ورأى الأستاذ فيدي أن الأمر يتعلق بنموذج ملائم من حيث أنه "يعطي الاستقلالية لمسلسل التنمية من خلال خلق شروط ظهور نظام منتج ومستديم٬ مع احترام التقاليد والخبرات المحلية٬ على غرار ما حدث مع قرى الصيد". إلا أن الخبير الاقتصادي الفرنسي اعتبر أنه رغم أن الجهوية ستمكن من وضع حد لعدد من العوائق من خلال تقريب اتخاذ القرار من المستفيدين منها٬ وتقليص مدد الإنجاز٬ "فإنها لا يمكن أن تحل وحدها جميع المشاكل". وأوضح في هذا الصدد أن خصوصيات المنطقة، مثل شساعة ترابها وضعف كثافتها السكانية "تتطلب باستمرار التزام السلطات المركزية نحوها التزاما لا يمكن أن يعوضه أي شىء". وذكر فيدي٬ الذي يعرف الصحراء المغربية حق المعرفة٬ بما كانت عليه الصحراء إبان استرجاعها سنة 1975، وما أصبحت عليه سنة 2013، وقال في هذا الصدد إنه لم يكن يوجد في هذه المناطق سوى بعض البنايات الخاصة بالجيش الإسباني٬ ولم يكن يوجد فيها لا ماء ولا كهرباء ولا طرق٬ وحتى الاتصالات كانت شبه منعدمة. وأشار إلى أن مجهودا "جبارا " تم بذله على المستوى المالي والبشري٬ حيث جرى "توفير الماء للجميع وتثبيت الكهرباء في كل مكان، وجرى تحقيق ربط تام لهذه الأراضي٬ على المستوى الجوي والبري والبحري وعلى مستوى المطارات". وقال إنه عند متم 1999، كانت الجهات الثلاث بالجنوب تتوفر على الشروط الأولية للتنمية٬ وأن عشرية 1999-2010، حولت هذه الشروط الأولية إلى نمو وتنمية"٬ مبرزا أن هذه الاستثمارات عادت بالفائدة على السكان المحليين، الذين يستفيدون من خدمات جيدة". واستشهد في هذا الصدد بالمستشفى الجهوي للعيون٬ الذي أضحى مرجعا في المملكة٬ وكذا بالنتائج المسجلة في مجال التعليم، ولاسيما مؤشر النجاح في الامتحانات٬ الذي يتجاوز المعدل المسجل على المستوى الوطني٬ بل المعدل المسجل على المستوى الإفريقي ككل . وبخصوص البنيات التحتية القائمة، لاسيما في المجال الطرقي٬ يرى الخبير الاقتصادي الفرنسي أنها تضمن الربط الطرقي بين إفريقيا وأوروبا٬ بين دكار وجبل طارق٬ مبرزا أنه بفضل هذه الاستثمارات٬ أضحى فك العزلة عن القارة الإفريقية أمرا واقعا عبر الطريق العابرة للصحراء من طنجة إلى ياوندي٬ مما يسمح٬ عبر مدريد، بإنهاء العزلة التاريخية لإفريقيا. وخلص في النهاية٬ إلى أن" كل هذا أضحى ممكنا بفضل الإمكانيات التي وضعها المغرب٬ وهناك الكثير يتعين بذله٬ ما يبرر ويؤكد ضرورة إرساء نموذج تنموي خاص بهذه الأقاليم".