تعيش السينما المصرية حالة من الارتباك والترقب بسبب الانقسام السياسي في البلاد، وأزمة السوق والإنتاج وتدخل الدولة، بالإضافة إلى المخاوف المتزايدة من تواصل الرقابة على الفن، بعد صعود تيار الإسلام السياسي إلى سدة الحكم. ويؤكد الفنان أشرف عبد الغفور، نقيب المهن التمثيلية، أن "الاكتئاب أصاب الكثير من الفنانين بسبب ما يحدث في مصر، وان الحالة النفسية للجميع سيئة للغاية"، مشيرا إلى أن النقابة تضم 11 شعبة فنية، أصابها ضررا بسبب ما يحدث الآن، فالإنتاج متقلص والموارد ضعيفة جدا.. والبطالة تتزايد. وقال عبد الغفور إن الرئيس محمد مرسي في جميع لقاءاته مع الفنانين "رفع من شأن الفن، وأعلن احترامه الكامل للثقافة وللتمثيل ولحرية التعبير والفكر، أما على أرض الواقع فلم نر منه أي شيء حتى الآن، ولكننا نراهن على الاستقرار لنواصل العمل". ويرى نقيب المهن التمثيلية مستقبلا مجهولاً بعد تجاهل وضع بنود تحكم الملكية الفكرية وحق الأداء العلني في الدستور الجديد، رغم إصراره عليها، حيث يقول "لا أمل في البلد والفن إلا بالاستقرار". من جانبه، يقول الناقد السينمائي طارق الشناوي إن "المشكلة الأساسية التي تعيشها السينما المصرية هي أزمة السوق السينمائية كسوق ضبابي غائم، وهو ما يؤدي إلى عدم وضوح الرؤية بالنسبة إلى شركات الإنتاج الحالية، لأنها لا تعلم الصورة، ولا أين يتجه التيار الإسلامي، وصارت بعد الثورة تخشى الخوض في أي تجربة إنتاج قد تسبب لها خسائر مادية كبيرة، مع العلم بأن تكلفة إنتاج الفيلم السينمائي قد تصل إلى 20 مليون جنيه (3.4 ملايين دولار) والخسارة في هذه الحالة لا يمكن تعويضها". وتوقع الشناوي أن ينعكس الوضع الحالي في البلاد بالسلب على كثير من المشروعات السينمائية الضخمة التي تجمدت بسبب الخوف من الخسائر لتظهر تجارب سينمائية جديدة لأفلام قليلة التكلفة، ليست فيها مخاطرة أو مغامرة مالية، وهذا يعد وجهاً إيجابياً للأزمة، حيث يطرح تياراً موازيا للتيار السينمائي التقليدي، وقد يحمل أفكارا متجددة، لم تكن لتظهر في ظل المعادلات السابقة قبل الثورة. من جانبه، رفض الفنان محمود ياسين اتهام الأحوال السياسية التي تمر بها مصر بأنها السبب الوحيد في تدهور صناعة السينما، وقال إن هذا من قبيل "الظلم والافتراء". وأضاف أن السينما المصرية في حالة توقف منذ سنوات عديدة، مرجعا التدهور السينمائي إلى ضعف المعامل السينمائية، رغم أن مصر هي البلد الوحيد في منطقة الشرق الأوسط، التي تمتلك أكاديمية للفنون. وعن توقعه لأوضاع السينما عام 2013 قال محمود ياسين "أنا غير متفائل بالنسبة إلى السينما في مصر، خلال الفترة المقبلة، فلا توجد أعمال أو مشاريع أعمال والحال توقف بالنسبة إلى الفنانين وجهات الإنتاج تهرب، وليس لديها استعداد للمغامرة، في ظل مناخ سلبي وفقر حاد في مواهب الإخراج السينمائي، لذلك أخشى من مصير مجهول سيء ينتظر السينما في مصر". ويرى المنتج والموزع محمد حسن رمزي أن الإنتاج السينمائي تراجع بصورة ملحوظة في العامين الأخيرين، في ظل تزايد شاشات العرض السينمائي ما سيدفع الموزعين إلى زيادة نسخ الأفلام الأجنبية لحل أزمة العرض والحفاظ على وظائف العاملين بهذا القطاع، ما يؤثر بالسلب على إنتاج الفيلم المصري. ويطالب المخرج مجدي أحمد علي، رئيس المركز القومي للسينما، الحكومة بضرورة دعم صناعة الفيلم المصري بشكل أقوى، وإيجاد آليات أخرى للإنتاج تسمح بزيادته، وإلا سيحل الفيلم الأجنبي محل المصري.