أفادت الورقة التأطيرية لنموذج التنمية الاقتصادية والاجتماعية للأقاليم الجنوبية أن الوزن الاقتصادي للسياحة بالأقاليم الجنوبية يبقى هامشيا ولا يتجاوز 1,5 في المائة من الناتج الداخلي الخام الجهوي٬ رغم أهمية الموروث الطبيعي والثقافي لهذه الأقاليم. وعزت الورقة التأطيرية٬ التي أعدها المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي وقدمت٬ أول أمس الأربعاء٬ أمام صاحب الجلالة الملك محمد السادس٬ هذا الواقع إلى عدد من الإكراهات٬ منها ضعف التعريف بالمنطقة٬ وعدم كفاية الرحلات الجوية المتوفرة٬ وتحفظ المقاولين الخواص في تطوير منتجات سياحية محلية مخصصة للسياحة الصحراوية وسياحة الواحات من خلال استثمار المقومات الثقافية المحلية. وفي ما يخص الفلاحة٬ أشارت الورقة إلى أنه رغم إنتاج متنوع، فإن إسهام القطاع الفلاحي في الناتج الداخلي الخام الجهوي لا يتعدى نسبة 2 في المائة٬ كما أنه لا يساهم إلا بما بين 5 و10 في المائة من مناصب الشغل٬ مسجلة أن تحدي تعبئة الموارد المائية (من معرفة بالفرشات المائية الجوفية٬ وعمليات تحلية المياه) يمثل أهم العوائق التي يعانيها هذا القطاع. كما سلطت الورقة الضوء على ما يزخر به الساحل الجنوبي للبلاد٬ الممتد على مسافة 1500 كيلومتر٬ من موارد سمكية مهمة ومتنوعة تمثل نسبة 80 في المائة من مجموع الصيد البحري الوطني٬ وتساهم ب15 في المائة من الناتج الداخلي الخام المحلي٬ وتوفر30 في المائة من مناصب الشغل٬ مشيرة إلى أن آثار هذا القطاع على المستوى المحلي تبقى محدودة بسبب ضعف قدرات التحويل في المنطقة، وكذا القصور في تثمين منتجات البحر٬ المتمحورة أساسا حول التجميد ومسحوق السمك. وفي ما يتعلق بقطاع التجارة والخدمات٬ سجل المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي وجود نمو مطرد بفضل ما جرت إقامته من بنيات تحتية عديدة٬ مشيرا إلى أنها تمثل اليوم "قطاعا مهما في اقتصاد المنطقة٬ خاصة أنها تسهم بنسبة 32 في المائة من الناتج الداخلي الخام الجهوي٬ و20 في المائة من مناصب الشغل". ولاحظت الورقة أن هذا القطاع "يبقى ضعيفا بسبب هيمنة النشاط غير المهيكل٬ ووجود نقص في خدمات النقل واللوجيستيك العصرية٬ مشيرا إلى أن نقص الوضوح في مناخ الأعمال٬ في ما يتعلق بالعقار والوضعية الضريبية٬ وكذا بطء بعض المساطر٬ يحد من إمكانات استقرار فاعلين اقتصاديين عصريين بالمنطقة. ونوه المجلس بمستوى الصناعة التقليدية بالأقاليم الجنوبية التي تحتكم إلى مكون هوياتي وثقافي قوي الحضور٬ ملاحظا٬ في المقابل٬ "أن هناك مظاهر من التأخر ماتزال قائمة٬ ترجع إلى النقص في تكوين ومواكبة الصناع التقليديين٬ وفي التكيف مع حاجات السوق وفي مسارات التسويق". وعلى صعيد آخر٬ أبرزت الورقة التأطيرية دور الفوسفاط الذي يسهم في النمو بنسبة 6 في المائة من الإنتاج الداخلي الخام الجهوي٬ ويوفر 3500 منصب شغل٬ مشيرة إلى أنه في ما عدا الفوسفاط٬ يبدو أن آفاق استخراج المعادن واعدة٬ غير أنها تقتضي مزيدا من الجهد في مجال الاستكشاف ومعرفة الطبقات تحت الأرضية في المنطقة٬ سواء من قبل الدولة أو الفاعلين الخواص. وتمثل الورقة التأطيرية المعدة من قبل المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي مرحلة أولية في مسلسل إعداد نموذج جديد للتنمية الاقتصادية والاجتماعية للأقاليم الجنوبية٬ وهو نموذج سيندرج في إطار الجهوية المتقدمة التي ستشمل بشكل معمق كافة المواضيع ذات الصلة٬ وستشكل بالتالي منعطفا أساسيا طبقا للتوجيهات السامية لجلالة الملك المتضمنة في خطابه السامي ليوم 6 نونبر 2012 بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء المظفرة.