دعا وزير الداخلية، محند العنصر٬ أول أمس الأربعاء، بالرباط٬ إلى تثمين الرأسمال البشري من أجل مواكبة ورفع تحدي الجهوية الموسعة، التي التزم المغرب بتنفيذها. وأشار العنصر٬ في الندوة الدولية التي تحتضنها الصخيرات، في موضوع "اللامركزية والجهوية الموسعة والرأسمال البشري: الرهانات والتحديات والممارسات الرائدة"٬ إلى أهمية الرفع من مستوى التأطير على الصعيد الجهوي وتحسين القدرات التدبيرية للمنتخبين والموظفين الجماعيين في مجال التنمية المحلية. وأقر٬ في هذا السياق٬ أن أمرا كهذا "يستدعي من الجهات اعتماد سياسة حقيقية في ما يتعلق بالموارد البشرية٬ تتمحور بالأساس حول التدبير التوقعي لاحتياجاتها من حيث الكفاءات والتكوين المستمر والاستقطاب الاجتماعي"٬ مؤكدا ضرورة تزويد هذه الجهات بالخبرات التقنية في مجال تدبير المشاريع وتتبعها٬ وبالموظفين المؤهلين للاضطلاع بالاختصاصات الجديدة التي ستحول من الدولة إلى الهيئات المنتخبة. في هذا الصدد٬ أشار إلى ضرورة "جعل الوظيفة العمومية المحلية أكثر جاذبية من خلال توحيد ظروف العمل وأنظمة الرواتب والتنقيط والتكوين والتوظيف"، إضافة إلى "تطبيق إطار حديث لتدبير الموارد البشرية يأخذ بعين الاعتبار الإنتاجية وحسن الأداء". وفي معرض تأكيده أن مقاربة الجهوية المتقدمة من خلال تنزيل مضامين الدستور تشكل "تحولا عميقا وثورة هادئة لبناء مجتمع عصري ومدخلا لإصلاح عميق لهياكل الدولة عبر تدعيم فعلي لمسار اللامركزية واللاتمركز"٬ أشار العنصر إلى أن هذا اللقاء يمثل فرصة للإعلان عن إحداث الأكاديمية الإفريقية للجماعات الترابية التي ستتولى مهمة التكوين لفائدة المنتخبين المحليين وأطقم الإدارات الترابية٬ تنفيذا لتوصيات مؤتمر المدن والبلديات الإفريقية الذي نظم بمراكش سنة 2009، ومواكبة لورش اللامركزية بالمغرب وإفريقيا وتعزيزا للتعاون جنوب-جنوب. من جهته٬ أكد وزير التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر٬ لحسن الداودي، أن الرأسمال البشري هو "حجر الزاوية في أي تنمية"٬ مشددا على ضرورة ضمان الظروف المناسبة لإنجاح ورش الجهوية المتقدمة٬ من خلال تكوين الأطر العليا التي ستتولى حمل المشعل على صعيد الأقاليم. من جانبه٬ أشار الأمين العام لمنظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة بإفريقيا٬ جان بيير ايلونغ امباسي، إلى أهمية الجهوية المتقدمة كحل للنهوض بالحكامة على مستوى القارة الإفريقية٬ مستدركا٬ في هذا الصدد٬ أن الحلقة الضعيفة في هذا الورش تبقى هي القدرات المحلية على مستوى الموارد البشرية، ملاحظا أن "غالبية الموارد البشرية بجماعاتنا المحلية لا ترقى إلى تحديات الغد"٬ المرتهنة بتنمية القارة الإفريقية. وأكد ضرورة رفع مستوى الموارد البشرية٬ وتكوينها بشكل مستمر٬ وتأمين وظائفها وتحفيزها ماديا لكي تصبح طرفا مكملا أساسيا للمنتخبين. وبخصوص الأكاديمية الإفريقية للجماعات الترابية التي سيتم إحداثها تنفيذا لتوصية مؤتمر المدن والبلديات الإفريقية٬ أكد امباسي أن الأمر يتعلق بهيئة يجري من خلالها تضافر جهود عدد من مراكز التكوين٬ فيما تتولى إصدار الشهادات ومنح الاعتماد للمؤسسات المكلفة بتكوين وتدريب المهارات. بدوره٬ شدد رئيس الجامعة الدولية بالرباط٬ نور الدين المؤدب على دور الموارد البشرية لإنجاح مشروع الجهوية المتقدمة٬ مؤكدا٬ في هذا الصدد٬ الحاجة الملحة لتوفير تكوينات أكثر ملاءمة لاحتياجات الجماعات المحلية بغرض خلق التآزر ودعم المنتخبين المحليين في مهامهم. من جانبه٬ ذكر رئيس جامعة الأخوين إدريس اعويشة٬ بأن المهمة التي أحدثت من أجلها جامعة الأخوين تتمثل في تعزيز قدرات الرأسمال البشري٬ مستحضرا مختلف التكوينات التي توفرها الجامعة لفائدة كبار أطر وزارة الداخلية٬ في إطار التعاون الفعال بين مؤسسات الدولة التي تسعى إلى ضمان تكوين أفضل لهذه الأطر. وتسعى هذه الندوة٬ التي تنظمها على مدى يومين وزارة الداخلية، بشراكة مع منظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة بإفريقيا وجامعة الأخوين٬ إلى أن تكون فرصة لمناقشة أهمية التكوين وبناء القدرات على مستوى الجماعات الترابية، من خلال استحضار تجارب وطنية ودولية ناجحة في هذا المجال. وتندرج هذه الندوة في إطار الاجتماعات الدورية التي تنظمها الوزارة لبحث القضايا المهمة وتعزيز قنوات التواصل مع الفاعلين المغاربة والأفارقة. كما تندرج أيضا، في إطار تعزيز التعاون بين بلدان الجنوب٬ بغاية إرساء مبادئ الحوار والمشاركة٬ تعزيزا لآليات الحكامة الرشيدة على مستوى القارة الإفريقية. يشارك في هذه الندوة الدولية رفيعة المستوى ممثلون عن اللجنة التنفيذية لمنظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة بإفريقيا والجماعات الترابية والإدارات العمومية والجامعات ومعاهد التكوين والمجتمع المدني٬ إلى جانب خبراء وطنيين ودوليين.