نظمت مؤسسة سوس للمدارس العتيقة بشراكة مع عمالة تارودانت، أخيرا، سهرة موسيقية وفنية بمناسبة الذكرى 37 للمسيرة الخضراء المظفرة، وعيد الاستقلال. فن السماع الصوفي شارك في الحفل ثلة من الموسيقيين ينتمون إلى مختلف مناطق المملكة، تحت إشراف جمعية "الأنوار المحمدية للثقافة والفن بالصويرة"، برئاسة حمزة جرتي، التي أبت إلا أن تشارك في هذا الحفل الفني البهيج، لتشنف مسامع الجمهور الحاضر بأغان روحية مستمدة من التراث المغربي الأصيل. وقال حمزة جرتي إن الحفل يمثل فرصة لتقديم بعض من الريبرتوار الإنشادي للمجموعة، وأضاف أن الحدث الفني يشكل، أيضا، أرضية للتبادل الثقافي والفني بين مجموعات مادحين ومسمعين وموسيقيين ومنشدين من كافة أنحاء المغرب. ويرى جرتي في تصريح ل"المغربية" أن المبتغى من هذا الحفل هو تعميق النقاش حول فن السماع والمديح، الغني بالتجليات الصوفية، كما يعد الحدث الفني واجهة لتقديم غناء ينطلق من القلب ويخاطب جوارح وقلوب المستمعين، إذ يسافر بهم إلى مدارج التصوف الرباني. وأبرز أن جمعية "الأنوار المحمدية للثقافة والفن بالصويرة" تعتني في إطار أنشطتها الفنية والثقافية بقيم التسامح، مؤكدا أن الغناء الصوفي أو الإنشاد الروحي حجاب مطلق من السماء، وقال إن السماع والمديح سبيل منير للإنسانية، واعتبر في التصريح ذاته أن مجموعته الفنية تلعب دور الزاوية في هذا الاتجاه. من جهة أخرى، نوه جرتي بمختلق الأقلام التي تدافع عن هذا الفن الروحي، كما أثنى على شيوخ السماع والمديع، والمفكرين المتنورين الذين يرفعون اللبس عن أصالة وهوية هذا التراث والمساهمة في توضيح أبعاده النورانية، عبر طرح أسئلة محورية من قبيل كيف يمكن أن نجعل من تراثنا الثقافي منبع سعادة الشعلة، التي تصدر عن روحانية العقيدة الإسلامية التي يعيشها ويتمثلها ويحس بها الإنسان داخل فضاء التراب الوطني المغربي؟ وبماذا يلزمنا التسلح - شعوريا- كي نتمكن من تناول هذا الصنف من التراث، بالطريقة والحس الذي يأخذ بالاعتبار ما يميزه عن أصناف أخرى لما يتضمنه من غنى وتعدد للممارسات الثقافية والشعائر الدينية المتنوعة ؟ ما هي مميزات الممارسة الصوفية داخل الثقافة الإسلامية بالمغرب؟ وبماذا يتميز التراث الفني الروحاني النابع من هذه الممارسات؟ وما هو دور فضاء الزاوية وملتقياتها (في المديح والسماع) في الحفاظ على هذا التراث وتلقينه للناشئة؟... واعتبر محمد جرتي، إشعاع المجموعة، هو إشعاع لكل فن هادف ومسؤول، وأفاد أن نجاح المجموعة في وصولها إلى قلوب مستمعيها هو بمثابة دعم معنوي لفريق جمعية الأنوار المحمدية، والمتعاونين، من فنانين وأطر ومولعين وباحثين وشركاء محليين، الذين ساهموا بشكل أو بآخر في منح السعادة لأهل السماع الصوفي، والتطلع بثقة كاملة في هذا المجال إلى آفاق مستقبلية زاهرة، من خلال الإجابة عن العديد من الأسئلة، التي رافقت خلال عقد من الزمن المؤسسين والفاعلين بجمعية الأنوار المحمدية بالصويرة، وهم يسهرون كل سنة على إحياء ملتقى المديح والسماع، الذي يحج إليه منشدون وموسيقيون وباحثون من مختلف جهات المغرب، حبا لتراث هذا الفن ورغبة في تذوق لحظات الإنشاد والتبادل المعرفي في هذا الحقل. يذكر أن جمعية "الأنوار المحمدية للثقافة والفن بالصويرة" رأت النور سنة 1997 منطلقة من رؤية روحانية تتمثل في الإنشاد الروحي والصوفي، وهي مشعل لفن المديح والسماع بالصويرة، وتهتم بالأصوات الشجية، كما تساعد الشباب على صقل مواهبهم، كي لا يندثر هذا الفن. ومن الانشغالات الأساسية لرئيسها محمد جرتي، بناء خزانة للحفاظ على فنون المديح والسماع، والملحون، وكذلك الموسيقى الأندلسية( مخطوطات، كتب، جرائد، شرائط سمعية، وفيديو).