شكلت إشكالية الانتقال من البث التلفزي التناظري إلى البث الرقمي الذي حدد تاريخ 17 يونيو 2015 كآخر أجل له، محورا للنقاش في إطار جلسات المنتدى الخامس لقادة وسائل الإعلام المنظم بداكار، حيث أكد مشاركون أن هذه المسألة تسائل سيادة الدول الإفريقية في المجال السمعي البصري. ووفقا لاتفاق (جي أو 06)¡ الذي تم تبنيه في 16 يونيو 2006 خلال الندوة الإقليمية لوسائل الاتصال الإذاعية التي نظمها الاتحاد الدولي للاتصالات، فإنه يتعين الانتهاء من عملية الانتقال إلى البث الرقمي بتاريخ 17 يونيو 2015. وإذا كانت بعض الدول الأفريقية قد أنهت عملية الانتقال هذه¡ فان دولا أخرى عديدة لا تزال بعيدة عن ذلك. وفي مداخلة حول هذه القضية وما تطرحه من تحديات بخصوص استمرار القنوات التلفزية الوطنية الأرضية، قدم الخبير في مجال وسائل الإعلام، نوفل الرغاي¡ تجربة المغرب بهذا الخصوص بما حققته من منجزات وما يعتريها من نواقص والتي تحتاج إلى بذل مجهودات مهمة في إطار استراتيجية ناجعة. وأكد أن المغرب حقق تقدما مهما على مستوى بث التلفزة الرقمية الأرضية (تي إن تي) التي أطلقتها الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة في يناير 2007 من أجل الوصول¡ سنة 2012¡ إلى تغطية للساكنة بنسبة 75 في المائة. ويقدر معدل تجهيز الأسر بالمستقبلات الرقمية للتلفزة الرقمية الأرضية إلى حدود الآن ب4,2 في المائة فقط. واعتبر الرغاي¡ أنه "أخذا بعين الاعتبار للوقت الوجيز الذي يفصلنا عن آخر أجل (17 يونيو 2015 ) من أجل الانتقال إلى البث الرقمي¡ فإن تطور معدل التجهيز يثير القلق"، مشيرا إلى أن معدل تجهيز الأسر بصحون الاستقبال انتقل من 68,9 في المائة سنة 2008 إلى 88 في المائة سنة 2012¡ وهو ما يشهد على الإقبال الكثيف على المحتويات الفضائية الأجنبية¡ التي تحصل يوميا على حصة مشاهدة تفوق 60 في المائة يوميا. ومن أجل تجاوز هذا النقص، دعا الرغاي إلى إعداد استراتيجية وطنية ومخطط لبلورة هذه الاستراتجية بهدف إنقاذ التلفزة الأرضية. وفي إطار الجهود التي ينبغي بذلها من أجل تدارك التأخر الحاصل في هذا المجال¡ حث السيد الرغاي على مضاعفة الجهود المبذولة من أجل رفع معدل التجهيزات، من خلال تصنيع أجهزة استقبال أرضي منخفضة التكلفة مصنعة محليا أو عبر شركة مناولة. واعتبر أن من شأن عملية مماثلة أن ترفع معدل تجهيز الأسر إلى أزيد من 80 في المائة في أفق 2015، فيما يمكن أن لا يتعدى هذا المعدل 10 في المائة إذا استمر بالوتيرة الحالية. ودعا الخبير الإعلامي¡ من جهة أخرى، إلى إعداد استراتيجية وطنية تشمل تبني إطار قانوني ينظم بث التلفزة الوطنية الأرضية، وإعداد ومواكبة الجمهور¡ ووضع رهن إشارة الجمهور عرضا تلفزيا عالي الجودة¡ بالإضافة إلى التخطيط لعلمية الانتقال إلى الرقمي. وخلص إلى أن الانتقال من التناظري إلى الرقمي يتجاوز مجرد التأهيل التكنولوجي الصرف للدول الأفريقية إلى مستوى الخيار الاستراتيجي الدقيق الذي يسائل السيادة السمعية البصرية لكل دولة من دول هذه القارة.