اختتم في طنجة، أمس الجمعة، المؤتمر الدولي الثالث حول نقل البضائع عبر السكك الحديدية، الذي انعقد يومي 18 و19 أكتوبر، تحت شعار "النقل عبر السكك الحديدية: أي مكانة في تطور الخدمات اللوجستيكية العالمية". واعتبر جان بيير لوبينو، رئيس الاتحاد الدولي للسككين، أن المكتب الوطني للسكك الحديدية يعد نموذجا ناجحا لخبرة كرست مكانتها، وفرضت ذاتها كشريك وعضو فاعل في الاتحاد من خلال منجزاتها واستراتيجياتها. وقال لوبينو، في اختتام أشغال المؤتمر، إن الحديث عن نقل البضائع عبر السكك الحديدية يقتضي استحضار بعد آخر يتعلق بالاقتصاد بشكل عام، وبالمبادلات التجارية بشكل خاص، موضحا أن "الجميع يدرك حساسية الأزمة ذات الطابع المالي التي يمر منها العالم، ورغم ذلك فإن هذا المعطى لا يحجب التوقعات على المدى البعيد بخصوص تطور الطلب على النقل العالمي بشكل إيجابي". وأفاد رئيس الاتحاد الدولي للسككيين أن هذا الطلب سيقفز على مدى 50 سنة المقبلة إلى 80 في المائة بالنسبة إلى نقل البضائع، و50 في المائة بالنسبة إلى نقل الأشخاص، وهو أمر اعتبره مهما وحافزا على التفكير في التطوير المستقل لقطاع نقل البضائع، إذ تشير التوقعات إلى أن نقل البضائع عبر السكك الحديدية سينمو بمعدل 8 أضعاف مما هو عليه الآن، ونقل الأشخاص بنسبة 12 مرة. وأفاد لوبينو أن هذا النمو الهائل يرتبط بتطور مؤهلات النقل السككي، خاصة على مستوى كفاءتها على المسافات الطويلة، وقوة طاقتها الاستيعابية، والسلامة التي تضمنها والموثوقية التي توفرها، موضحا أن هذه الإيجابيات لا بد أن يواكبها اندماج ذكي مع باقي مكونات السلسلة اللوجستيكية، وخلق ممرات جديدة لنقل البضائع عبر القارات، واعتماد تكنولوجيات جديدة ومبتكرة لتفعيل سلسلة التموين الشمولي، هذا إلى جانب خلق مجمعات ذات صلة مع النظم الأخرى وباقي الخدمات المتعلقة بهذا الجانب. وأبرز لوبينو أن انعقاد المؤتمر الثالث للنقل السككي بالمغرب يؤكد مكانة المملكة داخل منظومة الاتحاد، مبرزا طبيعة ونجاح الأوراش المنجزة من قبل المكتب الوطني للسكك الحديدية، ومدى مواكبتها للتحولات في منطقة شمال إفريقيا اقتصاديا. وفي مداخلته، أكد ممثل البنك الدولي أن النقل السككي بإفريقيا يبقى في حدود 2 في المائة، وأن تطويره يحتاج إلى مضاعفة المجهودات، مشيرا إلى أن البنك يولي اهتماما بالمشاريع القائمة على دراسات طويلة الأمد، وهو ما كان غائبا من قبل في العديد من الدول. وعن هذه الإشكالية أوضح محمد ربيع الخليع، مدير عام المكتب الوطني للسكك الحديدية، ورئيس فرع إفريقيا بالاتحاد الدولي للسككين، أن هناك توجها من أجل التطرق لهذه الإشكالية، من خلال تحديد الحاجيات، حتى يمكن الشروع في تطوير شبكة السكك الحديدية بإفريقيا، معتبرا أن هذا الأمر ليس مطروحا بالمغرب العربي وإفريقيا الجنوبية. وأعلن الخليع أن هناك دراسة في أفق 2025 خاصة بتقييم الخصاص بهذه القارة، من أجل صياغة استراتيجية ناجعة كبديل للواقع الحالي لهذه الشبكة بعدد من البلدان الإفريقية. كما تطرق الخليع إلى السبل الكفيلة بموقعة شبكة السكك الحديدية داخل الخارطة العالمية للنقل السككي للبضائع، لجعل البلدان الإفريقية تحظى بشراكة مع أوروبا في هذا الإطار، بعيدا عن الإشراف والاقتصار على تلقي الدعم التقني وغيره. وبخصوص أهمية هذا المؤتمر الدولي بالنسبة إلى المكتب الوطني للسكك الحديدية، اعتبر الخليع أن المغرب يتوفر على استراتيجية وطنية للوجستيك، وأن المكتب فاعل رئيسي في هذه الاستراتيجية، مشيرا إلى مجموعة من الإنجازات المواكبة للتحولات العميقة في البنيات التحتية بالمغرب، من قبيل ربط ميناء طنجة المتوسط بشبكة السكك الحديدية، ما يمكن من نقل الحاويات من هذا الميناء إلى الدارالبيضاء مثلا. وتطرق الخليع إلى أهمية الموقع الجيو استراتيجي للمغرب، والمستقبل الواعد المتمثل في أن يصبح نقطة رئيسة في شبكة النقل البحري للبضائع على المستوى العالمي. من جانب آخر، أوضح الخليع في لقاء صحفي على هامش المؤتمر أن خوصصة المكتب الوطني للسكك الحديدية مستبعدة، إلا أنه ركز على أهمية الشراكة بين القطاعين العام والخاص بالنسبة إلى المكتب، وبأهمية القطار الفائق السرعة، وشراكة المكتب الوطني للسكك الحديدية والمكتب الشريف للفوسفاط في مجال نقل الفوسفاط.