أعلن لحسن الداودي، وزير التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر، أن المغرب في حاجة إلى تكوين 60 ألف متخصص في مجال اللوجستيك، معتبرا أن مستقبل المملكة في خارطة نقل البضائع عالميا سيتعزز بالأوراش الكبرى المنجزة والتي في قيد الإنجاز. وأضاف الداودي، في افتتاح المؤتمر الدولي الثالث حول نقل البضائع عبر السكك الحديدية والخدمات اللوجستيكية، الذي انطلقت أشغاله أمس الخميس، وتتواصل اليوم الجمعة بطنجة، أن مدينة البوغاز ستشهد قريبا تأسيس جامعة للوجستيك، بتعاون مع شركة ألستوم الفرنسية، لدعم التكوين في هذا المجال، وتوفير الموارد البشرية اللازمة لتعزيز قطاع اللوجستيك بالمغرب، بوابة إفريقيا على أوروبا. من جهته، أوضح محمد ربيع لخليع، المدير العام للمكتب الوطني للسكك الحديدية ورئيس الاتحاد الدولي للسكك الحديدية - فرع إفريقيا، أن انعقاد المؤتمر الدولي الثالث حول نقل البضائع عبر السكك الحديدية والخدمات اللوجستيكية، المنظم بتعاون وطيد مع الاتحاد الدولي للسكك الحديدية، يأتي في إطار برنامج عمل هذه السنة لفرعه الإفريقي، الذي يتشرف المغرب برئاسته منذ سنة 2010. وأكد الخليع أن هذا الملتقى أصبح يشكل محطة رئيسية لدى المهتمين بقطاع النقل، بصفة عامة، والمجال السككي والخدمات اللوجستيكية على وجه الخصوص، بعد القيمة المضافة المحصل عليهما خلال الدورتين السابقتين المنظمتين بدلهي وسان بترسبورغ على التوالي سنة 2007 و2010. وأبرز أن هذه الدورة الثالثة، التي تنظم أشغالها تحت عنوان "النقل السككي: أي مكانة في تطور الخدمات اللوجستيكية العالمية؟"، تمثل فرصةً جديدة لمناقشة وتبادل الآراء حول الوضعية الراهنة والتحديات والإشكالات الكبرى المتعلقة بهذا النوع من النشاط، ومناسبة لتدارس مختلف الاستراتيجيات المعتمدة، بهدف تعزيز خدمات وفعاليات النمط السككي في السلسلة اللوجستيكية، وتموقعه كرافعة أساسية للتنمية المستدامة. وأشار الخليع إلى أن إدماج نقل البضائع عبر السكك الحديدية في الأنظمة اللوجستيكية العالمية أصبح يشكل أولوية بالنسبة إلى المؤسسات العاملة بهذا القطاع، خصوصا في ظل متغيرات المنظومة الاقتصادية، التي تفرض مزيدا من التنافسية والإبداع في الأداء ونوعية العروض المقدمة. وأضاف أنه جرى، بشراكة مع الفاعلين المعنيين، اعتماد استراتيجية وطنية تنبني على 5 محاور، هي تطوير شبكة وطنية مندمجة تتألف من 70 محطة لوجستيكية، موزعة على 17 مدينة، وتستلزم تعبئة وعاء عقاري إجمالي يقدر ب 3300 هكتار، منها 2080 هكتارا في أفق 2015، وترشيد وتجميع قطاع رواج البضائع على مختلف أنواعها والموجهة منها للتوزيع الداخلي والاستيراد والتصدير، وثالثا، إعادة هيكلة الفاعلين في النقل الطرقي للبضائع، وتشجيع بروز فاعلين لوجستيكيين مندمجين في قطاع الخدمات اللوجستيكية، مع العمل على تأهيل الطلب لضمان مستويات مقبولة من السلامة وجودة الخدمات المقدمة، ورابعا، تطوير الكفاءات عبر مخطط وطني للتكوين في مهن اللوجستيك، لمواكبة تطور القطاع وملاءمة العرض مع الطلب من حيث المهارات، الذي يهم 61 ألف متدرب في أفق 2015، أما المحور الخامس، فيتعلق حسب الخليع بوضع إطار مناسب لحكامة القطاع، من خلال خلق الوكالة الوطنية لتنمية الأنشطة اللوجستيكية، ومرصد التنافسية اللوجستيكية، وعقد برامج إطار تبين الالتزامات العامة للقطاعين الخاص والعام، تترجم في عقود تطبيقية إلى جانب خلق لجنة لمتابعة تنفيذها. وأوضح أن الأهداف والآثار المرتقبة لهذه الاستراتيجية تتلخص في تقليص وزن التكاليف اللوجستيكية مقارنة مع الناتج الداخلي الخام، لتصبح 15 في المائة، عوض 20 في المائة حاليا، وتحقيق نمو إضافي تتراوح نسبته بين 0.5 و0.7 في المائة سنويا من الناتج الداخلي الخام، والمساهمة في التنمية المستدامة، بتقليص مستوى انبعاث ثاني أكسيد الكاربون بحوالي 35 في المائة، وخلق 100 ألف منصب شغل تدريجيا إلى غاية التنزيل الكلي لهذه الاستراتيجية. وذكر الخليع أن القطاع السككي المغربي استطاع بفضل تضافر جهود كل المتدخلين أن يقطع أشواطا مهمة في ظل هذا المسلسل، الشيء الذي أفضى إلى نتائج مشجعة فاقت كل الأهداف المسطرة في إطار البرامج التعاقدية مع الدولة، سواء في ما يخص منها الجانب التجاري أو الاستثماري، وكذا على مستوى حكامة المؤسسة السككية ووضعيتها المالية. وأضاف "نحن ماضون في الاتجاه نفسه، مع تسريع وتيرة الأداء كما وكيفا، بحيث جرى في فاتح فبراير 2010 التوقيع، تحت الرئاسة الفعلية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، على برنامج تعاقدي بين الدولة والمكتب الوطني للسكك الحديدية المغربية لفترة 2010-2015. وترمي خارطة الطريق الجديدة هذه إلى تحقيق قفزة نوعية لمواكبة التطور المجالي والاقتصادي والاجتماعي للمملكة والاستجابة لتطلعات المواطنين والفاعلين الاقتصاديين على أكمل وجه من حيث حركية التنقلات وجودة الخدمات". وأوضح أن هذا البرنامج الاستثماري الطموح خصص له غلاف مالي ب 33 مليار درهم، يضم إنجاز شبكة لوجستيكية تغطي أهم مناطق التوزيع والاستهلاك تتكون من موانئ جافة ومناطق للأنشطة اللوجستيكية، إذ عمل المكتب منذ عدة سنوات حسب الخليع على إنجاز دراسات مهيكلة واستشرافية مكنته من وضع مخطط مديري مضبوط في مشاريعه وواضح في سبيل إقلاع لوجستيكي حقيقي. واعتبر أن هذا المخطط يعد مكونا أساسيا ضمن الاستراتيجية الوطنية اللوجستيكية، وأردف قائلا "امتطى المكتب قطار تفعيل هذا المخطط اللوجستيكي الواعد، من خلال اعتماد ترسانة من الإجراءات العملية، منها العمل على تطوير الخبرات اللازمة وبلورة خدمات لوجستيكية مدمجة وعروض متكاملة جعلت من السكة مكونا أساسيا في سلسلة التسويق الإنتاجي للشركات كما هو الشأن لمصنع رونو لإنتاج السيارات شمال المملكة. كما اعتمد المكتب مخططا لوجيستيكيا خاصا لنقل الحبوب والهيدروكاربونات، وسطر برنامجا خاصا للاستجابة لطلب نقل الحاويات بين ميناء طنجة المتوسطي والميناء الجاف بالدارالبيضاء، الذي جرى تشغيله منذ سنة 2008، والذي لقيت خدماته إقبالا ملحوظا، نظرا لما وفرته من قيمة مضافة ومزايا متعددة كتبسيط المساطر الإدارية وتسهيل الإجراءات الجمركية". وأكد المدير العام للمكتب الوطني للسكك الحديدية أن المكتب يسعى إلى تطوير شراكات استراتيجية مع فاعلين مرجعيين، لإخراج كل مشاريعه اللوجستيكية المبرمجة إلى حيز الوجود، واستغلالها وفق صيغ ملائمة، وبشكل فعال وتنافسي.