أدى أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس٬ نصره الله٬ أمس، صلاة الجمعة بمسجد "أريحا" بمدينة مراكش. (ماب) وأكد الخطيب في مستهل خطبة الجمعة أن حكمة الله تعالى اقتضت أن تكون أمور الخلق جميعها قائمة على اتخاذ الأسباب من جهة وعلى قضاء الله وقدره وبركته وتزكيته من جهة أخرى٬ مبرزا أن هذه مسألة دقيقة لا يهدى إليها إلا من رزقه الله الفهم الصحيح للدين الإسلامي الحنيف. وأوضح أن مما يظهر فيه الجمع بين الأسباب والقضاء مسألة الرزق٬ إذ الأصل فيها أن الله تعالى قد ضمن لكل دابة رزقها٬ وما تقوم به حياتها٬ مصداقا لقوله تعالى "وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها٬ ويعلم مستقرها ومستودعها في كل كتاب مبين"٬ غير أنه تعالى جعل لتحصيل الأرزاق أسبابا لا بد منها بل جعل ذلك سنة كونية في جميع خلقه٬ مشيرا إلى أن القرآن الكريم يقرر مبدأ اتخاذ الأسباب في تحصيل الرزق في قصة مريم عليها السلام التي كانت في حاجة إلى من يمد لها يد العون٬ فأمرها الله باتخاذ السبب تعليما للمسلمين "وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا فكلي واشربي وقري عينا". وأكد الخطيب أن مما يزيد في الرزق٬ الإنفاق والصدقة التي تحفظ النعمة وتصونها وتبارك فيها وتضاعفها حيث يقول تعالى "وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه"٬ فهو سبحانه يخلفه في الدنيا بالبدن وفي الآخرة بالجزاء والثواب. وأبرز أن طلب الرزق يجب أن يصاحبه الصدق والأمانة والنصيحة لأن كل ذلك سبب لجلبه وجعل البركة فيه٬ كما أن من أسباب الرزق صلة الرحم لما تجلبه من محبة بين الأهل وما تتركه من ذكر طيب٬ سيما أن صلة الرحم لها أعظم الأثر على الواصل فهي توسع الرزق وتبارك فيه وتمد في عمر الواصل٬ وتبقي له ذكرا حميدا بين أهله وعند الناس عامة. وأكد الخطيب أن طلب الرزق يجب أن يكون من طرقه وأبوابه المباحة شرعا٬ لأن الكسب فيه الطيب أي الحلال٬ وفيه الخبيث أي الحرام٬ موضحا أن المال الحلال هو ما اكتسب بالطرق المشروعة كالعمل والإرث والوصية والهبة والصداق وغيرها٬ في حين أن المال الحرام هو ما اكتسب بالطرق غير المشروعة كالرشوة والسرقة وأكل أموال اليتامى ظلما وغيرها. وبين الخطيب كذلك أن طلب الرزق واتخاذ الأسباب لتحصيله هو سنة إلهية دعا إليها الإسلام كل أتباعه بكل الطرق المشروعة من تجارة وزراعة وإجارة وغيرها٬ مذكرا بأن المال هو من نعم الله الكبيرة على عباده٬ بل هو من نعم الله على رسوله الكريم وعلى دين الإسلام دعوة ونشرا. وأكد أن الأمة التي لا تستشعر ما عندها من رزق في الجسم والصحة وما عندها من رزق في الفراغ٬ تتخلف٬ بسبب كسلها٬ عن ركب الحضارة فيسبقها العاملون المجتهدون الذين يسهرون ليل نهار في التخطيط واستنفاد الوقت في الجهد والطاقة من أجل تقدم البلاد وإراحة العباد وإعلاء راية الوطن٬ بحيث أن إهمال فترة الشباب والصحة وإضاعة الوقت من غير إنتاج يعدان عاملين حاسمين في تأخر الأمم والشعوب. وفي الختام٬ ابتهل الخطيب إلى الله تعالى بأن ينصر أمير المؤمنين٬ صاحب الجلالة الملك محمد السادس٬ نصرا عزيزا يعز به الدين٬ ويعلي به راية الإسلام والمسلمين٬ ويسدد خطاه ويكلل جهوده وخططه ومشاريعه بالنجاح٬ حتى يبلغ بشعبه ما يصبو إليه من عزة وتقدم ورخاء٬ وبأن يقر عينه بولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير مولاي الحسن، ويشد عضد جلالته بشقيقه صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد وسائر أفراد الأسرة الملكية الشريفة. كما تضرع إلى العلي القدير بأن يتغمد برحمته الواسعة الملكين المجاهدين جلالة المغفور لهما محمد الخامس والحسن الثاني ويطيب ثراهما ويكرم مثواهما.