أدى أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس٬ نصره الله، مرفوقا بصاحب السمو الأمير مولاي إسماعيل٬ أمس، صلاة الجمعة بمسجد "صاحبة السمو الملكي الأميرة للا عائشة " بالدارالبيضاء الذي دشنه جلالته بالمناسبة. (ماب) وأكد الخطيب في مستهل خطبة الجمعة أن عناية أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس بالأحوال الاجتماعية والمعيشية لرعاياه الأوفياء٬ ولاسيما الذين هم في حالة هشاشة لها جذور في الدين الإسلامي الحنيف٬ سواء في القرآن الكريم أو في السنة النبوية٬ ومنها العناية الخاصة بالأرامل والأيتام. وأضاف أن الإسلام جاء بتعاليم سامية وبنظام شامل حقق من خلاله تضامن أتباعه وتكافلهم في ما بينهم وجعل التكافل من أهم سمات المؤمنين٬ ولم يجعل ذلك خاصا بذوي القرابة، وإنما جعله شاملا كل من ألمت به فاقة أو ضعف أو يتم٬ مبرزا أنه من أجل ذلك حث الإسلام على السعي إلى كشف كرب المكروبين وإغاثة الملهوفين وصون حرمتهم وحفظ كرامتهم ورتب سبحانه على ذلك أعظم الأجر والتواب. فمن فرج عن مسلم كربة من كرب الدنيا٬ يذكر الخطيب٬ فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة٬ لأن شريعة الإسلام تربي النفوس على الخير وترشدها إلى بذل المساعدات وصنائع المعروف٬ وهذا من أبواب التراحم التي جاء بها الإسلام٬ مشيرا إلى أنه من قبيل ذلك، أيضا، أمر الله تعالى بالعطف على اليتامى والرحمة بهم وحفظ حقوقهم ورعاية أحوالهم وأموالهم. وأكد الخطيب٬ في هذا السياق٬ أن الله تعالى٬ ولحكمة إلهية٬ جعل نبيه يتيم النشأة وسلوة اليتامى إلى يوم الدين وقد ذاق٬ صلى الله عليه وسلم٬ اليتم وهو لم يزل طفلا٬ لكن الله تعالى تولى أمره ويتمه فآواه بنعمه وكان فضله عليه عظيما٬ مذكرا بأن الإسلام حث على كفالة اليتيم بالعناية التامة والتربية القويمة والمحبة الكاملة، وجعل ذلك من أهم الأسباب التي ترفع منزلة المؤمن في الجنة فيكون قريبا من النبي صلى الله عليه وسلم. وشدد الخطيب على أن تعاليم الإسلام تسموا وتعظم عندما تنهى عن كل ما يجرح اليتيم من كلمة نابية أو عبارة جارحة مؤثرة٬ لأن اليتيم فقد الحنان والرحمة والرعاية والشفقة فكان الأجدر بالمسلمين أن يراعوا حالته ويرحموا يتمه ويجبروا كسره٬ مذكرا بأن الحق سبحانه وتعالى توعد من يهضمون حق اليتيم٬ أكلا وشربا وملبسا٬ بالوعيد الشديد في الدنيا والآخرة حيث قال تعالى: "إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا"٬ وفي ذلك إيقاظ لوازع المراقبة والخشية من الله ليقوم الأولياء بواجب الحفظ والرعاية لما تحت أيديهم من أموال اليتامى وليتذكروا حال أبنائهم من بعدهم إذا خافوا عليهم ظلم أوصيائهم. وأضاف الخطيب أن الإسلام أوجب النفقة على اليتيم٬ إذا كان فقيرا٬ على قريبه الغني من باب صلة الرحم٬ وإذا لم يكون لليتيم قريب غني فكفالته والنفقة عليه واجب شرعي واجتماعي يقع على عاتق الأغنياء من المسلمين٬ على اعتبار أن النفقة على اليتيم هي من أعظم القربات، ومن أفضل وجوه الخير التي ينبغي للمسلم أن يسارع إليها. وشعورا بهذه المسؤولية العظمى الملقاة على عاتق الجميع٬ يستطرد الخطيب٬ وجدت دور لليتامى برعاية الدولة ومن طرف المحسنين٬ مؤكدا أن أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس٬ نصره الله٬ لم يفتأ منذ اعتلائه عرش أسلافه المنعمين يولي بالغ اهتمامه وفائق عنايته لجانب التكافل الاجتماعي برعاية الأيتام وتفريج كرب الفئات المحتاجة وخلق فرص الشغل للشرائح التي تعاني الهشاشة، سواء بسن التشريعات أو إقامة المؤسسات. وابتهل الخطيب٬ في الختام٬ إلى الله تعالى بأن ينصر أمير المؤمنين جلالة لملك محمد السادس٬ نصرا عزيزا يعز به الدين ويعلي به راية الإسلام والمسلمين٬ وبأن يبقيه سندا وأبا رحيما للأرملة واليتيم ولكل محتاج قليل الحيلة قصير اليد٬ وبأن يحفظه في ولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير مولاي الحسن، ويشد عضد جلالته بشقيقه صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد وسائر أفراد الأسرة الملكية الشريفة. كما تضرع إلى العلي القدير بأن يتغمد بواسع رحمته الملكين المجاهدين جلالة المغفور لهما محمد الخامس والحسن الثاني ويطيب ثراهما ويكرم مثواهما.