أعطت التوجيهات الملكية دفعة قوية للقطاع الرياضي، من خلال جعله شأنا دستوريا جرى التنصيص عليه صراحة في العديد من فصول الدستور الجديد، الذي صادق عليه الشعب المغربي قبل حوالي عام. ولم يأت هذا الاهتمام بمحض الصدفة، بل عن قناعة أكيدة بأن الرياضة تجاوزت دورها التأطيري والترفيهي للشباب خصوصا، لتصبح قطاعا منتجا ورافدا اقتصاديا ومجالا خصبا للاستثمار وخلق مناصب الشغل. ومن أبرز تجليات هذه الرعاية الملكية، إشراف جلالته شخصيا على انطلاقة وتدشين المنشآت الرياضية، مرورا بحرص جلالته على أن يكون أول المهنئين للأبطال الرياضيين في مختلف الأنواع الرياضية، الذين حققوا فيها إنجازات متميزة ورفعوا راية المغرب خفاقة في المحافل الدولية وتوشيحهم بأوسمة ملكية، ومنح التمويلات الشخصية، وانتهاء برسم خارطة طريق للنهوض بقطاع الرياضة والشباب قوامها التأهيل المادي والبشري وتوفير البنيات التحتية الضرورية والتجهيزات اللازمة لممارسة سليمة وعلمية لمختلف الأنواع الرياضية مع اعتماد سياسة القرب، باعتبار أن ورش الرياضة يعد من الأوراش الكبرى، التي ينبغي أن تحظى بدعم كامل من قبل الحكومة والجماعات المحلية، ومختلف الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين. ولئن كانت الرسالة الملكية الموجهة إلى المشاركين في المناظرة الوطنية الثانية حول الرياضة بالصخيرات (2008) اعتبرت الممارسة الرياضية حقا أساسيا من حقوق المواطن، وأكدت على ضرورة تعميم ممارستها على جميع شرائح المجتمع، وعلى دور الجماعات المحلية في التأسيس لمجتمع رياضي، فإن الدستور الجديد استجاب لانتظارات الرياضيين المغاربة بشكل كبير. وهكذا، نص الفصل 26 من الدستور الجديد على ضرورة أن تدعم السلطات العمومية بالوسائل الملائمة، تنمية الإبداع الثقافي والفني والبحث العلمي والتقني، والنهوض بالرياضة، إلى جانب السعي إلى تطوير هذه المجالات، ومن ضمنها بطبيعة الحال الرياضة، وتنظيمها بكيفية مستقلة على أسس ديمقراطية ومهنية مضبوطة. وباعتبار أن الرياضة تستهدف بالأساس شريحة الشباب، فإن الفصل 33 من الدستور الجديد يدعو السلطات العمومية إلى اتخاذ التدابير الملائمة لتيسير ولوج الشباب للثقافة والعلم والتكنولوجيا والفن والرياضة والأنشطة الترفيهية، مع التشديد على ضرورة توفير الظروف المواتية لتفتق طاقات الشباب الخلاقة والإبداعية في كل هذه المجالات، خاصة من خلال إحداث مجلس استشاري للشباب والعمل الجمعوي. ولن يكون بالمقدور إعطاء دفعة قوية للقطاع الرياضي دون تعزيز البنيات التحتية بتشييد ملاعب وقاعات رياضية متعددة الاختصاصات، وترميم وإصلاح أخرى حتى تكون في مستوى التظاهرات، التي قدم المغرب ترشيحه لاحتضانها، سواء منها القارية أو الإقليمية أو الدولية، ومنها ملعبا مراكش وطنجة، وملعب أكادير، الذي سيكون جاهزا في المستقبل القريب، في أفق تشييد ملعب الدارالبيضاء الكبير، ما سيشكل قيمة مضافة للنمو الاقتصادي والاجتماعي، إلى جانب اعتبارها تستجيب لجميع المعايير والمواصفات الدولية التي ينص عليها الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا)، في أفق احتضان تظاهرات وطنية وقارية ودولية مستقبلا، سيما بعد إسناد اللجنة التنفيذية للكونفدرالية الإفريقية للمغرب تنظيم نهائيات كأسي إفريقيا للأمم 2015 للكبار و2013 للفتيان (أقل من 17 سنة)، وبطولة العالم للسباحة لفئة الشباب سنة 2013، وكأس القارات لألعاب القوى عام 2014، إلى جانب ترشيح المغرب لتنظيم كأس العالم للأندية والألعاب العربية عام 2015. وتنضاف إلى هذه الملاعب أكاديمية محمد السادس لكرة القدم، وأكاديمية محمد السادس الدولية لألعاب القوى بإيفران، ومراكز أخرى للتكوين خاصة في رياضات كرة المضرب والملاكمة وسباق الدراجات والغولف والفروسية. وحظيت رياضة النخبة بكل اهتمام، وسخرت لها جميع الإمكانيات المادية والعملية والتحفيزية لإعدادها في أحسن الظروف بطريقة علمية، حتى تكون في الموعد وتمثل المغرب خير تمثيل في التظاهرات الرياضية الإقليمية والدولية. ومن مظاهر الاهتمام والرعاية بالشأن الرياضي الدعم المادي المهم، الذي بلغ 33 مليار سنتيم موزعة على ثلاث سنوات، المقدم للجنة الصفوة باللجنة الوطنية الأولمبية المغربية لإعداد الرياضيين المغاربة لأولمبياد لندن 2012. من جهة أخرى، تعكس المراكز السوسيو- رياضية للقرب متعددة الاختصاصات، التي سيبلغ عددها ألفا في أفق 2016، الرعاية الملكية الموصولة للفئات الاجتماعية التي توجد في وضعية هشة، خاصة منها الأشخاص ذوو الاحتياجات الخاصة، والشباب والنساء.