أحيى الشرفاء العلميون، أخيرا، بجبل العلم بإقليم العرائش الذكرى السنوية للقطب الصوفي أبي محمد عبد السلام بن مشيش تحت شعار "المدرسة المشيشية الشاذلية: وحدة وتوحيد". ممثلون من وفود القبائل الصحراوية (خاص) وتميزت هذه السنة بحضور حوالي 300 ألف زائر من مختلف جهات المغرب، من أبرزهم الوفود العربية، وممثلو الأقاليم الجنوبية، الذين أعربوا عن مدى تشبثهم المطلق واللامشروط بمغربية الصحراء، وبانتسابهم الروحي لهذه المعلمة الصوفية، التي تمثل بالنسبة لهم مركز القيم المغربية الأصيلة، التي شملت امتداداتها المرجعية كل بقاع المعمور، مشكلة مدرسة سلوكية ومعرفية قائمة بذاتها. وأكد عبد الهادي بركة، نقيب الشرفاء العلميين، في كلمته الافتتاحية، أن هذه الزيارة الكريمة التي يلتقي فيها كل العارفين وأهل الذكر والسماع ومريدو التصوف المعتدل مناسبة لاستحضار آثار الشيخ الجليل ابن مشيش، والانتهال من منبع حقائقه الصوفية بكل أبعادها الجمالية والجلالية، مضيفا أن المغرب يفتخر بتراثه الصوفي السني الذي يعد بحق من مفخرة وحدته وتوحيده. كما أبرز عبد الهادي بركة أن هذا القطب الرباني حظي من طرف سلاطين وملوك الدولة العلوية الشريفة مكانة خاصة، إذ أولوه بالغ عنايتهم، وخصوه بظهائر مولوية سامية، وما زالت عنايتهم متوالية في عهد أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس. وفي إطار تفعيل مسالك هذا المنحى التصوفي الوسطي، ووفاء بأمانة ريادة المدرسة المشيشية الشاذلية، جرى الإعلان عن تنظيم المنتدى العالمي لهذه المدرسة في طبعته الثانية، لما تشكله من منبع أولي بالنسبة إلى كل الطرق الصوفية مغربا ومشرقا تحضره مختلف المدارس الصوفية على الصعيدين الوطني والدولي على غرار ما عرفه المنتدى الأول من حضور وازن لأهل التصوف المنتسبين لأزيد من أربعين دولة. وبخصوص تمثيلية الوفد الصحراوي، صرح عبد الهادي بركة ل"المغربية" أن الذكرى السنوية لصاحب الصلاة المشيشية تعد مناسبة لكافة الشرفاء من أقصى شمال المملكة إلى أقصى جنوبها للتعبير عن وفاء الأخوة وروابطها التاريخية والروحية. وفي هذا السياق قال بركة "نعبر عن سعادتنا، وابتهاجنا بحضور وفد من أحفاد جدنا، وبني أعمامنا يمثلون شرفاء أقاليمنا الصحراوية (الشرفاء الركيبيون، والعروسيون، وآل ماء العينين، والدليميون، وغيرهم من باقي الشرفاء)، مؤكدا حرص الشرفاء العلميين على تمتين روابط الوطن، من خلال التلاحم المتين بين العرش". وفي هذا الصدد أكد كل من حسن الركيبي (ممثل وفد الركيبات) وخداد الموساوي (نائب رئيس المجلس الاستشاري الملكي للشؤون الصحراوية)، وبن علال علي (ممثل وفد الداخلة وواد الذهب الكويرة) وغيرهم من ممثلي الأقاليم الجنوبية، أن المدرسة المشيشية الشاذلية ميثاق روحي وهمزة وصل بين شمال المغرب وجنوبه، كما أنها علامة بارزة على إحياء الماضي وربطه بالحاضر، مع استشراف المستقبل المشترك في إطار الجهوية الموسعة والحكم الذاتي. عن قيمة هذا الحدث الروحي، أبرز الشريف بشير بن محمد الادريسي، نقيب ورئيس الأشراف الأدارسة بالأردن، أن الطريقة المشيشية الشاذلية مدرسة نموذجية في قيم الانفتاح، والاعتدال، والتسامح، والحوار البناء بين مختلف الباحثين عن السلم الداخلي، وعن الخلاص الروحي في زمن طغت تيارات التطرف الديني، والتهافت المادي، مضيفا أن المغرب والأردن تجمعهما علاقات تاريخية متجذرة، إذ استطاعا النهوض بعدة مشاريع تنموية همت مجموعة من القطاعات الحيوية، كما أعرب عن استعداد الشرفاء العلميين بالأردن لتفعيل عدة برامج تهم التعاون في مجال ترسيخ التربية الروحية بتنسيق مع الشرفاء العلميين بالمغرب. وتميزت فعاليات هذا الموسم السنوي بتنظيم ندوات علمية تمحورت حول عدة قضايا صوفية من قبيل "الصلاة المشيشية: السياق والمكونات" بمشاركة نور الدين دنياجي، وعبد الله الترغي، وجعفر الوهابي، ومحسن بنعجيبة، و"نماذج من شرح الصلاة المشيشية للمولى عبد السلام بن مشيش" بمشاركة محمد التمسماني، و"الصلاة المشيشية والتأويل"، الذي قاربه كل من عبد اللطيف شهبون، ومصطفى الحنفي، وعبد الواحد العسري، وعبد الكريم الطرماش. ------------------ الصور الشرفاء العلميون بضريح مولاي عبد السلام بن مشيش (خاص) نبيلة بركة رفقة الوفد الممثل للنساء الصحراويات (خاص)