أفاد محمد برطال، رئيس الجمعية المغربية للوقاية والتربية من أجل الصحة "كفى من التدخين"، أن التدخين يشكل خطرا حقيقيا على الصحة في المغرب وأن أكثر من 18 في المائة من المغاربة يستهلكون التبغ، 34 في المائة منهم رجال، و3.5 في المائة نساء، حسب آخر دراسة ميدانية أجراها مجموعة من الأطباء المتخصصين، بتنسيق وشراكة مع وزارة الصحة. ويأتي الإعلان عن هذه المعطيات، بمناسبة اليوم العالمي للامتناع عن التدخين، الذي يصادف يوم 31 ماي من كل سنة. وأكد برطال، في تصريح ل"المغربية"، أن الإدمان على التبغ يتسبب في 40 في المائة من الأمراض السرطانية بالمغرب، أخطرها سرطان الرئة، كما يتسبب في سرطان الثدي وسرطان عنق الرحم والفم واللسان. وقال برطال، الأخصائي في الأمراض التنفسية، إن "6 في المائة من ميزانية الدولة هي من عائدات الضرائب المفروضة على بيع التبغ، تحصدها وزارة المالية، في حين لا تتوفر وزارة الصحة على المعطيات الدقيقة حول ما تخسره في علاج الأمراض الناتجة عن استهلاك التبغ في عدد من المصالح الطبية"، موضحا أن تأخر صدور قانون رقم 15-91 في الجريدة الرسمية، الذي يكمل ويغير عددا من مقتضيات قانون محاربة التدخين في صيغته الأولى، والذي دخل حيز التنفيذ في فبراير 1996، يساهم في استمرار تنامي ظاهرة التدخين، وفي استمرار انتشار عدد من الأمراض الخطيرة والمزمنة، المرتبط ظهورها أو تفاقمها بالإدمان على التبغ. ورجح الاختصاصي ذاته أن تكون وراء تأخر صدور هذا القانون "ضغوطات تمارسها بعض الجهات، في محاولة للمحافظة على المكاسب المالية العائدة من وراء بيع التبغ". وأبرز أن الأمراض المرتبطة بالتدخين تؤثر على الحياة الاجتماعية للمدخنين، كما تؤثر على الاقتصاد الوطني، من خلال غياب العاملين عن عملهم، والتلاميذ عن مدارسهم بسبب تأثيرات التدخين الصحية، فضلا عن الخسائر الاجتماعية والاقتصادية نتيجة الوفيات بأمراض لها ارتباط بالتدخين بشكل عام. وتفيد تفاصيل نتائج بحث أجرته وزارة الصحة، أن رجلا من ضمن 3 رجال مغاربة مدمن على تدخين التبغ، أي أن ثلث الرجال مستهلكون لهذه المادة، وأن أكثر من 60 في المائة من المدخنين تتراوح أعمارهم ما بين 20 و39 سنة، في حين تصل نسبة الأشخاص المعرضين للتدخين غير المباشر إلى 41.7 في المائة. وينفق المدخنون المغاربة، رجالا ونساء، قرابة 24 درهما يوميا، بمعدل استهلاك يتراوح ما بين 9 و14 سيجارة في اليوم، إذ حددت الدراسة المذكورة النفقات المتوسطة لاستهلاك التدخين في 22 درهما في اليوم. وتزداد نفقات النساء على استهلاك السجائر، مقارنة بالرجال، إذ يصل متوسط إنفاقهن في اليوم ما بين 15 و24 درهما، ولدى الرجال بين 18 وقرابة 22 درهما. ووقفت الدراسة على أن الإدمان على التدخين ينتشر بشكل واسع وسط الأشخاص الأميين، وتزداد نسب استهلاك السجائر وسط النساء، المتراوحة أعمارهن ما بين 20 و29 سنة، كلما ارتفعت مستوياتهن العلمية. ونوه برطال بالخطوات التي ينفذها المغرب في اتجاه خفض نسبة الإدمان على التبغ، رغم عدم مصادقته على الاتفاقية الدولية الإطار لمكافحة التبغ، التي وافق عليها، ضمن العديد من الدول، في انتظار المصادقة النهائية عليها، مبينا أن جمعية للاسلمى لمحاربة داء السرطان نفذت مجموعة من الأنشطة التحسيسية لنشر الوعي بمخاطر الداء، نتج عنها مستشفيات بدون تدخين. من جهة أخرى، أكدت مصادر طبية، اختصاصية في الأمراض التنفسية، في المستشفى الجامعي ابن رشد في الدارالبيضاء، ل"المغربية"، فضلت عدم الكشف عن اسمها، "أن الشركات المصنعة للتبغ تمارس جميع ضغوطاتها للحيلولة دون إلزامها بوضع صور لمرضى سرطان على أغلفة علب السجائر على اختلاف أنواعها، التي من شأنها توعية مستهلكي التبغ بخطورة المادة على الصحة". وأوضحت المصادر أن المغاربة "ينفقون قرابة 900 مليار سنتيم على تدخين التبغ، تتحصلها شركات التبغ، وضمنها ما تتحصله وزارة المالية من الضرائب المفروضة على بيع هذه المادة، ورغم ذلك، فإن هذه الشركات لا تخصص جزءا من عائداتها لتغطية مصاريف الدولة على علاج الأمراض الناتجة عن التدخين". وذكرت المصادر أن الإدمان على التدخين يتسبب، من الناحية العلمية، في خفض أمل الحياة لدى المدخن ب6 دقائق عن استهلاك كل سيجارة، ويفقده 20 سنة من الأمل في الحياة، ناهيك عن تهديده لواحد من ضمن أربعة مدمنين، بالوفاة مبكرا. وأكد الأخصائيون أن مرضا سرطانيا من ضمن أربعة أنواع سببه التدخين، إذ أن الإدمان على التدخين يتسبب بنسبة 30 في المائة من أمراض القلب وتصلب الشرايين، وفي الأمراض الرئوية الحادة (20 في المائة)، وفي السرطان (40 في المائة)، و75 في المائة بالنسبة إلى المرضى بأمراض تنفسية، وفي سرطان الرئة (31.5 في المائة).