ذكر بلاغ تلاه وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى الخلفي، أمس الخميس، عقب انعقاد مجلس للحكومة، أن المغرب أعلن سحب ثقته من كريستوفر روس، المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة للصحراء وطالب بتصحيح المسلسل. وأضاف البلاغ، الذي تلاه مصطفى الخلفي في لقاء مع الصحافة، أن المغرب رجع إلى الأمين العام ليتخذ القرارات المناسبة للدفع بمسلسل المفاوضات الخاصة بقضية الصحراء، وأكد تشبثه بقرارات مجلس الأمن، وفي مقدمتها التفاوض للوصول إلى حل سياسي دائم ومتوافق عليه. وأشار إلى أن المجلس استمع، في هذا الصدد، إلى تقرير لوزير الشؤون الخارجية والتعاون حول التطورات الراهنة لقضية الصحراء المغربية، ونتائج الزيارات الدبلوماسية الأخيرة، التي قام بها لعدد من البلدان وإلى منظمة الأممالمتحدة . وذكر أن المغرب عرض على الأمين العام للأمم المتحدة نتائج تقييمه لتطورات ملف الصحراء المغربية، خصوصا، على ثلاثة محاور، يتعلق الأول بالانزلاقات المسجلة على التقرير الأخير للأمين العام للأمم المتحدة حول الصحراء، وثانيها بتآكل مسلسل المفاوضات، الذي أضحى دون أفق ولا تقدم، وأخيرا، المفارقات المستنتجة من تصرفات المبعوث الشخصي للأمين العام، كريستوفر روس، المتسمة بتراجعه عن المحددات التفاوضية التي سطرتها قرارات مجلس الأمن، وسلوكه لأسلوب غير متوازن ومنحاز في حالات عديدة. وتتواصل ردود الفعل المنتقدة لأداء كرستوفر روس، حول الصحراء المغربية، والمنددة بتحيزه في التقرير الأخير، الذي قدمه بان كي مون إلى مجلس الأمن، في أبريل الماضي. ونددت ثلاثة أحزاب مغربية بتقارير المبعوث الأممي، ويتعلق الأمر بكل من الاستقلال، والتجمع الوطني للأحرار، والتقدم والاشتراكية، في حين اعتبر رئيس رابطة الصحراويين المغاربة بأوروبا أن روس سقط في "مؤامرة مكشوفة". ففي بلاغ لمكتبه التنفيذي، أصدره عقب اجتماع أول أمس الأربعاء، عبر التجمع الوطني للأحرار عن "قلقه العميق حيال ما تضمنه التقرير الأخير المتحيز لكريستوفر روس بشأن القضية الوطنية". وأبرز البلاغ أن هذا التقرير "يستهدف النيل من سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية عندما اقترح توسيع انتداب مهمة المينورسو وإقامة ما سماه بجهاز مراقبة حقوق الإنسان، في الوقت الذي يتجاهل وبشكل سافر الأوضاع الكارثية السائدة بمخيمات الذل بتندوف". واعتبر الحزب، في اجتماعه الأول بعد المؤتمر الوطني الخامس والدورة الأولى للمجلس الوطني أنه "كان على روس أن يقف عند المعايير، التي حددها بتدقيق مجلس الأمن، من خلال إيجاد حل توافقي وواقعي سياسي ونهائي، يعتمد على اقتراح الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب والمدعوم بترحيب دولي وازن وعريض". بدوره، انتقد حزب الاستقلال خطوة روس، الواردة في التقرير الأخير حول قضية الصحراء، مؤكدا أنها تهدف إلى إضعاف "سلطة المغرب على أقاليمه الجنوبية من خلال الدعوة إلى توسيع اختصاصات بعثة المينورسو وخلق آلية لمراقبة حقوق الإنسان". وأبرزت اللجنة التنفيذية للحزب٬ في بلاغ لها، نشر أول أمس الأربعاء٬ أن روس قام بذلك "عوضا عن التمسك بالمحددات والضوابط الأساسية، التي أقرها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة للتوصل إلى حل سياسي عبر المفاوضات في احترام لروح الواقعية والتوافق". كما نبهت قيادة حزب التقدم والاشتراكية روس إلى ضرورة "الالتزام بما يؤطر مهمته بالدرجة الأولى، واحترام المقاربة السياسية التوافقية، التي انتدب من أجل العمل في إطارها، وليس إقحام مقاربات متحيزة بعيدة عن روح المعالجة الأممية المعتمدة. ودعا الديوان السياسي للحزب، في بيان له عقب اجتماعه، أول أمس الأربعاء، بالرباط، توصلت "المغربية" بنسخة منه، إلى "المزيد من تقوية الجبهة الداخلية، وتعميق البناء الديمقراطي والمضي قدما نحو تشييد دولة الحداثة وحقوق الإنسان والمساواة، والتعجيل بتنزيل منظومة الجهوية المتقدمة، وتفعيل برنامج الديبلوماسية الموازية بأبعاده الحزبية والبرلمانية والشعبية"، معلنا أن "المغاربة يتعاملون مع ملف وحدتهم الترابية كقضية مقدسة، وسيظلون معبئين لصيانتها وتأمينها، في أفق الحل الديمقراطي الوطني القائم على منهجية الحكم الذاتي في نطاق السيادة الوطنية". وشددت قيادة التقدم والاشتراكية، على "صحة الموقف المغربي المساند لمساعي مؤسسات منظمة الأممالمتحدة، سواء تعلق الأمر بمجلس الأمن أو الأمين العام أو مبعوثه الشخصي، طالما أن هذا الأخير يظل منسجما في تحركاته ومواقفه مع التوجهات المبدئية للمنتظم الدولي ولمجلس الأمن، الداعمة للحل السياسي المتوافق عليه، تأمينا لآفاق المعالجة الديمقراطية لملف وحدتنا الترابية، وضمان الاستقرار الجيوسياسي، في منطقة تعرف كثيرا من التحديات الأمنية". في السياق نفسه، عبر مولاي المهدي الزيني، رئيس رابطة الصحراويين المغاربة بفرنسا وأوروبا، عن أسفه الشديد للتحيز الواضح، الذي أبداه روس في تقريره الأخير. وقال الزيني، في اتصال مع "المغربية"، أمس الخميس، إنه "عمل سيء يعبر بكل وضوح عن عدم التزام روس بالحياد، فهو انتقل من دور الوسيط إلى دور المدافع عن أطروحة البوليساريو". وأضاف أن "ما تضمنه التقرير الأممي الأخير من دعوة إلى تمديد صلاحيات بعثة المينورسو لتشمل أنشطة سياسية في الصحراء المغربية، في الوقت، الذي تجاهل كليا وضع حقوق الإنسان في المخيمات، يؤكد بوضوح تورط روس في مؤامرة مفضوحة لإفشال عمل الأممالمتحدة وإفراغ قراراتها، الخاصة بقضية الصحراء المغربية من مدلولها، وبالتالي التهرب من خيار المفاوضات، والتمهيد للعودة إلى خيار الاستفتاء". وختم الزيني تصريحه بالقول إنها "مؤامرة مكشوفة، تدافع عنها الجزائر والبوليساريو، ولا يمكن أن تنطلي على القوى الدولية، التي أقرت بفشل خيار الاستفتاء، وعبرت عن دعمها لمقترح الحكم الذاتي، الذي تقدم به المغرب".