أوصت ندوة دولية بمدينة فاس، حول موضوع "زواج القاصرات: مقاربة اجتماعية وثقافية وقانونية"، بإلغاء المادة 20 من مدونة الأسرة، التي تعطي لقاضي الأسرة الحق في الإذن بزواج الفتى أو الفتاة دون سن الأهلية المنصوص عليه في المادة 19 (18 سنة). وأجمع المتدخلون في الندوة، التي نظمها مركز "إيزيس" لقضايا المرأة والتنمية، ومركز جنوب شمال٬ أخيرا، على أن المادة 20 من مدونة الأسرة لم تعد تشكل استثناء في تزويج القاصرات، بل قاعدة، نظرا لقبول أغلب طلبات الإذن بزواج القاصرات من طرف القضاة المكلفين بالزواج بأقسام قضاء الأسرة بمختلف محاكم المملكة، بالتحايل على الفصل 19 من المدونة لتزويج القاصرات، عن طريق وضع القاضي أمام الأمر الواقع، خاصة عندما يتعلق الأمر بقاصر تعرضت للاغتصاب من طرف الراغب في الزواج منها، أو حصل لها حمل من علاقة غير شرعية، أو الزواج بالفاتحة أو عرفيا قبل التوجه إلى القاضي لتوثيق الزواج. كما يجد القاضي نفسه متعاطفا مع حالات محددة، كأن تكون القاصر من عائلة معوزة وتقدم لخطبتها شخص ميسور، فيرى القاضي في زواجها فرصة لانتشالها من الفقر، خصوصا أمام إصرار وقبول القاصر بهذا الزواج وبدعم من أسرتها. وفي مداخلة لها في الندوة، التي نُظمت بشراكة مع الاتحاد الوطني للمنظمات النسائية٬ وبتعاون مع منظمة "أصوات حيوية"، ذكرت القاضية زهور الحور، رئيسة قسم الأسرة بالمحكمة الابتدائية بالدارالبيضاء، وعضوة لجنة إصلاح المدونة، أن مجموع الطلبات المقدمة بالإذن بزواج قاصر، حسب وزارة العدل، وصلت، سنة 2009، إلى 470 ألفا و89 طلبا، ضمنها 99,63 في المائة من الطلبات خاصة بالإناث، قُبل منها أزيد من 99 في المائة، بينها إذن بزواج 149 قاصرة، عمرهن أقل من 14 سنة. وذكرت مليكة بنرادي، الأستاذة بكلية الحقوق بالرباط، استنادا إلى بحث ميداني أشرفت عليه بمدينة طنجة، أن هذه المدينة، المطلة على أوروبا، تحتل المرتبة الخامسة من حيث طلبات الإذن بالزواج المبكر، إذ توصلت المحكمة الابتدائية بطنجة، سنة 2009، ب 712 طلبا، بينها 707 طلبات خاصة بالإناث. أما مينة سوكراتي، الباحثة الجامعية بالدارالبيضاء، فوصفت، في مداخلة بعنوان "إلغاء المادة 20 استعادة لكرامة المرأة"، استمرار تزويج القاصرات بالمس الفظيع بكرامة الفتاة، وقالت إن ذلك يتعارض مع مضمون الدستور الجديد في المساواة بين الجنسين، مطالبة بضرورة ملاءمة مدونة الأسرة مع روح الدستور الجديد، ومع المواثيق الدولية التي وقع عليها المغرب. وأوصت الندوة بإدماج المرأة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وخلق مشاريع مدرة للدخل بالنسبة للأسر القروية، التي تتفشى وسطها ظاهرة تزويج القاصرات، فضلا عن تنظيم حملات تحسيسية على الصعيد الوطني، تساهم فيها جميع الوزارات والمصالح، لتوعية الأسر والشباب والفتيات بخطورة ظاهرة تزويج القاصرات. وشارك في ندوة "زواج القاصرات: مقاربة اجتماعية وثقافية وقانونية" جمعيات شبابية ومنظمات غير حكومية وقضاة ومحامون٬ ومسؤولون حكوميون وبرلمانيون، وكذا متدخلون من خارج المغرب، ناقشوا عددا من المحاور ذات الصلة بموضوع زواج القاصرات، من بينها "الزواج دون السن القانوني"٬ و"العنف ضد النساء والفتيات"، و"استراتيجية مراجعة قانون الأسرة والعوائق التي تحول دون تنفيذها"، و"النتائج المترتبة عن تزويج القاصرات". المادة 19 من مدونة الأسرة: تكتمل أهلية الزواج بإتمام الفتى والفتاة المتمتعين بقواهما العقلية 18 سنة شمسية. المادة 20: لقاضي الأسرة المكلف بالزواج أن يأذن بزواج الفتى والفتاة دون سن الأهلية المنصوص عليه في المادة 19، بمقرر معلل يبين فيه المصلحة والأسباب المبررة لذلك، بعد الاستماع لأبوي القاصر، أو نائبه الشرعي، والاستعانة بخبرة طبية، أو إجراء بحث اجتماعي. مقرر الاستجابة لطلب الإذن بزواج القاصر غير قابل لأي طعن. المادة21: زواج القاصر متوقف على موافقة نائبه الشرعي. تتم موافقة النائب الشرعي بتوقيعه مع القاصر على طلب الإذن بالزواج وحضوره إبرام العقد. إذا امتنع النائب الشرعي للقاصر عن الموافقة، بت قاضي الأسرة المكلف بالزواج في الموضوع.