خلف الشغب الذي شهدته مباراة الكلاسيكو، التي جمعت، أول أمس السبت، في مجمع محمد الخامس، فريقي الوداد البيضاوي والجيش الملكي لكرة القدم، برسم الأسبوع 25 بطولة المحترفين، أزمة ضمير في أوساط الشعب المغربي من أحداث الشغب أول أمس الأحد الجمهور يقتلع حاجزا حديديا (الصديق) واعتبر الكثيرون أن الصور التي نقلتها كاميرات التلفزيون مستفزة ومسيئة في الوقت نفسه. وانطلق الشغب حسب البعض بما اعتبروه "حربا" افتراضية على الفايسبوك، اندلعت قبل المباراة بأسبوع، حين توعد محبو الفريق العسكري بتنظيم "كورطيج"، وانتهى بحرب على أرض الواقع، إذ شهد ما بين الشوطين الأول والثاني هجوما كاسحا للجماهير على رجال الأمن، واقتحموا أرضية الملعب، واحتلوها حوالي عشر دقائق، ما فرض على الحكم هشام التيازي تأخير الإعلان عن انطلاقة الشوط الثاني. وعلمت "المغربية"، من مصادر مطلعة، أن المصالح الأمنية اعتقلت 65 شخصا متهمين بالشغب، 11 منهم سيحالون على ابتدائية الدارالبيضاء في عين السبع، بتهمة "إلحاق خسائر بملك الغير"، ومن ضمن المعتقلين 28 قاصرا. وتحدثت مصادر أخرى عن إيقاف 180 شخصا، سيحال 43 منهم على النيابة العامة بابتدائية عين السبع، بتهم مرتبطة بإثارة الشغب خلال تظاهرة رياضية، ما نتج عنه إلحاق خسائر بأملاك عمومية وخاصة، ورشق قوات الأمن بالحجارة والاعتداء على عناصر الشرطة، واعتراض سبيل مواطنين وسرقة ممتلكاتهم. وركزت تحقيقات الشرطة القضائية مع الموقوفين ما إذا كانت عمليات مهاجمة قوات الأمن موجهة ومخططا لها مسبقا أم عفوية. وشملت الاعتقالات، أيضا، لصوصا اعتادوا استغلال أجواء الفوضى، يتربصون بضحاياهم، قبل مهاجمتهم بشكل جماعي، والاعتداء عليهم وسلبهم ما في حوزتهم، من هواتف محمولة، وحواسيب، وآلات تصوير رقمية، وأموال، وسلاسل ذهبية. وكان رجال الأمن أوقفوا 103 قاصرين قبل انطلاق المباراة، في إطار إجراءات احترازية، لتفادي وقوع أعمال شغب، أُطلق سراحهم مساء اليوم نفسه (السبت). وخرب المشاغبون 25 واجهة زجاجية، و73 حافلة للنقل العمومي، ناهيك عن السيارات الخاصة، والاعتداء على المارة، والسرقة. وقال شهود عيان إن بعض الجماهير كانت تحمل أسلحة بيضاء وزجاجات حارقة، ما يشير إلى أن عملية الشغب كان مخططا لها. وأشارت المصادر إلى إصابة حوالي 60 شرطيا، ضمنهم كولونيل في الأمن، وعميدان في شرطة أنفا، إضافة إلى إصابة حوالي 30 من رجال القوات المساعدة، نقلوا لتلقي العلاج في مستشفى مولاي يوسف والمستشفى الجامعي ابن رشد. وعلمت "المغربية" أن الدارالبيضاء شهدت أمس الأحد اجتماعا جمع مسؤولين أمنيين، على خلفية أحداث الشغب، من أجل مراجعة شاملة، وتغيير الاستراتيجية الأمنية في المجمع الرياضي محمد الخامس، خلال مباريات كرة القدم. وحسب مصادر ودادية، فإن أسباب الشغب واقتحام أرضية الملعب تعود إلى ما اعتبره بعض المحبين إهانة جمهور الجيش لنظيره الودادي، حين نظم ما يعرف عند مجموعات التشجيع "الإلترات" ب "الكورطيج" بالركض تحت حماية العشرات من رجال الأمن والقوات المساعدة، ما أجج غضب جمهور الوداد، واعتبروه "إهانة" في حقهم، لأن الأمن حال دون تصدي جمهور الوداد ل"كورطيج" الجيش لإفشاله. و"الكورطيج" هو تنظيم مسيرة للجمهور الضيف في مدينة الفريق المضيف، من محطة القطار أو الحافلات إلى الملعب، مع ترديد الشعارات، والمرور مشيا عبر شوارع المدينة وأزقتها، إلى حين بلوغ الملعب. وأضاف المصدر أن تنظيم إلترا ل"كورطيج" في ميدان المضيف يعد "وصمة عار" يسجل في تاريخ الفصيل المضيف، ما أجج جماهير الوداد، وجعلها تدخل في مواجهة مع رجال الأمن. وواجه بعض من جمهور الوداد رجال الأمن بخرطوم الماء الخاص بالوقاية المدنية، كما رشقهم آخرون بالحجارة والشهب الاصطناعية، وأصيب من وجد نفسه وسط هذه الفوضى بالذعر، خاصة آباء كانوا يرافقون أبناءهم لمتابعة أطوار المباراة، إذا بهم يجدون أنفسهم وسط حرب استخدمت فيها جميع الأسلحة. ومع كل حدث شغب تجد قاصرين متورطين فيه، ما يدفع إلى التساؤل عن الطريقة التي دخلوا بها إلى الملعب، خاصة أن مسؤولين أمنيين وعمداء أمن عقدوا اجتماعا مطولا، الأحد فاتح أبريل الجاري، بعد أعمال الشغب التي شهدتها مباراة الوداد والنادي القنيطري، في 30 مارس الماضي، جرى الاتفاق خلاله على منع القاصرين بشكل كلي من دخول المباريات الساخنة، وضرورة تفتيش كل الوافدين، ومنع إدخال الشهب الاصطناعية إلى المدرجات.