رغم ابتسامته الدائمة، وروحه المرحة التي تبعث لجمهوره الرغبة في مشاهدته في أدوار كوميدية إلا أنه يحمل في فكره وقلبه هموم بلده المغرب، الذي يأبى إلا أن يغادره إلى الخارج بحثا عن كل ما يمكن للضفة الأخرى، أن تقدمه من نجومية عالمية أو أموال إضافية، إنه الفنان غاني القباج، الذي ترجم حبه لوطنه، وانشغاله بهمومه، إلى أغنية جديدة أصدرها منفردة "سينغل"، بعنوان "غير هوما". عن رسالته الاجتماعية التي يوجهها من خلال "غير هوما"، وعن المنافسة في المجال الفني، وعن عشقه للموسيقى والغناء، الذي لا يمكن أن يقارن بموهبته وملكته في خلق الابتسامة على شفاه الجمهور، كان لغاني مع "المغربية" الحوار التالي. أصدرت أخيرا أغنيتك "السينغل" "غير هوما"، بعد إطلاقك مجموعة من الأغاني المنفردة، هل ابتعدت عن إصدار الألبومات، أم أصبحت تخاف من هذه الخطوة؟ في رأيي أن الفنان أصبح مجبرا على إصدار الأغاني "السينغل"، في ظل أزمة صناعة الألبوم التي تشهدها الساحة الفنية في الوقت الراهن، مقارنة مع وقت سابق، خاصة أن الألبوم لم يعد يلقى الإقبال الجماهيري المعهود، وأضحى الانترنت خير وسيلة لتحميل الأغاني العالمية. ومع ذلك، ففي رصيدي إلى الآن، 13 ألبوما غنائيا، وأحضر لألبومي الجديد، الذي يعتبر جاهزا تقريبا، إلا أن مشكل الإنتاج والتوزيع يبقى عائقا وهاجسا دائما بالنسبة لي ولزملائي من الفنانين. وفي هذا السياق، حاولت أن أنشئ موقعا إلكترونيا، من المنتظر أن يرى النور في غضون الأسابيع المقبلة، سيسمح للجمهور بتحميل جميع الأغاني المفضلة لديهم. ويهدف الموقع إلى دعم الإبداع الفني وتفادي أزمة التوزيع والقرصنة، وأتمنى أن يجد هذا الموقع الإقبال المتوخى، وأن يخدم الفن المغربي والفنانين المغاربة. تعتبر أغنية "غير هوما"، لونا جديدا على غاني القباج، مقارنة مع أعمالك الفنية السابقة، كيف جاءت فكرة الأغنية وإلى من توجهها؟ "غير هوما"، من كلمات مصطفى الكومري وألحاني، أما التوزيع فمشترك بين لحميد الداوسي وروبين من البيرو. وتدخل أغنيتي الجديدة، في إطار الأغاني الاجتماعية، اخترت من خلالها الابتعاد أولا عن الأغاني العاطفية، وثانيا، ترجمة واقع معيش، والتعبير عما يدور في المجتمع، والتطلع إلى غد ومغرب أفضل. وأؤكد أنه من خلال "غير هوما"، أحاول الوقوف إلى جانب كل من يسعى للنهوض بالمغرب، وضد كل من يفكر فقط في المصلحة الشخصية، مؤمنا بأن المواطن المغربي يجب أن يفكر في بلده أولا قبل نفسه. أي الفنانين الشباب من أبناء جيلك تعتبره منافسا قويا لك؟ أعتقد أن لدي طريقة وأسلوبا مختلفين، بدأت به مساري الفني منذ سن 16، سواء على مستوى الأغاني التي أؤديها أو طريقة الأداء، ولا أقول أنني الأفضل، لكنني أحمد الله على أنني نجحت بعد 20 سنة من العطاء في أن أعرف الجمهور بأغاني وأعمالي الفنية. ولا أعتبر أن هناك منافسة بقدر ما أن هناك تنوعا فنيا وموسيقيا، يسمح للجمهور المغربي الذواق للفن، باختيار ما يفضله من الألوان الغنائية. بدأت مسيرتك الفنية خارج المغرب، لماذا لم تفكر كغيرك من الفنانين في الاستقرار في الخارج؟ فعلا بدأت في الخارج، ولم أعد إلى المغرب إلا سنة 2005، ولن أقول إن أعمالي الفنية وصلت إلى العالمية، لكنني راض عما قدمته هناك. وبصراحة، رغم كل ما يمكن للفنان أن يحققه من نجاح خارج بلده، يبقى للتميز والنجاح في الوطن طعم مختلف، ورغم ما لدي من أصدقاء فنانين في فرنسا، تعاملت معهم في مجموعة من الإنتاجات الفنية الموسيقية، إلا أن طريقة العمل الفني في فرنسا، لم تتلاءم مع مبادئي وأفكاري الخاصة، وأعمالي الفنية أيضا. وأؤكد على أنني أفتخر بأي شيء يرفع راية بلدي عاليا، لذلك يؤلمني ألا منح المغرب قيمة لابنه الفنان، إلا عندما تمنح له من الخارج. في حديثك تذكير بالموهبة الصاعدة دنيا باطما، التي حققت نجاحا كبيرا أثناء مشاركتها في برنامج "عرب آيدل"، بالمناسبة، ما رأيك في المواهب الغنائية في المغرب؟ شخصيا أشجع الفن المغربي، ولدينا مواهب وطاقات كبيرة، أمثال دنيا، والأكيد أنه إذا استثمر المغرب فنانيه ومواهبه بشكل جيد، وقدم لهم الدعم والمساندة، فسينصب ذلك بالإيجاب على جميع القطاعات، وسيحسن من صورة المغرب في الخارج. وأرى أنه من الضروري وضع الفن ضمن الأولويات، كمجال قائم الذات، يساهم بشكل فعال في خلق التوازن في أي بلد. أما في ما يخص موهبة دنيا باطما، فلا جدال حولها، وأظن أنها ستحقق النجاح الفني الكبير، في حال ما إذا استطاعت استغلال الرواج الإعلامي المحيط بها في الفترة الحالية، بالاعتماد على موهبتها الكبيرة أيضا، والدليل أننا نسمع عن دنيا الآن، أكثر من المصرية كارمن سليمان. تتمتع بروح مرحة، لماذا لا تفكر في التمثيل وتقديم أعمال كوميدية؟ فكرت في ذلك مرارا، لكنني أخشى أن أفقد مصداقيتي أمام عشاق الموسيقى والغناء، في حال ما إذا قدمت أعمالا فنية كوميدية. ولا أنكر أنني تلقيت مجموعة من العروض، وضغط علي مجموعة من الأصدقاء من الفنانين الفكاهيين، بأن أخوض غمار هذا المجال، لكنني مازلت مترددا. وفي الحقيقة، أفضل الغناء، لأنني أجده أصعب، سواء من حيث التلحين أو كتابة الكلمات، أما الكوميديا فأسهل بكثير.