كثيرة هي الحالات التي لا يكون فيها السجن كافيا لرد المخطئين عن غيهم، لأن وضعهم يؤكد أنهم في حاجة إلى المساعدة ليعيشوا حياة طبيعية بعد قضاء العقوبة الحبسية. وفي مثل هذه الحالات، ينبغي إخضاع المعنيين بالأمر للعلاج النفسي خلال وجودهم في السجن، وبعد تمتيعهم بالحرية، ولعل بومدين خوار، المعروف ب"المهدي المنتظر"، الذي أدانته المحكمة الابتدائية بوجدة، يوم الجمعة الماضي، بالسجن ثلاث سنوات سجنا نافذا، وغرامة 3 آلاف درهم، واحد من النماذج التي تحتاج إلى المتابعة الطبية لتقويم الخلل النفسي الذي يعانيه. والأكيد أن علاج "المهدي المنتظر" ليس هينا لأن الرجل متشبث بمواقفه، ولم يعد يهمه أن يتعرض للخطر، بل إنه يعتبر ذلك امتحانا له، فرغم أن بومدين خوار، كان يمثل أمام هيئة المحكمة في حالة اعتقال، ولم يكن يفصل بينه وبين المكوث في السجن مدة طويلة سوى شعرة معاوية، فإنه لم يأبه بذلك، علما أن الطبيعي هو أن المرء حين يكون في مثل هذه المواقف، يكون مثل الغريق، إذ يبحث عن أي قشة ليمسك بها عساه يعبر إلى شط النجاة، فالمثالي هو أن يلجأ المرء إلى كل الوسائل التي تمكنه من الإفلات من العقاب، لكن "المهدي المنتظر" آمن بأنه نبي وظل متشبثا بادعاءاته، مؤكدا أن الجيوش الإسلامية ستلتف حوله، وتحقق بشارته، حتى بعد إدانته، وأن جميع الأنبياء تعرضوا للظلم لإيصال رسالتهم. إن طرد الأوهام من مخيلة خوار، لا يكفلها السجن، بل العلاج، درءا للفتنة.