يعتبر "ضرس العقل" من الأسنان التي تثير قلق العديد من الأشخاص، الذين يترددون في قلعها، خوفا من الشعور بألم شديد أو التعرض لمضاعفات جانبية. في ما يلي، يجيب الدكتور محمد جرار، طبيب اختصاصي في جراحة الفم والأسنان، ورئيس هيئة الأطباء جراحي الفم والأسنان، عن مجموعة من الاستفسارات التي يضعها مواطنون، حول الحالات التي يجب فيها قلع ضرس العقل، وما الاحتياطات الضرورية الواجب احترامها قبل المرور إلى العملية الجراحية التي تختلف أنواعها من ضرس إلى آخر. ما هو ضرس العقل؟ - ضرس العقل، هو الضرس الدائم الثالث، وهو آخر ضرس يظهر من الأسنان في الفم، ويبلغ عدده أربعة، تتشكل وراء الفك، وتظهر ما بين سن 16 و25 سنة، ولذلك تسمى بضروس العقل، إشارة إلى المرحلة العمرية التي تتشكل فيها. وتبعا لهذا التأخر في الظهور، فإنه، في أغلب الأحيان، يتعذر بزوغها بشكل طبيعي، بعد ألا تجد مكانا يتسع لها، فتظل منغمسة في عظم الفك، وهو ما يؤدي إلى تزاحم الأسنان القريبة منها أو إلى تزحزحها. كما أن صعوبات بزوغها تساهم في حدوث تسوس موضعي للأسنان القريبة منها أو إلى إصابة اللثة بأمراض والتهابات، ناهيك عن أنها تتسبب في الشعور بآلام لا تحتمل، وحدوث انتفاخات، لا يستطيع معها المريض مضغ الطعام. وأشير إلى أن اكتشاف حالات انغماس ضرس العقل في عظم الفك، يجري بشكل عرضي في عيادات طب وجراحة الأسنان، خلال فحوصات على المرضى المقبلين على تقويم إعوجاج الأسنان. متى يجري اتخاذ قرار قلع ضرس العقل؟ - عندما يصبح مصدر ألم أو تعفن أو تسوس الأسنان أو سببا في اختلالها، أو إذا تبين أن له تأثيرا على جمالية الأسنان الأخرى، بحيث تساهم في إعوجاج الأسنان الأمامية، خصوصا إذا كان في تموضوع أفقي. كما يتخذ القرار ذاته، عندما يكون منغمسا كليا تحت عظم الفك، أو عندما يكون نصفها منغمس تحت عظم الفك، سيما في حالة تموضعه العمودي. إلا أنه قبل قلعه، يصف الطبيب الجراح علاجا أوليا، عبارة عن مضاد حيوي لمقاومة التعفن، على أساس منح المريض علاجا تكميليا بعد القلع. أليس لضرس العقل دور في الفم؟ - إذا حظي ضرس العقل بمكان له في الفم، ونشأ بشكل طبيعي، وتمكن من البزوغ، فإنه يلعب دوره الطبيعي في عملية المضغ. وخلافا لذلك، فإن وجوده يصبح مصدر مشكلة صحية، عندما تكون تموضعاته غير مناسبة. ما الخطوات التي تسبق عملية القلع؟ - قبل قلع ضرس العقل، فإن الطبيب الجراح مطالب بتحضير المريض نفسيا وطبيا، لتكون حالته النفسية والصحية، على استعداد لإزالة الضرس. المشكلة التي نصادفها في المغرب، هي أن المواطنين العاديين يروجون لأفكار خاطئة، وحكايات مخيفة حول عملية قلع ضرس العقل، ما يزرع الرعب في نفوس المرضى، ويتوجهون إلى عيادات الطبيب بحمولة نفسية سلبية، يكون خلالها المريض منهكا ومتعبا، من فرط عزوفه عن الأكل، وعدم خلوده للنوم والراحة. *** ما هي طرق إزالة ضرس العقل؟ - قبل أي شيء، يطلب من المريض إجراء فحص إشعاعي "بانورامي" لمعرفة نوعية ضرس العقل، وتموضعه في الفم، وتحديد علاقته بالأسنان المحيطة، واتجاهه، حول ما إذا كان عمودي أو أفقي، إلى جانب التعرف على عدد جذوره وشكله. كل ذلك تحضيرا لعملية القلع، التي يمكن أن تجري إما بطريقة عادية، مثل باقي الأسنان، أو باللجوء إلى عملية جراحية. وما أشدد عليه، هو الحرص على أن تجرى العملية الجراحية لدى طبيب اختصاصي في جراحة الفم والأسنان، يتوفر على خبرة وتجربة، ويتوفر على التجهيزات والإمكانات الطبية التي تضمن مرور العملية في ظروف صحية وآمنة من التعرض لعدوى بأمراض خطيرة، مثل السيدا والتهابات الكبد الفيروسية. بالنسبة إلى طرق قلع الأسنان، فإنها تختلف حسب تموضعات الضرس، بحيث إذا كانت منغمسة تحت عظم الفك، فإن الطبيب الجراح يجري عملية شق، وإزالة العظم المتمدد فوق الضرس، لينكشف تاج الضرس المنحشر، ثم يخلع الضرس كاملا أو بتقسيمه جراحيا على شطرين، بعد ذلك، يغلق الموضع بالغرز بشكل جيد حتى لا تتجمع الميكروبات. ما مدى صحة حديث البعض عن إمكانية تعرض الفك لكسر أثناء قلع الضرس؟ - يحدث ذلك إذا توجه المريض لدى صانع للأسنان، غير مؤهل قانونيا وعلميا لمزاولة المهنة، أو لدى طبيب غير اختصاصي في جراحة الفم والأسنان. ويحدث ذلك من فرط الجهد الممارس على الضرس لإزالته، ما يتسبب في ضرر بعظم الفك. لذلك، يمكن للمريض استشارة هيئة الأطباء الجراحين والاختصاصيين في الأسنان للتعرف على لائحة الأطباء الاختصاصيين في جراجة الفم والأسنان، والمسجلين ضمن الهيئة، لحمايتهم من أي ضرر. ما نوعية التخدير المستعمل خلال هذه العمليات، وهل يكون موضعيا أم عاما؟ - شخصيا، أرجح التخدير الموضعي أو الجهوي، أي تخدير نصف الفك، حيث يوجد الضرس، إلا أنه يمكن اللجوء إلى التخدير العام، حين تدعو الضرورة إلى ذلك، مثل حالة الأطفال، كثيري الحركة، أو الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، أو الذين يشكون اضطرابا نفسيا، حينها يجب إجراء العملية في المصحة. ما هي الإرشادات التي يجب اتباعها بعد عملية قلع الضرس؟ الحرص على تجنب عض الخد، أو الشفتين، أو اللسان تحت تأثير المخدر، كما يجب وضع قطعة من الثلج على مكان الضرس، وتجنب شرب أي مشروب ساخن، أو التعرض لأي مصدر من مصادر ارتفاع درجة الحرارة في الجسم، لتفادي حدوث نزيف دموي. ويفضل وضع قطعة الثلج في مكان الضرس لمدة 15 دقيقة، بعد مغادة عيادة الطبيب وعدم المضغ عليها، كما يفضل تجنب تنظيف الأسنان المجاورة لمكان الضرس، يوم الخلع، الذي يجري التئامه. ومن النصائح، أيضا، الابتعاد عن النوم على الجانب الذي أزيل منه الضرس، علما أنه يمكن منح المريض أدوية مهدئة للألم أو مضادات حيوية، حسب حالة كل مريض. بعد خلع الضرس، يستحسن شرب سوائل باردة، وتجنب الساخنة، وتناول أطعمة خفيفة مغذية، كما يجب أن الاستمرار في تنظيف الأسنان بالخيط والفرشاة، تنظيفا تاما مرتين في اليوم على الأقل، باستخدام معجون الأسنان المحتوي على مادة الفلوريد.