قال سعد الدين العثماني٬ وزير الشؤون الخارجية والتعاون٬ يوم الجمعة المنصرم، بالرباط٬ إن الدبلوماسية المغربية٬ سيما خلال عضوية المغرب غير الدائمة بمجلس الأمن٬ ستواصل جهودها لكي يظل المقترح المغربي حول الحكم الذاتي الأرضية الوحيدة للتفاوض لما يتسم به من روح الابتكار والتوافق. وأبرز العثماني، خلال تقديمه لمشروع الميزانية الفرعية لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون برسم سنة 2012، أمام لجنة الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية والمغاربة المقيمين بالخارج بمجلس النواب٬ أن هذا المقترح يشكل "حلا معقولا وواقعيا من شأنه إنقاذ حياة الكثيرين وتوفير الكثير من المال". وأكد أن المبادرة المغربية للحكم الذاتي تستمد قوتها من ملاءمتها للمعايير الدولية والقانون الدولي في مقابل تجاوز الاستفتاء، الذي يتشبث به الطرف الآخر٬ والذي أصبح غير ذي جدوى منذ 1999. وقال إن أولى أولويات العمل الدبلوماسي الوطني٬ هي الدفاع عن السيادة الوطنية٬ واستكمال الوحدة الترابية للمملكة. وأشار إلى أن المغرب حقق، منذ 2007، اختراقا ملحوظا لحالة الجمود التي ظلت تطبع قضية الصحراء المغربية بفضل المبادرة المغربية للحكم الذاتي والتي أشاد بها المجتمع الدولي بكونها واقعية وجدية وذات مصداقية وتساير المعايير الدولية٬ ولها نفس قوة الدلالة التي يحملها مبدأ تقرير المصير ومبدأ الوحدة الترابية. وأبرز أن التحولات الراهنة في المنطقة العربية والمغاربية تؤكد صواب المبادرة المغربية لحل هذا النزاع المفتعل٬ مشيرا إلى أنه سيجري العمل في هذا الصدد، على الحفاظ على المحددات التي ارتكز عليها القرار 1979 لمجلس الأمن في أبريل 2011، الذي يطلب من كافة الأطراف التحلي بروح التوافق والواقعية لإيجاد حل للنزاع الإقليمي المفتعل حول الصحراء المغربية. وأكد أنه سيجري الحرص وبذل الجهود لتطابق قرارات أجهزة الأممالمتحدة المعنية بالقضية الوطنية (الجمعية العامة ولجنة 24 لتصفية الاستعمار)، وتوصيات المؤتمرات الدولية (كمؤتمر القمة الوزارية لدول عدم الانحياز) مع قرارات مجلس الأمن الدولي التي تدعو كل الأطراف للانخراط في مفاوضات جادة وجوهرية للتوصل إلى حل سياسي متوافق عليه. وأضاف أن من بين الأعمال التي ستنجز٬ مواصلة العمل على تعزيز المكتسبات بخصوص سحب الاعترافات بالجمهورية الوهمية٬ مذكرا بأن مجموعة من الدول سحبت اعترافها بالجمهورية الوهمية كزامبيا وبابوازي، وغينيا الجديدة، وأخرى جمدت اعترافها بها٬ مشيرا إلى أن عدد الدول التي سحبت اعترافها منذ سنة 2000 تصل إلى 34 دولة (10 في إفريقيا، و10 في أمريكا اللاتينية والكراييبي، و12 في آسيا وأوقيانوسيا و2 في أوروبا). كما سيجري العمل على إشراك الممثلين الحقيقيين للأقاليم الجنوبية ضمن دينامية جديدة من شأنها "تفنيد مزاعم الذين لا يتوفرون على أي سند قانوني أو دعم شعبي أو شرعية ديمقراطية ويدعون تمثيلهم الحصري لسكان الصحراء٬ والتعريف بالجهوية الموسعة٬ التي تمت دسترتها٬ كمدخل لتمكين سكان جهة الصحراء من تدبير شؤونهم بأنفسهم كأول جهة من جهات المملكة تستفيد من هذا النظام المتقدم للحكامة الجهوية. وعلى المستوى الإنساني٬ أكد الوزير على ضرورة تفعيل نداء الأمين العام للأمم المتحدة في تقريريه حول الصحراء المغربية الصادرين سنة 2010 و2011، وكذا قرار مجلس الأمن رقم 1979، بخصوص تمكين المفوضية السامية للاجئين من إحصاء سكان مخيمات تيندوف كإجراء يضمن حقها الإنساني والطبيعي في الحماية القانونية الدولية. كما شدد على أهمية دعم برنامج إجراءات بناء الثقة تحت إشراف المفوضية السامية للاجئين٬ الذي مكن سكان تيندوف٬ في إطار برنامج تبادل الزيارات العائلية٬ من الالتقاء بذويهم بأقاليمنا الجنوبية٬ وفك الحصار المضروب عليهم من لدن (البوليساريو)٬ والتخفيف من معاناتهم بسبب الظروف اللاإنسانية والمأساوية داخل المخيمات. وسجل العثماني٬ من جهة أخرى٬ أنه خلال الجولة الأخيرة من المفاوضات غير الرسمية في مانهاست لوحظ، "تشبث (البوليساريو) بالتصورات المتجاوزة لحل النزاع المفتعل٬ رغم خفض في النبرة الحادة لخطابهم".