يشهد سوق الأدوية في المغرب غياب أدوية مهمة، تشكل البروتوكول العلاجي الأساسي لمكافحة مجموعة من الأمراض السرطانية، لدى الكبار والصغار بسبب إحجام عدد من شركات صناعة الأدوية عن تسويقها في المغرب لضعف هامش الربح، في حين تزود المستشفيات والصيدليات بأدوية باهظة الثمن. ويتسبب غياب هذه الأدوية في تعطيل النظام العلاجي لمرضى السرطان، والتأثير سلبا على مستوى جودة علاجات المصابين لمقاومة الخلايا السرطانية النشيطة في الجسم. وقال محمد الخطاب، رئيس مصلحة أمراض الدم والسرطان بالمركز الاستشفائي ابن سينا في الرباط، في تصريح ل"المغربية"، إن الأمر يتعلق بدواء "Actinomycine D "، الذي توقف تسويقه في الصيدليات، منذ 6 سنوات، وهو دواء رئيسي ضمن البروتوكول العلاجي الموجه للأطفال المصابين بسرطان الكلي، وله وظيفة علاجية مهمة في وقف تطور الخلية السرطانية. وأكد الخطاب أن هذا الدواء لا بديل له، ولا يمكن تعويضه بأي دواء آخر، وهو عبارة عن حقن من فئة 0.5 ميليغرام، لا يتعدى ثمنها 40 درهما، مقابل ما يتصف به من فعالية ونجاعة علاجية كبيرتين، كما يدخل في البروتوكول العلاجي المكمل لمقاومة الخلية السرطانية لدى المصابين بسرطان العظام "Ewing"، وسرطان العضلات، سواء لدى فئة الصغار أوالكبار. ويغيب في الصيدليات، أيضا، دواء "Natulan"، العلاج الرئيسي لمكافحة الخلية السرطانية للغدد اللمفاوية، أو ما يعرف لدى العموم بسرطان "الولسيس"، وعلميا مرض "الهودشكين"، وهو عبارة عن أقراص من فئة 50 ميليغراما، لا يتوفر بديل له في المغرب. ويتميز هذا الدواء بفعاليته العلاجية، ولذلك يستمر العمل به في أوروبا وأمريكا، ويغيب في المغرب، بسبب هامش ربحه الضعيف، من وجهة نظر شركات الأدوية، علما أن سعره محددا في 500 درهم للعلبة. ويتعلق الدواء الثالث، ب"Hydroxyurée"، المعروف بالاسم التجاري "Hydrea"، عبارة عن أقراص من فئة 500 ميليغرام، يدخل ضمن التركيبة العلاجية الأساسية لعلاج سرطان الدم الحاد، كما يدخل ضمن علاج مرضى فقر الدم المنجلي، الذي اختفى من المغرب منذ سنة، وكان يباع في الصيدليات ب60 درهما، ما دفع جمعية للاسلمى لمحاربة السرطان إلى تقديم هبة من هذا الدواء لمرضى السرطان، من الولاياتالمتحدة، لتغطية الطلب عليه ومساعدة المرضى على الولوج إلى العلاجات. ودعا الخطاب وزارة الصحة إلى التدخل لوقف معاناة مرضى السرطان وأطبائهم المعالجين، عبر الضغط على الشركات المصنعة والموزعة، لجلب وتسويق هذه الأدوية، رغم ضعف هامش الربح منها، حماية للمصلحة العامة، سيما أنه يسمح لهم بتسويق أدوية أخرى، من الجيل الجديد، معروفة بغلاء كلفتها. وشدد الخطاب على ضرورة تحرك مديرية الأدوية، لتشكيل خلية خاصة بتتبع الأدوية المختفية، أو المنتهية كمياتها في الصيدليات، لدراسة ملفاتها واتخاذ الإجراءات اللازمة لتوفيرها، ولوقف معاناة الطبيب المعالج، الذي يصطدم يوميا بحالات مرضية، يتعثر علاجها بسبب غياب هذه الأدوية، بينما توجد الإمكانات العلمية والعلاجية لإنقاذ حياة المرضى.