علمت "المغربية" أن الصيدليات المغربية باتت تفتقر إلى عدد من الأدوية الخاصة بعلاج أنواع مختلفة من الأمراض السرطانية، ما يؤثر على فعالية البروتوكول العلاجي الموصوف للمريض، وعلى صحته، فضلا عن الارتباك، الذي يخلقه الأمر وسط المصالح الطبية. وقالت المصادر إن من بين الأدوية "المفقودة"، دواء "ماتولون"، المعروف وسط الأطباء باسم تركيبته "غوكابازيل"، وهو من الأدوية الناجعة في مقاومة السرطان من النوع الهودشكيني المتقدم، ولا يتعدى ثمنه، عادة، 70 درهما، إلا أن المرضى يضطرون، حاليا، إلى توصية أقاربهم ومعارفهم لجلبه من الخارج، بكلفة تصل إلى 168 أورو. ينضاف إلى ذلك غياب دواء "ألكيرو" من الصيدليات، رغم ضرورته لإجراء عمليات زرع النخاع، ما يدفع بالفريق الطبي إلى توظيف العلاقات المهنية والشخصية لتوفيره من لدن بعض المختبرات أو الجمعيات، لضمان إتمام البروتوكول العلاجي. وفي حالات أخرى، يلجأ الطبيب المعالج من تغيير الدواء بآخر، رغم عدم اقتناعه بعملية الاستبدال. واعتبرت المصادر أن الجهات الوصية ملزمة بالتدخل لحل هذه المشكلة، رغم أن سوق الأدوية في المغرب تتوفر على حوالي 90 في المائة من الأدوية الخاصة بعلاج أكثر الأنواع انتشارا من السرطان في المغرب، مقارنة بدول إفريقية أخرى، إلا أن تكلفتها المادية تظل باهظة الثمن، وليست في متناول جميع المرضى، حسب المصادر نفسها، التي ترى ضرورة الانتباه إلى وضعية المرضى المعوزين وتوفير أدوية تناسب قدرتهم الشرائية، سيما أن ثمنها يتراوح بين 50 و200 درهم. ومن الأدوية الباهظة الثمن، دواء "مابيطا"، الذي يكلف 21 ألف درهم لوحدة، يجب تكرارها ثلاث مرات في الشهر، ودواء "كريفيك"، الذي يكلف المصابين 27 ألف درهم، ويتحتم على المريض بالسرطان أخذ وحدة منها مرة في الشهر لمدة تصل أو تفوق 7 سنوات، حسب كل مصاب. نتيجة لهذا الواقع، يدعو الأطباء المتخصصون في علاج السرطان وزارة الصحة إلى "التدخل في أسرع وقت ممكن، للضغط على مختبرات الأدوية، للعب دورها في توفير الأدوية المطلوبة، بغض النظر عن عدم رضى هذه المختبرات عن هامش ربحها من الأدوية المذكورة. من جهة أخرى، تحدثت مصادر ل "المغربية"، عن أن الأطباء الأخصائيين في علاج الأمراض السرطانية في المستشفى الجامعي ابن رشد، بالدارالبيضاء، يدفعون في اتجاه توقيع اتفاقية شراكة بين إدارة المستشفى المذكور ومؤسسات التأمين الصحي، والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ومؤسسة الاحتياط الاجتماعي، لضمان استمرار توفر الأدوية، ووقف الآثار السلبية للإجراءات الإدارية لتموين المصالح الطبية بالأدوية. وقالت رجاء قصار، أخصائية في علاج السرطان في مستشفى 20 غشت، بالدارالبيضاء، ل"المغربية"، إن من شأن "توقيع الاتفاقية ضمان عدم نفاد الأدوية الخاصة بالأمراض السرطانية، من خلال التزام المختبرات المصنعة للأدوية بتموين المستشفى، دون اللجوء إلى مسطرة الصفقات، وسلك المساطر الإدارية، التي تؤجل التوصل بالدواء، وتعجل بتعطيل البروتوكول العلاجي لدى المريض". وأوضحت أن إدارة المستشفى ستتولى، حسب الاتفاقية، مهمة أداء كلفة الأدوية المتوصل بها من قبل المصالح الطبية، على أساس أداء الفاتورة بعد شهرين من التوصل بها، وأن هذا النوع من الأدوية باهظ التكلفة، وتتراوح قيمته بين 2 و3 ملايين سنتيم. وذكرت قصار أن توفير هذه الأدوية باهظة الثمن للمرضى، الذين لا يتوفرون على تغطية صحية إلزامية، يجري من خلال اللجوء إلى جمعيات المرضى، مثل جمعية "أجير"، وجمعية للاسلمى لمحاربة داء السرطان، وعدد من المحسنين، يتطوعون لتوفير هذه الأدوية. ولوقف معاناة المصابين المعوزين، ذكرت قصار أنه يجري التحضير لاعتماد خطة ترمي إلى توفير الأدوية بجميع المرضى، كبارا وصغارا، بشكل مجاني، في انتظار اعتماد خطة عمل موازية، ترمي إلى تحديد سقف لتعرفة موحدة في كل مصلحة طبية، تضم العلاجات الطبية وتوابعها، من تحاليل طبية وأشعة، لتوحيد الخطاب بين الأطباء، واستعداد المريض لكلفة العلاج.