تحت شعار "الرهانات والتبعات الأمنية للتحولات الجارية في منطقة شمال إفريقيا" انطلقت صباح أمس الجمعة، بمدينة مراكش، أشغال الندوة الدولية الثالثة لمنتدى الأمن القومي لدول شمال إفريقيا والوطن العربي بمشاركة أزيد من 150 خبيرا أمنيا، يمثلون 60 دولة، وممثلي هيئة الأممالمتحدة، والحلف الأطلسي، والأنتربول، وممثلي الاتحادين الأوروبي والإفريقي المهتمين بالجانب الأمني. وسينكب المشاركون في الندوة الدولية المنظمة من طرف الفدرالية الدولية الإفريقية للدراسات الاستراتيجية، بتعاون من المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية، على مناقشة وتمحيص المحاور التي تعد رهانا في ربح السلم بالمنطقة الإفريقية، من قبيل التداعيات الجيو سياسية واستراتيجيات التحول في شمال إفريقيا، وتحليل تطور المخاطر والتهديدات بشمال إفريقيا، والقطيعة الاستراتيجية والجيو سياسية غير المستقرة، والأبعاد الأمنية لرهانات التحول في المنطقة. كما سيناقش المشاركون المخاطر المحدقة، من خلال مناقشة تناسل شبكات المرتزقة وتجار السلاح، ومستقبل الجماعات الانفصالية، والعوامل الجديدة لانتقاء الأمن في منطقة الساحل والصحراء، والتهديدات الإرهابية الجديدة ممثلة في بعض التنظيمات المعروفة من قبيل تنظيم القاعدة في شمال إفريقيا. وستتيح نقاشات المشاركين، الذين يمثلون مشارب مختلفة، تعميق البحث في القضايا التي تهم القارة الإفريقية بالدرجة الأولى، وخلق مناخ جديد يخدم الأمن والاستقرار ببلدانها. كما سيتدارس المشاركون، الذين يمثلون الأجهزة الأمنية الحكومية المختلفة، موضوع شبكات الاتجار في المخدرات الصلبة، والعمل على إيجاد الحلول الكفيلة برفع التحديات لمواجهة كافة المخاطر التي تهدد السلم بمنطقة شمال إفريقيا، ووضع استراتيجية أمنية مشتركة بين دول شمال إفريقيا والوطن العربي لمواجهة الجماعات الإرهابية المتطرفة بمنطقة الساحل الإفريقي جنوب الصحراء، خاصة بعد تسريب أسلحة إلى جماعات إرهابية في ليبيا، بعد سقوط النظام. وقال محمد بنحمو، رئيس الفدرالية الدولية الإفريقية للدراسات الاستراتيجية، إن الوطن العربي عاش تغييرات كبرى على صعيد إعادة تشكل الأنظمة من جهة، وظهور بعض الظواهر التي لها علاقة بالسياسة الأمنية، سواء ما تعلق بتهريب الأسلحة مثلا في منطقة الساحل والصحراء الشاسعة المساحة، والتي تعد مجالا خصبا لتحرك آمن للجماعات الإرهابية المتطرفة، أو بشبكات الاتجار الدولي في المخدرات والبشر، وتطور نشاط الجماعات المرتزقة التي تتاجر في كل شيء، وتقدم خدمات مخالفة للقانون مقابل تحصيل منافع مالية. وأضاف بنحمو، في تصريح ل "المغربية"، على هامش أشغال الندوة الدولية الثالثة حول الأمن بإفريقيا، التي تنظمها الفيدرالية بمراكش على مدى ثلاثة أيام، أن ثمة اليوم وعي جماعي حقيقي لدى المسؤولين الأفارقة والعاملين في مجال الأمن بالقارة السمراء، بضرورة القيام بشكل مستعجل بصياغة تصور إفريقي للتعاطي مع المشاكل الأمنية بالقارة يأخذ بالاعتبار خصائص كل بلد على حدة، وطبيعة التهديدات التي تواجهها القارة، وكذا اقتراح الحلول الكفيلة بضمان استتباب الأمن والاستقرار بهذه المنطقة من العالم، ورفع التحديات التنموية الكبيرة التي تجابهها بلدانها. واعتبر رئيس المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية أن استضافة مدينة مراكش لهذا اللقاء، تعد دليلا على ثقة الأفارقة في قدرة المغرب على إعطاء دفعة قوية لعمل الفيدرالية، سيما في ظل المناخ الديمقراطي، الذي يعرفه، وانخراطه الكلي في القضايا الإفريقية، علاوة على الدور المهم الذي يظطلع به المغرب في استتباب الأمن والاستقرار في القارة السمراء التي تعد العمق الاستراتيجي للمملكة. وأبرز رئيس الفيدرالية الإفريقية للدراسات الاستراتيجية، أن أهمية هذا اللقاء تكمن في كونه الوحيد الذي ينظم حتى الآن من طرف هيئة افريقية في ارض إفريقية، ويناقش بشكل واسع كل قضايا الأمن التي تهم القارة من أجل إيجاد أجوبة على التساؤلات التي تطرحها المرحلة في الجانب الأمني والمرتبطة بإفريقيا. وأوضح رئيس المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية، أن الاتجاه الحالي للأحداث يشير إلى أن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، بصدد تعزيز وجوده في الشريط الصحراوي، وتوسيع نشاطه بالغرب الإفريقي والمنطقة المغاربية، مؤكدا أن هذا التوطيد يشكل خطرا أكبر، نظرا للتواطؤ الحاصل بين الجماعات الإرهابية والعصابات الإجرامية والحركات الانفصالية، التي تسعى من خلال مصالحها المشتركة إلى إضعاف دول المنطقة وزعزعة استقرارها الأمني. وأشار بنحمو إلى أن تفكيك الشبكات الإرهابية في المناطق المجاورة لمنطقة الساحل، وتعدد عمليات احتجاز الرهائن، والتدخل المتزايد للقوى الأجنبية بالمنطقة، يبرز التحول التدريجي إلى مستوى آخر من التهديد الإرهابي بالقارة، الشيء الذي يتطلب أجوبة جديدة معدة بشكل جيد ومتفاوض حولها.