نظمت، أخيرا، وزارة الخارجية الأمريكية، دائرة الشؤون التعليمية والثقافية، رحلة لمجموعة من الإعلاميين العرب، إلى الولاياتالمتحدة استغرقت 20 يوما. من أجواء الزيارة (خاص) وذلك في إطار تعزيز التبادل الدولي التعليمي والمهني والثقافي بين الولاياتالمتحدةالأمريكية والبلدان العربية. وكان لعبد الله درقاوي، كاريكاتيرست "المغربية"، شرف الاستفادة من هذه الرحلة، التي تعد فرصة للزائرين للوقوف عبر لقاءات ميدانية على الصورة الحقيقية للمجتمع الأمريكي في مجالات الثقافة، والفن، والتعليم. وفي هذا السياق، قال عبد الله درقاوي، إن "برنامج الرحلة كان غنيا ومتنوعا شمل عدة زيارات لعدد من أهم الصحف، وأشهر رسامي ومتاحف الكاريكاتير بأمريكا". وأضاف أن الوفد الإعلامي العربي، الذي تضمن نخبة من أجود رسامي الكاريكاتير في العالم العربي، أمثال، نضال هاشم، وأسامة حجاج من الأردن، ودعاء العدل من مصر، ومحمد البتال من الكويت، وجعفر فارس من السودان، وعبد الله المجاهد من اليمن، وأحمد خليل من البحرين، حضر لقاء مع الدكتور، مارك فلدشتاين، الذي تحدث عن الحريات الصحافية المكفولة دستوريا في الولاياتالمتحدة، وقدم تعريفا بقانون الإعلام، موضحا أن مارك فلدشتاين، الذي بدأ حياته كمراسل صحافي لإحدى أكبر الصحف، سلط الضوء على تجربته المهنية التي امتدت إلى أزيد من عقدين، وعرف فيها الكثير من المعاناة والعوائق، مثل الرقابة والضغط، إلى جانب التهديدات التي كان يتلقاها وهو يمارس مهنة الصحافة. من جهة أخرى، يقول درقاوي، كانت محاضرة الدكتور، روبرت روسل، المدير التنفيذي للشبكة الدولية لحقوق رسامي الكاريكاتير، هادفة وموضوعية، إذ شرح كيف تدعم وترصد شبكته رسامي الكاريكاتير السياسي في العالم، الذين يعانون مضايقات ومشاكل في عملهم، ولتحفير فناني الكاريكاتير تخصص الشبكة المذكورة جائزة سنوية لرسام أظهر شجاعة استثنائية في مواجهة الضغوطات لثنيه عن نشر رسوماته. وفي كلمة بالمناسبة أثار تدخل باتريك رينولدز، وهو رسام كاريكاتير متخصص في خلق قصص مرسومة حول تاريخ الولاياتالمتحدة في قالب ساخر، وله زاوية أسبوعية في الواشنطن بوست، انتباه الحاضرين، الذين تجاوبوا مع ملاحظاته الدقيقة في عالم الكاريكاتير، وتاريخ أمريكا المتحرك. وفي زيارة لمكتبة الكونغرس بواشنطن وقف الزائرون العرب، يفيد درقاوي، على كيفية جمع رسوم الكاريكاتير السياسي، وحفظها كمقتنيات تاريخية والأرشيف الأسطوري لرسامي كاريكاتيرالافتتاحية، وقدم المحاضرون والمشرفون على المكتبة توضيحات مهمة، باعتبار أن لكاريكاتير الرأي في الولاياتالمتحدةالأمريكية التأثير الأقوى بالمقارنة مع المقالات المكتوبة، وأبرزوا أن رسم كاريكاتيري انتقادي واحد كفيل بإحداث العديد من المشكلات للكثير من الرؤساء، موضحين أن هذا الفن له القوة الرئيسة والفاعلة في إسقاط رموز الفساد، وشخوصه من السياسيين. وكان للرئيس ريتشارد نيكسون قائمة معروفة اسمها (قائمة الأعداء) وكان فيها العديد من رسامي الكاريكاتير، الذين سببوا له المشاكل. وقال المشرفون على مكتبة الكونغرس بواشنطن إن رسام الكاريكاتير بإمكانه استهداف عيوب سياسات الحكومة ورفع الوعي الجماهيري بكفاءة أعلى من أدوات التوعية الأخرى، مثل السينما والمسرح، مستحضرين في هذا الاجتماع، الذي خصصوه لفائدة الكاريكاتيريين العرب، مقولة للرئيس الأمريكي السابق هاري ترومان، الذي قال" إنني لا أخاف إلا من الموت، ومن رسامي الكاريكاتير". واعتبر عبد الله درقاوي أن فن الكاريكتير في المغرب، حديث العهد بالمقارنة مع دول عربية أخرى كمصر مثلا، فالتجربة المغربية بدأت خلال الثمانينيات من القرن الماضي، مع نخبة من الرسامين، الذين وضعوا اللبنة الأولى، وأسسوا لهذا الفن الساخر من خلال تجربة "أخبار السوق"، التي عرفت إقبالا كبيرا، رغم الرقابة الشديدة التي كانت أحد العوائق لانطلاقه نحو العالمية، موضحا أن مجموعة من الجرائد التي كانت متخصصة في هذا النوع تنفد في زمن قياسي، بل كان بعض المضاربين يبيعونها في السوق السوداء. وذكر كاريكاتيرست "المغربية"، بأسماء كانت تبدع في هذا الفن، وذاع صيتها محليا وعربيا، من قبيل محمد الفيلالي، وحميد البوهالي، والراحل حمودة، والعربي الصبان، وإبراهيم المهادي، أسماء ستبقى خالدة في تاريخ الكاريكاتير المغربي. ولفت درقاوي إلى أن قلة عدد رسامي الكاريكاتير يجعل التنافس بينهم غائبا، عكس التجربة المصرية، أو اللبنانية، أو السورية، إذ التنافس الشريف يدفع إلى البحث عن الأفكار الجديدة والإبداع، ما يعطي شحنة معنوية للفانين، ويجعلهم يبحثون عن آفاق رحبة، ويوسعون مداركهم الفنية. وتفاءل درقاوي بمستقبل الكاريكاتير بالمغرب، إذ يرى أن هذا الإبداع نابع من وجود جيل جديد من الرسامين، الذين يمتلكون الموهبة والوعي، وإن كان عددهم محدودا.