واصلت وسائل الإعلام الدولية تعليقها على الانتخابات التشريعية، التي جرت في المغرب، الجمعة الماضي، مجمعة على أن محطة 25 نونبر 2011 مرت في جو من الهدوء والمسؤولية، مشكلة نموذجا يحتذى في المجال الديمقراطي وذهبت صحف من فرنسا والبرتغال وبريطانيا إلى وصف اقتراع الجمعة المنصرم بالمحطة العربية الفريدة، التي يتعين على كافة الشعوب أن تقتدي بها من أجل تحقيق التغيير السلمي، بعيدا عن العنف وإراقة الدماء. من جهتها، كتبت صحيفة (لوفيغارو) الفرنسية، يوم الاثنين المنصرم، أن الحكومة المقبلة، التي ستنبثق من اقتراع يوم الجمعة الماضي، مدعوة لتعزيز مسلسل الإصلاحات، التي أطلقها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، لتجعل من المغرب "باكورة النهضة العربية". وأضافت الصحيفة، في افتتاحية بعنوان "الاستثناء المغربي"، أنه "إذا كانت الحكومة الجديدة ستلتزم بالإصلاحات اللازمة لمكافحة الأمية، التي تمس ثلث السكان، وإعطاء دينامية جديدة للاقتصاد الوطني، الذي شهد تباطؤا بسبب الأزمة، فإنه بإمكان المغرب أن يحقق تقدما قبل دول الجوار، ويصبح بالتالي باكورة النهضة العربية". واعتبر كاتب الافتتاحية، إيف تيرار، أنه في سياق "مضطرب" جراء الثورات العربية، فإن المغرب تمكن من تحقيق "تميز" مقارنة بدول أخرى بالمنطقة، وذلك بفضل القدرة الوقائية والاستباقية لجلالة الملك، من خلال إطلاق إصلاحات مؤسساتية "مكنت من إجراء انتخابات حرة، من شأنها أن تفرز حكومة مستقلة" يمكن أن تشكل نموذجا يحتذى بالنسبة للدول العربية الأخرى". وإلى جانب (لوفيغارو)، واصلت العديد من الصحف الفرنسية التعليق على اقتراع 25 نونبر الجاري، مشيدة، بهذا الخصوص، ب"حسن سير" هذه الانتخابات، التي تميزت بتحقيق حزب العدالة والتنمية لفوز كبير، في سابقة في تاريخ هذه الهيئة السياسية، التي حققت هذا الانتصار بفضل إعدادها ل"برنامج أكثر قربا" من المواطن. من جانبها، كتبت صحيفة (فرانس سوار) أنه "بعد الاستفتاء على الدستور في شهر يوليوز الماضي، مكن حسن سير الانتخابات المغرب من ربح رهان الاستقرار، الذي يريده جلالة الملك محمد السادس، الذي تبنى نهجا إصلاحيا على نحو سلس". وفضلا عن الاهتمام بالمشاورات، التي سيجريها حزب العدالة والتنمية من أجل تشكيل الحكومة الجديدة، برئيس للحكومة من الحزب الفائز بالأغلبية، كما ينص على ذلك الدستور، ركزت الصحف الفرنسية على التحديات، التي تواجه الحكومة الجديدة المتعلقة بالخصوص بعطالة الشباب. وكتبت (ليبيراسيون)، في هذا السياق، أنه إلى جانب هذا الموضوع، الذي ركز عليه حزب العدالة والتنمية في حملته الانتخابية، فإن هناك مواضيع أخرى تستأثر بالاهتمام، من قبيل مكافحة الفساد والرشوة، وإصلاح القضاء، والتعليم، والصحة. وأشارت الجريدة الفرنسية، نقلا عن هاوس سنيغر، الأستاذ بمعهد الدراسات السياسية بليون، إلى أن "حزب العدالة والتنمية اعتمد سياسة القرب من المواطن بخطاب بسيط ومطمئن"، مضيفا أنه "يستمد شرعيته من تجذره في شبكات جمعيات مساعدة الفقراء". من جهتها، شددت صحيفة (لا تريبون)، في الوقت نفسه، على التركيز على إعادة بناء القطاعات الرئيسية للاقتصاد المغربي، مثل النسيج والسياحة، التي لم تسلم من آثار الأزمة الاقتصادية العالمية، التي تفاقمت بسبب ارتفاع أسعار الطاقة. الإعلام البرتغالي: الانتخابات انتصار للشعب المغربي وللديمقراطية المغربية اهتمت وسائل الإعلام البرتغالية، يوم الاثنين المنصرم، بفوز حزب العدالة والتنمية في الانتخابات التشريعية، التي جرت الجمعة الماضي بالمغرب، مبرزة جو الهدوء الذي طبع سير هذا الاقتراع. وفي هذا الصدد، أبرزت صحيفة (دياريو دي نوتيسياس) أن "الاعتدال هو سر فوز حزب العدالة والتنمية" في الانتخابات التشريعية ل 25 نونبر، التي تعد الاستحقاقات الأولى بعد إقرار الدستور الجديد. وأضافت الصحيفة أنه "بسبب عدم حصوله على الأغلبية المطلقة، يتعين على هذا الحزب (المعتدل)، الذي فاز ب107 مقاعد من أصل 395 بالبرلمان المغربي، أن يتحالف مع تشكيلات حزبية أخرى من أجل تشكيل الحكومة"، مشيرة إلى أن سلطات رئيس الحكومة المقبل ستتعزز بفضل الإصلاحات السياسية، التي أطلقها جلالة الملك محمد السادس. من جهة أخرى، أكد رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، سعد الدين العثماني، في حديث خص به وكالة الأنباء البرتغالية "لوسا"، أن "هذه الانتخابات تعتبر انتصارا للشعب المغربي وللديمقراطية المغربية". وأضاف أن "هذا الانتصار يعد ثمرة لعملنا، ولكن، أيضا، للمسلسل الديمقراطي والإصلاحات السياسية الجريئة، التي عرفها المغرب منذ سنوات عديدة، بقيادة جلالة الملك، وكذا لاعتماد الدستور الجديد". وسلطت العديد من الصحف البرتغالية الضوء على الاقتراع التشريعي، الذي جرى يوم الجمعة الماضي، ك"بوبليكو"، و"كوريو دا مانها"، و"جورنال دي نوتيسياس"، "وأنفورماساو"، وأسبوعية "إكسبريسو". فاينانشل تايمز: المغرب "نموذج فريد" للإصلاحات الديمقراطية بالعالم العربي كتبت اليومية البريطانية "فاينانشل تايمز"، يوم الأحد المنصرم، أن المغرب يشكل "نموذجا فريدا" في مجال تفعيل الإصلاحات الديمقراطية ضمن سياق عربي يتسم بانعدام الاستقرار السياسي. وقالت الصحيفة إن "الملاحظين يتابعون عن كثب التطورات التي حققها المغرب، كنموذج فريد لبلد عربي اختار الإصلاحات الديمقراطية ضمن سياق إقليمي يطبعه انعدام الاستقرار السياسي"، مشيرة إلى أن معدل المشاركة في اقتراع الجمعة، الذي بلغ 45 في المائة، يبقى "مرتفعا جدا مقارنة مع الاستحقاقات الفارطة". ونقلت، من جهة أخرى، عن بوب راي، قائد حزب ليبيرالي كندي، شارك في لجنة الملاحظين الدوليين، قوله إن الانتخابات جرت في جو تطبعه "الشفافية" . وكانت الصحيفة كشفت، يوم الجمعة المنصرم، أن الملاحظين اعتبروا أن التطورات السياسية التي يشهدها المغرب يمكن أن تشكل نموذجا بالنسبة للمنطقة، مشيرة إلى أن المملكة، باعتبارها بلدا يقيم علاقات اقتصادية متينة مع أوروبا، "مختلف في العديد من الجوانب عن باقي بلدان المنطقة". صحيفة مالية: الديمقراطية المغربية بلغت مرحلة النضج بدورها، أولت صحيفة (الفجر) المالية المستقلة اهتماما للتطورات المهمة، التي حققتها الديمقراطية المغربي خلال العشرية الأخيرة، والتي مكنت من إجراء الانتخابات التشريعية، الجمعة الماضي، في جو من السلم والحرية. وأكدت الصحيفة، في مقال تحت عنوان "مملكة تنجز تغييرات جذرية"، أن الانتخابات التشريعية ليوم 25 نونبر "تندرج في سياق الانتقال الديمقراطي المغربي، الذي يبدو أنه بلغ مرحلة النضج، والذي أصبح لمكتسباته تأثير على سلوك مختلف الفاعلين". وبعدما استعرضت حصيلة الإصلاحات السوسيو- اقتصادية والسياسية "المتعددة"، التي عرفها المغرب خلال السنوات الأخيرة، أبرزت الصحيفة أن هذه الإصلاحات الهيكلية "تستلزم وقتا كبيرا على مستوى النتائج"، مضيفة أن التأثيرات "الإيجابية" للانتقال الديمقراطي "يجري استشعارها بشكل تدريجي، خاصة على مستوى عيش المواطن المغربي". وسجلت اليومية المالية أنه على عكس غالبية البلدان العربية، التي عرفت اضطرابات اجتماعية، جرت المظاهرات بالمغرب في جو من الحرية والسلم، واقتصر دور قوى الأمن في حماية النظام العام، موضحة أنه من بين الخصوصيات الأساسية للنظام السوسيو- سياسي المغربي هناك "التفاعل البنيوي بين الشعب المغربي والملكية، التي تعتبر رمز الوحدة الوطنية". كما أبرز كاتب المقال عملية مراجعة الدستور، الذي جرت الموافقة عليه بواسطة الاستفتاء، مذكرا بالإصلاحات التي أطلقها جلالة الملك محمد السادس، ومن بينها ترسيخ مفهوم جديد للسلطة أعطى دفعة جديدة للعلاقات بين الإدارة والمواطنين، وإصلاح مدونة الأسرة، التي كرست المساواة بين الجنسين وكرامة المرأة، ومراجعة قانون الحريات العامة سنة 2002، ومدونة الشغل سنة 2003، وقانون الأحزاب السياسية سنة 2006، فضلا عن قانون الجنسية سنة 2007. وأبرزت الصحيفة أن "مجموع هذه التدابير تستجيب للمعايير الدولية في مجال الممارسة الديمقراطية"، مضيفة أن الشق الخاص بالتنمية البشرية اعتبر بمثابة ورش "أساسي" في إطار هذه الدينامية الإصلاحية، من خلال المبادرة الوطنية للتنمية البشرية. باحث أسترالي: استحقاقات كذبت التنبؤات المتشائمة بدوره، أعرب الأسترالي غريغوري إر. كوبلي، رئيس "جمعية الدراسات الاستراتيجية الدولية"، يختص بتحليل نظم المعلومات في مجال الدفاع والسياسة الخارجية، عن "ارتياحه الكامل للشفافية" التي طبعت هاته الاستحقاقات. كما أشاد بحسن سير عملية التصويت و"السلوك السليم" للأحزاب السياسية المتنافسة. كما اهتم موقع "أونبرميسيا" بنسبة المشاركة التي ميزت اقتراع يوم الجمعة المنصرم. وأوضح أن "45 في المائة نسبة المشاركة تكذب التنبؤات التي طبعها التشاؤم والتي توقعت انخفاضا في نسبة المشاركة"، مؤكدا أن "الناخب المغربي نقض هذه التوقعات المتشائمة أو العدمية والتي تظهر بعض الجهل بالمجتمع المغربي".