شارك سكان الأقاليم الجنوبية في الانتخابات التشريعية بنسبة فاقت نظيراتها في مناطق أخرى من المملكة، وكعادتهم، أبان الصحراويون عن إرادتهم في بناء مستقبل المغرب ضاربين بعرض الحائط كل التكهنات والدعوات المغرضة، التي يطلقها خصوم الوحدة الترابية، من أجل إحداث التفرقة بين المغاربة. وتعليقا على نسبة مشاركة سكان الأقاليم الجنوبية في انتخابات 25 نونبر، قال مليود بلقاضي، الأستاذ الباحث في الشأن السياسي، إنه "منذ استرجاع الأقاليم الصحراوية، ومند إجراء الانتخابات في هذه المناطق، لاحظ الكل معطى سوسيولوجيا مهما، يتمثل في سلوك الصحراويين، ويتعلق بارتفاع نسبة المشاركة في الانتخابات والاقتراعات المحلية والوطنية، مقارنة بباقي المناطق". وأضاف بلقاضي، في تصريح ل"المغربية"، أن ارتفاع نسبة مشاركة الصحراويين في الانتخابات التشريعية يرجع، من الناحية السياسية، إلى عاملين أساسيين، أولهما، ترسيخ قيم المواطنة والانتماء إلى المغرب، وثانيهما، توجيه رسائل متعددة إلى الأطراف الإقليمية والدولية، مفادها أن المواطن الصحراوي شريك في بناء دولة المغرب، وشريك أساسي في الإصلاحات المؤسساتية، التي تجري في البلاد". واعتبر بلقاضي أن "المشاركة القيمة لسكان الأقاليم الجنوبية في الانتخابات التشريعية، دليل على تفاعل سكان هذه المناطق مع مقتضيات الدستور الجديد، الذي جاء لإقرار الجهوية المتقدمة، واعتبار المناطق الجنوبية نموذجا أساسيا لهذه التجربة الديمقراطية، وبالتالي، فإن مشاركة الناخبين الصحراويين برهان قاطع على أن أبناء هذه المناطق مواطنون عاديون، يمارسون حياة عادية، ويساهمون في بناء مستقبل منطقتهم وبلادهم". من جهة أخرى، أفاد بلقاضي أن مشاركة الصحراويين في الاقتراعات ينطوي على سلوك لا يمكن مقاربته إلا باستحضار العامل الاجتماعي، فالسلوك الانتخابي عند الصحراويين لا يمكن اعتباره يستند على أساس البرنامج الانتخابي أو على الحزب أو على اللائحة، وإنما يستند على أساس وكيل اللائحة، أي الشخص. وتحدث، أيضا، عن عامل الانتماء إلى القبيلة والفخدة والعائلة، وبالتالي، رابطا السلوك الانتخابي بمعطى اجتماعي، يعتمد على اسم المرشح، من زاوية انتمائه الأسري أو القبلي، أو باعتباره من أعيان المنطقة، وتباعا لذلك يلاحظ المراقبون أن الأحزاب، التي توجد بمناطق الصحراء، وتتمتع بحضور قوي، هي أحزاب عتيقة، مثل حزب الاستقلال.