أقلعت، مساء أمس السبت، طائرة مغربية من مطار مدينة مصراتة في اتجاه المملكة، وعلى متنها دفعة ثانية من الجرحى الليبيين (62 حالة)، الذين أصيبوا في المعارك التي خاضها الثوار ضد الموالين للقذافي، من أجل معالجتهم بالمستشفيات المغربية. وكانت طائرة مغربية أولى أقلت، يوم الخميس المنصرم، من مدينة بنغازي، مجموعة أولى ضمت 58 جريحا، وبذلك يصل مجموع الجرحى المستفيدين من هذه العملية، التي جرت بتعليمات ملكية سامية، إلى 120 جريحا. وأشرف على هذه العملية التي نفذت على مرحلتين وكللت بالنجاح، فريق طبي مغربي عمل إلى جانب طاقم من السفارة المغربية بطرابلس، والذي تجند لتيسير مهمة الوفد المغربي وتذليل مختلف الصعوبات التي قد تعترضه، وكذا التنسيق مع المسؤولين الليبيين في قطاع الصحة وغيره من المصالح. وتنقل الوفد الطبي المغربي بين مدن بنغازي، وطرابلس ومصراتة، للوقوف عن كثب على أحوال الجرحى، وتدقيق ملفاتهم الطبية بغية تحديد الحالات التي تستدعي السفر إلى المغرب. وشملت زيارات الوفد العديد من المستشفيات منها مستشفى الجلاء، والهواري، ومستشفى بنغازي المركزي، والسبيعة، ومستشفى مصراتة. وعبر أعضاء الوفد الطبي المغربي عن ارتياحهم للظروف التي جرت فيها هذه العملية، والتي يسرت نقل هذا العدد من الجرحى إلى المغرب. ولاقت هذه العملية ذات البعد الإنساني والتضامني ترحيبا كبيرا من قبل الجرحى وذويهم، وكذا المسؤولين بالمجلس الانتقالي الليبي ووزارة شؤون الجرحى والشهداء والمفقودين، وهو الأمر الذي عكسته التصريحات التي أدلوا بها لوكالة المغرب العربي للأنباء. وأشاد المسؤولون الليبيون بهذه الالتفاتة التضامنية النبيلة تجاه الشعب الليبي، معبرين عن شكرهم وامتنانهم للمغرب "ملكا وحكومة وشعبا"، كما أكدوا استعدادهم للارتقاء بالتعاون الثنائي بين البلدين الشقيقين في مختلف المجالات، خاصة الميدان الصحي. تجدر الإشارة إلى أن هذه المبادرة تعد استمرارا للدعم الموصول الذي مافتئ المغرب يقدمه لليبيا الشقيقة على مختلف الأصعدة، إذ أن المغرب كان من البلدان الأوائل التي عبرت بشكل صريح عن دعمها ومساندتها للثورة الليبية منذ الأسبوع الأول لتشكيل المجلس الوطني الانتقالي، وأكدت المملكة المغربية اعترافها بالمجلس الوطني، كممثل شرعي ووحيد للشعب الليبي. وعلى الصعيد الإنساني بادر المغرب في بداية الأحداث في ليبيا إلى إرسال مساعدات إنسانية عاجلة للاجئين المتوجودين على الحدود الليبية التونسية، شملت إقامة مستشفى ميداني مجهز بأحدث الآليات لتقديم العلاجات الضرورية لأكثر من مائة شخص يوميا. كما قدم مساعدات إنسانية عن طريق عدة منظمات دولية متخصصة. في السياق نفسه، أكد كل من أمين سر وزارة شؤون أسر الشهداء والجرحى والمقاتلين والمفقودين، إبراهيم رمضان بن رمضان، وعضو المجلس الوطني الانتقالي، مصطفى علي الرجباني، أن المبادرة المغربية لنقل جرحى ليبيين للعلاج بالمغرب، التي جرت بتعليمات ملكية سامية "تنم عن حس تضامني رفيع للمملكة المغربية الشقيقة تجاه الشعب الليبي". وأعرب علي الرجباني، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء عن شكره وتقديره الكبير "للشعب المغربي ولجلالة الملك على هذه المساعدة القيمة"، مضيفا أن "الشعب الليبي يقدر هذا الموقف النبيل من المغرب ملكا وحكومة وشعبا". وعبر الرجباني وهو عضو باللجنة العليا للجرحى والشهداء والمفقودين، عن أمله في أن ترتقي العلاقات بين الشعبين الليبي والمغربي "اللذين كانا متحابين على الدوام إلى أفضل المستويات في العهد الجديد الذي تدخله ليبيا"، مؤكدا أن "ليبيا الجديدة التي ستبنى على أسس القانون ودولة الحق، تعول على دعم المملكة في النقلة الديمقراطية التي تعرفها". وأبرز، في هذا الصدد، أن المغرب راكم خبرة في هذا المجال "ونرجو أن يقدم لنا الإخوة في المغرب المشورة والدعم لبناء الدولة الليبية الجديدة". وبدوره أشاد أمين سر وزارة شؤون أسر الشهداء والجرحى والمقاتلين والمفقودين بهذه الالتفاتة التضامنية للمغرب "الذي مد يد العون لليبيا في هذا الظرف العصيب". وأوضح بن رمضان أن "النظام السابق استهدف بشكل أساسي البنية التحتية الصحية، حيث هوجمت المستشفيات وخاصة بمدينة مصراتة"، مضيفا أن هذا الوضع تسبب في "إكراهات جمة للوزارة الوصية بخصوص التكفل بالجرحى، ما اضطرنا أمام العدد الكبير للإصابات إلى نقلهم إلى الخارج لتقلي العلاج".