بدا حزب النهضة الإسلامي واثقا بالفوز في انتخابات المجلس التأسيسي وسعى إلى توجيه رسائل طمأنة للداخل والخارج بشأن نواياه حتى قبل صدور النتائج النهائية المتوقعة، أمس الثلاثاء. حزب النهضة يفوز بتسعة مقاعد في انتخابات التونسيين بالخارج (أ ف ب) وأكد نور الدين البحيري، عضو المكتب التنفيذي للنهضة لوكالة فرانس برس، التزام حزبه باحترام حقوق المرأة وتعهدات الدولة التونسية كافة. وأوضح البحيري، بعد توقعات متطابقة بفوز الإسلاميين "نحن مع إعادة بناء مؤسسات دستورية قائمة على احترام القانون واحترام استقلالية القضاء، ومجلة الأحوال الشخصية واحترام حقوق المرأة، بل وتدعيمها على قاعدة المساواة بين المواطنين بصرف النظر عن المعتقد والجنس والجهة" التي ينتمون اليها. وأضاف عضو المكتب السياسي للحزب، من ناحية أخرى، "نحن ملتزمون باحترام كل تعهدات الدولة التونسية والأمن والسلم العالميين والأمن في منطقة البحر الأبيض المتوسط". من جانبه، قال عبد الحميد الجلاصي، القيادي الآخر في النهضة، خلال مؤتمر صحفي، "يجب أن تطمئن رؤوس الأموال والأسواق والشركاء الأجانب على التعهدات التي أبرمتها الدولة التونسية والتزاماتها"، مؤكدا "أن مناخات الاستثمار ستكون أفضل في المستقبل" في تونس. وعلى المستوى الداخلي، حرص البحيري مجددا على تأكيد انفتاح النهضة على باقي القوى السياسية التونسية. وقال في هذا الصدد "مهما كانت نسبة مقاعد النهضة لن ننفرد بالحكم ولن نسمح لأحد أن ينفرد بالحكم"، مضيفا "نحن نمد أيادينا لكل أحرار تونس من أجل تونس بلا ظلم ولا استبداد، ونحن في حوار مع جميع الأطراف السياسية إلا من رفض ذلك". وتوقع قيادي في حزب النهضة، طلب عدم كشف هويته، أن يحصل الحزب على الأقل على 60 مقعدا من أصل 217 مقعدا في المجلس التأسيسي. وفازت النهضة بتسعة مقاعد في انتخابات التونسيين بالخارج، أي نصف المقاعد المخصصة لها في المجلس التأسيسي. وقال عادل الشاوش، القيادي في حزب التجديد (الشيوعي سابقا) لوكالة فرانس برس، "من الواضح أن النهضة تتقدم الجميع في أغلب الدوائر". وأضاف "السؤال المطروح الآن في هذه الانتخابات هو من سيفوز بالمرتبتين الثانية والثالثة". ويتنافس حزبا المؤتمر من أجل الجمهورية (يسار عروبي) بزعامة منصف المرزوقي والتكتل من أجل العمل والحريات (يسار وسط) بزعامة مصطفى بن جعفر على الموقع الثاني خلف النهضة في هذه الانتخابات مع نسبة تناهز 15 في المائة لكل منهما. وقال المنصف المرزوقي، المعارض المعروف في عهد زين العابدين بن علي، وزعيم حزب المؤتمر، الذي يتوقع أن يحصل على ما بين 15 و16 في المائة من الأصوات، حسب تقديرات متطابقة، لوكالة فرانس برس، "نأمل أن نحل في الموقع الثاني". وأضاف "في كل الأحوال ما يهم هو أنه أصبحت لدينا خارطة سياسية حقيقية. لقد حدد الشعب التونسي وزن كل طرف". وقال خليل، الزاوية المسؤول الثاني في حزب التكتل، "النهضة هي بالتأكيد التي حصلت على أكثر الأصوات، لكننا كيانان ديمقراطيان، التكتل والمؤتمر كانا ضعيفين جدا في بداية السباق، لكنهما كسبا شعبية مكنتهما من مكانة وطنية تتيح لهما بناء الحياة السياسية وإرساء حداثة عقلانية في بلد عربي مسلم". وأكد المرزوقي، الذي يتهمه خصومه بالتحالف مع النهضة، مجددا أنه "لم تحصل أي تحالفات قبل الانتخابات"، مشيرا مع ذلك إلى أنه سبق أن أكد أنه "مع المشاركة في حكومة وحدة وطنية" على أساس برامج سياسية. وأقر الحزب الديمقراطي التقدمي بزعامة أحمد نجيب الشابي، الذي يتوقع أن يحصل على ما بين 8 و10 في المائة من الأصوات، بهزيمته. وقالت مية الجريبي، الأمينة العامة للحزب لوكالة فرانس برس، "المؤشرات واضحة جدا والحزب الديمقراطي التقدمي في وضع سيء. هذا قرار الشعب التونسي وأنا أنحني أمام خياره وأهنئ من حازوا تزكية الشعب التونسي". وأضافت الجريبي، التي ركز حزبها حملته على التصدي للإسلاميين "سنكون دائما هنا للدفاع عن تونس الحداثة المزدهرة والمعتدلة"، معتبرة أن البلاد تشهد "منعطفا تاريخيا". والسؤال، الذي يطرحه المحللون في تونس اليوم: هل يمكن أن يعقد تحالف بين النهضة والتكتل وحزب المرزوقي ما يؤدي إلى غالبية واسعة في المجلس التأسيسي؟ واكتفى البحيري بالقول، ردا على هذا السؤال، "نحن في حوار مع الجميع إلا من رفض ذلك". وظل التونسيون ينتظرون النتائج الرسمية الجزئية، التي كان من المتوقع أن تعلنها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، الجهة الوحيدة في تونس المخولة نشر النتائج الرسمية، أمس الثلاثاء. وقال حسين (24 عاما) مبتسما في شارع الحبيب بورقيبة "لقد انتظرنا خمسين عاما، يمكننا انتظار 24 ساعة أخرى". وهنأ الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، تونس ب"الطريقة السلمية والمنظمة"، التي دارت فيها الانتخابات. كما أشادت كاترين أشتون، وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، بأول انتخابات حرة في تونس و"بداية عهد جديد" فيها.