تحاول المرأة الموظفة، من خلال الصعوبات والضغوطات والمشاكل، التي لا تنتهي، أن تبحث عن الحلول الناجعة للتخفيف من العبء والثقل، اللذين يلازمانها جراء عملها داخل البيت وخارجه. فرغم النجاحات التي حققتها، والقدرات التي برهنت على وجودها، في عدة مناصب عليا، ووظائف متعددة، سواء على المستوى السياسي أو الاجتماعي أو الاقتصادي، إلا أنها اليوم، تعاني ضغوطات أسرية، تقف عائقا دون تحقيق هدفها، بسبب العمل، وما يخلق لها من مشاكل أسرية، ويجعلها عاجزة عن تحقيق توازن بين أسرتها وعملها، ما أدى بالعديد من الموظفات إلى الاستعانة بالخادمة. إذن، يبقى السؤال الذي يطرح نفسه، هو هل اهتمام المرأة بالعمل، وعدم قدرتها على تغطية أعمال البيت، هو السبب الرئيسي للجوء والاستعانة بالخادمة أثناء غيابها؟ وهل وجود الخادمة في البيت يعتبر حلا ضروريا للهروب من الواجبات الأسرية؟ وهل فعلا الخادمة تعتبر الحل الأمثل لإنقاذ المرأة والقيام بمهامها، من تنظيف وتحضير للأكل، ورعاية المنزل والأطفال، علما أنه في الأيام الأخيرة، نلاحظ أن ترك الأطفال عند أهل الزوج أو الزوجة، بدأ يقل شيئا فشيئا، خاصة عندما يكون الأهل كبار السن، وغير قادرين على تلبية مطالبهم والعناية بأحفادهم؟. أسئلة كثيرة تطرح في هذا الباب لمعرفة دور الخادمة وتأثيرها على الأسرة، لأنها اليوم تجاوزت مهامها وتعدتها وأصبح دورها يكمن، أيضا، في تربية الأبناء ومرافقتهم إلى المدارس، حتى أنها أصبحت "الأم الثانية" لهم، ولها دراية بهمومهم ومشاكلهم، وأصبحت الطرف، الذي يوفر للزوج، ولكل أفراد الأسرة جميع المتطلبات. تقول سلمى، موظفة بإحدى الشركات، "الخادمة أصبحت ضرورة من ضرورات الحياة، وبحكم عملي، الذي يمتد لساعات طويلة خارج البيت، استعنت بخادمة لتنظيف وترتيب المنزل، لا أستطيع تحمل الأعباء وحدي بالتزامن مع وقت عملي، وأيضا رعاية أولادي أثناء فترة غيابي، وهذا لا يمنع الأم من تعويض وقت غيابها عن أسرتها، وتحديد مهام الخادمة حتى يكون دورها في الاتجاه الصحيح، من تنظيف البيت وإعداد الطعام، وألا تكون هناك ثقة عمياء بحكم ما نسمعه عن تصرفات بعض الخادمات تجاه الأبناء والزوج". في حين، يرى علي، وهو إطار بإحدى الوكالات البنكية، "وجود الخادمة بالبيت أصبح وسيلة للمساعدة في تخفيف العبء والثقل الذي تعانيه الزوجة، وأضحى ضرورة في حياة الكثير من الأسر، سيما الأم التي تشتغل خارج البيت وتجد صعوبة في تربية الأبناء والاعتناء بالبيت. زوجتي موظفة، استفادت زوجتي من إجازة الأمومة ،إذ كانت تقوم بكل متطلبات صغيرنا، لكن بعد أن التحقت بعملها، كان من الضروري إيجاد شخص يهتم بطفلنا في فترة غيابنا، في البداية كانت الخادمة تراقبه وتعتني به قبل إنهاء عملنا، أما الآن فالأمر اختلف، إذ أصبحت تقضي معه كل الوقت، لدرجة أن أصغر الأشياء بات من اختصاصها، تعودنا على الأمر رغم سلبيته، فأنا أقدر ظروف عمل زوجتي وأحاول أن أتأقلم مع أشياء كثيرة، كما أحاول قدر المستطاع تعويض غيابنا عن البيت بقضاء وقت أطول معه عند العودة إلى المنزل". أما ليلى فلها وجهة نظر مخالفة، إذ قالت ل "المغربية" إن وجود الخادمة في البيت له إيجابيات كما له سلبيات، الإيجابيات هي أنها تعوض الفراغ الذي تتركه ربة الأسرة أثناء عملها، من ترتيب البيت وتنظيفه وتحضير الطعام، لكن من السلبيات أنها تعرف أدق التفاصيل عن حياة كل شخص من هذه الأسرة، وما يحدث من كلام ومناوشات، أنا لا أثق بأي خادمة، لأن الثقة بشخص لا تعرفه أمر صعب، لكن مع ذلك لا نستطيع التخلي عن الخادمة، فأعباء البيت كثيرة، ونحتاج للمساعدة في الاهتمام بالمنزل. تقول هند "أستنكر اعتماد بعض الأسر على الخادمة في كل شيء لتقوم بمقامها، التنظيف مهمة الخادمة الأساسية، أما باقي المسؤوليات، فهو من اختصاص سيدة البيت، وأستغرب كيف يقوم الكثير من الأسر بترك كل المسؤوليات للخادمة، وهناك العديد من تخلى عن مهامه وتركها للخادمة، فهي التي تنظف وتعد الطعام للأطفال وتربي الأبناء، أما الأم فهي ضائعة بين الأسفار وملاذات الحياة، والاعتماد عليها في كل الأشياء حتى أنك تجدها مع الطفل في العيادات الطبية، التي من المفترض أن تكون من اختصاص الأم". ويرى محمد (ف)، مهندس معماري، أن موضوع الخادمات بالمغرب موضوع شائك، فبقدر ما كانت الحملات، التي ينظمها المجتمع المدني للحد من استغلال الخادمات ورد الاعتبار لهن، بالقدر نفسه تكثر مشاكلهن. ويضيف في تصريح ل"المغربية" أن الكثير من العائلات تحط من كرامة الخادمات، وتفرض عليهن أعباء كثيرة، لا تقوى أجسادهن النحيفة على تأديتها. والكثير من الخادمات يعشن بكرامة تحت الصفر ويستغللن بلا رحمة". ومن خلال هذه الآراء، يمكن القول إن عمل المرأة بات مهما في عصرنا الحالي، لأنها تشكل نصف المجتمع، ولكن يجب ألا يكون عملها على حساب مسؤولية بيتها وأسرتها، فالرعاية البديلة لا يمكن أن تكون حلا، لأن غياب الأم يخلق ضعفا عاطفيا لدى الأسرة.