من يزور مدينة الرباط، ويتجول في شوارعها، يتفاجأ بفضاء تشكيلي مفتوح أمام الجمهور، يضم مجموعة من الأكشاك الصغيرة، التي تحولت منذ سنتين، من فضاء لبيع الورود إلى فضاء لعرض اللوحات التشكيلية لمختلف الفنانين المغاربة الفنان نعمان زينبي في مرسمه بالكشك (سوري) من مختلف التوجهات والمدارس الفنية، وورشات يشتغل فيها هؤلاء الفنانون، ويعرضون لوحاتهم طيلة اليوم، وإلى وقت متأخر من الليل، أمام جماهير واسعة من الناس، تمر من تلك المنطقة، الواقعة في قلب العاصمة الرباط. خلف بناية المسرح الوطني محمد الخامس، والمعهد العالي للرقص والكوريغرافيا، الذي مازال قيد الإنجاز، وبالقرب من حديقة نزهة حسان، يقع فضاء محمد بن علي الرباطي، الذي تشرف عليه جمعية رباط الفتح، ويضم 13 كشكا، حولتها الجمعية إلى فضاء للعرض الفني بتنسيق وشراكة مع مجلس مدينة الرباط، بعدما كان لفترة معينة فضاء لبيع الورود، استقر فيها باعته في انتظار تهيئ الفضاء الخاص بهم أمام مقر الإيداع والتدبير. لما غادر باعة الورود ذلك الفضاء، بادرت جمعية رباط الفتح، كما صرح عبد الكبير دينية، رئيس اللجنة الثقافية بالجمعية ل "المغربية"، إلى التقدم لمجلس المدينة بطلب لتحويل ذلك الفضاء إلى مجال للعرض الفني يتناوب عليه الفنانون التشكيليون عبر دورات، انطلقت بثلاثة أشهر، ثم جرى تمديدها إلى ستة أشهر، بعدما تبين للمشرفين على هذا المشروع، أن الفترة السابقة غير كافية للتعريف بالفنان وأعماله للجمهور. وأضاف دينية أن هذا الفضاء، الذي يحمل اسم الفنان الراحل محمد بن علي الرباطي، جاء لتكريم هذا الفنان الرباطي والتعريف به للجمهور، ودعم الفنانين التشكيليين المغاربة دون استثناء، لأن الفضاء، كما قال، مفتوح بالمجان أمام الجميع وليس حكرا على فناني مدينتي الرباط وسلا، شريطة الانخراط في الجمعية إما عن طريق الجمعيات أو الأفراد. وأوضح دينية أن الجمعية تتوخى لهذه التجربة، التي أوشكت على إتمام سنتها الثانية، الاستمرار والنجاح في دعم الفنانين المغاربة من مختلف المناطق، وجعل الفضاء مركزا رئيسيا للتواصل بين الفنانين والجمهور، منوها بانخراط الفنانين والفنانات في هذه التجربة، واحترامهم لهذا الفضاء، الذي "لا مجال للأنانية أو الاحتكار فيه". من جهته يرى الفنان التشكيلي نعمان زينبي، الذي استفاد من تجربة سابقة في العرض بهذا الفضاء لمدة ثلاثة أشهر، والذي يعرض حاليا لمدة لستة أشهر، أن العرض في هذا الفضاء فرصة كبيرة للفنان، الذي لا يستطيع العرض في الأروقة الخاصة أو التابعة للدولة باستمرار، لتقديم أعماله للجمهور، والاحتكاك به لمعرفة ما يطلبه وما يثير اهتمامه. وأضاف زينبي، الذي يعرض إلى جانب فنان آخر في الرواق رقم 6، أن هذه المبادرة مهمة جدا، وتستحق كل التنويه بجمعية رباط الفتح، التي التفتت إلى الفنانين التشكيليين المغاربة، وخصصت لهم هذا الفضاء، الذي رغم افتقاره إلى بعض الأشياء الضرورية كالماء، فإنه يعطي فرصة للفنان ليعرض لوحاته ويبيعها لمن يرغب فيها. وأوضح الفنان العصامي زينبي، أن هذا الفضاء "يقع بالقرب من وزارة الثقافة، وأن هذه الأخيرة لا تعير أي اهتمام للفنانين، الذين يعرضون به، ولا يكلف مسؤولو مديرية الفنون بها أنفسهم حتى عناء الاطلاع على ما يعرض بهذا الفضاء، الذي والحمد لله يحقق لي على الأقل، دخلا شهريا متواضعا لا ينزل عن 3000 درهم في الشهر". وحول اللوحات، التي يقبل عليها زوار المعرض، ذكر زينبي، أنها تلك التي تقدم بطاقات فنية عن مدينة الرباط، وتخصص مساحة للمآثر التاريخية بالمدينة، مشيرا إلى أنه بدأ يرسم هذه النوعية من اللوحات التاريخية عن مدينة الرباط لإرضاء زبنائه، وتحقيق دخل إضافي. أما الفنانة العصامية أمينة كوسطو، فذكرت ل "المغربية"، أنها تعرض بهذا الفضاء منذ سنة، وأن الاهتمام باللوحات المعروضة قليل جدا، وأنها باعت مجموعة من لوحاتها لزبناء قادهم الفضول فحسب لزيارة الفضاء، وليس الحس الفني. وأشارت كوسطو، التي تحولت من صناعة الزرابي إلى الصباغة والألوان، إلى أن هذه التجربة مهمة جدا، وتحتاج إلى الكثير من الدعم والتعريف بها وبالفنانين المشاركين فيها.