ذكرت تقارير إخبارية أن حدة التوتر في العاصمة اليمنية، صنعاء، تصاعدت، أمس الثلاثاء، بعد يوم واحد من تفويض الرئيس اليمني صالح لنائبه بإجراء حوار مع المعارضة اليمنية، لأجل التوقيع على مبادرة إقليمية تقدمت بها دول الخليج. تنافس لكسب الود الأميركي من عبد الله صالح والمعارضة وأشارت مواقع الكترونية يمنية إلى أن المعارضة رفضت عملية التفويض، ووصفتها بأنها محاولة لكسب الوقت، كما أشار إلى ذلك الناطق الرسمي لأحزاب اللقاء المشترك "المعارضة"، في أول رد فعل على قرار صالح. ووفقا للمصادر ذاتها، فإن حدة التوتر، في العاصمة صنعاء، تتضح معالمها في التحرك المكثف لآليات من الجيش اليمني، الموالي لنظام الرئيس صالح والمناوئ له، في محيط أحياء تقع وسط العاصمة اليمنية، وتفصل بين تمركز لقوات اللواء الأحمر، المناوئ لصالح، ووحدات من الحرس الجمهوري، الذي يقوده نجل الرئيس اليمني. وحاولت الوحدات الموالية لنظام الرئيس اليمني صالح، حسب هذه المصادر، التوسع في محيط "حي الحصبة"، الذي شهد مواجهات عنيفة، أواخر شهر ماي الماضي، بين مسلحين قبليين يتبعون الزعيم القبلي، صادق الأحمر، وبين قوات من الحرس الخاص، الذي يقوده نجل الرئيس صالح. وأفادت المصادر ذاتها أن القوات الحكومية عززت من الوجود الأمني والعسكري، المعزز بالدبابات، والعربات المصفحة، والأطقم العسكرية، المزودة بالرشاشات الثقيلة، في كافة النقاط الأمنية، وحواجز التفتيش القديمة، والمستحدثة بالعاصمة، التي تشهد، أيضا، مظاهرات للمطالبة برحيل الرئيس صالح، وتعبر عن رفضها لتفويض نائبه بإجراء حوار مع المعارضة اليمنية. وكان الاجتماع الوزاري لمجلس التعاون الخليجي، الذي عقد في جدة، الأحد الماضي، أعرب عن قلقه العميق لاستمرار تدهور الأوضاع في اليمن، وحث كافة الأطراف على ضبط النفس، وتحكيم العقل لتجنيب البلاد مخاطر الانزلاق إلى المزيد من العنف والاقتتال. وأهاب بجميع الأطراف العمل على تهيئة الظروف والأجواء المناسبة، لتعزيز الثقة، للانتقال السلمي للسلطة، معربا عن دعم دول المجلس لكل الجهود الرامية إلى حقن الدماء، والحفاظ على أمن واستقرار ووحدة اليمن. وأكد الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، عبد اللطيف الزياني، أن المبادرة الخليجية، الخاصة بحل الأزمة اليمنية، مازالت قائمة معربا، عن الأمل في أن تتوصل جميع الأطراف اليمنية إلى اتفاق يحفظ وحدة واستقرار وسلامة اليمن. وكان الرئيس اليمني، علي عبد الله صالح، كلف نائبه عبد ربه منصور هادي بإجراء الحوار مع الأطراف، التي وقعت المبادرة الخليجية لانتقال السلطة في البلاد. وجاء في قرار الرئيس، بهذا الصدد، الذي نشرت وكالة الأنباء "سبأ" نصه في موقعها على الانترنت، "نخول نائب رئيس الجمهورية، عبد ربه منصور هادي، بالصلاحيات الدستورية اللازمة لإجراء حوار مع الأطراف الموقعة على المبادرة، والاتفاق على آلية زمنية لتنفيذها، والتوقيع، بعد ذلك، على المبادرة، نيابة عنا، والبدء بمتابعة التنفيذ برعاية إقليمية ودولية، وبما يفضي إلى إجراء انتخابات رئاسية مبكرة يتفق على موعدها، وتضمن انتقالا سليما وديمقراطيا للسلطة". وتجدر الإشارة إلى أن المبادرة الخليجية تنص على تنحي صالح عن السلطة، في غضون 30 يوما، بعد توقيع اتفاقية المصالحة، وتسليم مهام السلطة إلى نائب رئيس الجمهورية، على أن يجري، بعد ذلك، تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، وانتخابات الرئاسة. وكانت المواجهة انتقلت بين أطراف السلطة والمعارضة في اليمن، من ساحات الاحتجاجات وغرف المناورات السياسية، بشأن المبادرة الخليجية، إلى المعركة مع العناصر الإرهابية في محافظة أبين، التي يدعي كل طرف بأنه صاحب الفضل في تحقيق انتصار كبير على تلك العناصر، بعد شهور من المواجهات العنيفة. ويرى مراقبون أن اختيار ذكرى أحداث الحادي عشر من شتنبر، لإبراز تلك الانتصارات، لم يكن من قبيل الصدفة. فيما يرى محللون سياسيون أن الادعاءات المتضاربة من قبل القوات النظامية، وتلك الموالية لشباب الثورة، بشأن تحقيق انتصارات حاسمة ضد عناصر القاعدة، في زنجبار، أنها تأتي في إطار السباق المحموم بين النظام اليمني ومعارضيه، لكسب ود الموقف الأمريكي تجاه الأزمة اليمنية. وتريد السلطة اليمنية أن تعزز من قناعات الإدارة الأمريكية بأهمية بقاء نظام صالح، باعتباره خير حليف للولايات المتحدة في الحرب على الإرهاب، فيما تهدف المعارضة إلى إيصال رسالة مفادها أن أي انتقال للسلطة في اليمن لن يؤثر على التعاون بين البلدين في محاربة القاعدة، ولا صحة لما يثار عن إمكانية وصول قوى متشددة إلى السلطة. ويأتي هذا التحليل للوضع في اليمن غداة المعارك التي جرت في زنجبار التي بلغت حصيلة ضحاياها أزيد من 230 ضحية عسكرية، على الأقل، وفق ما أعلنت عنه وزارة الدفاع اليمنية، إضافة إلى أزيد من 50 ضحية من أفراد القبائل، الذين قتلوا في الهجوم على كتيبة عسكرية "اللواء الميكانيكي 25"، لاستعادة السيطرة على زنجبار. وكانت وكالة "سبأ" اليمنية أعلنت، السبت الماضي، أن القوات الحكومية تمكنت من فك الحصار، الذي فرضته عناصر يشتبه في انتمائها لتنظيم "القاعدة"، بجنوب اليمن، على كتيبة تابعة للجيش منذ مايو الماضي، كما نجحوا في السيطرة، مؤقتا، على مناطق أخرى في محافظة أبين. وأعلنت وزارة الدفاع أن اللواء الميكانيكي 25 فقد 90 جنديا خلال محاصرته، بينما بلغت الخسائر في صفوف المسلحين الإسلاميين 30 من قادتهم المحليين على الأقل.