مع اقتراب شهر رمضان، يحاول المئات من سكان بنغازي، "عاصمة" المتمردين في شرق ليبيا، يوميا سحب مبلغ من المال، لكنهم غالبا ما يعودون بخفي حنين، إذ أن المصارف تشهد أزمة سيولة. ليبية تحضر حلويات بألوان علم الثوار في بنغازي وجلس نحو مائة شخص على مدارج مصرف البنك الوطني الشعبي يتوسلون أن يدعوهم أحد إلى الداخل. وقال شرطي متقاعد متذمرا "هذا اليوم الخامس الذي آتي فيه ولم أحصل على مال". من جهتها، قالت ياسمين محمد (62 سنة)، بتذمر "عيب. رمضان على الأبواب، ولدينا حاجات إضافية، لكن ليس هناك مال"، موضحة أن ما تنفقه العائلات الكبرى قد يصل إلى ثلاثة آلاف دينار، خلال رمضان، أي عشرة أضعاف الحد الأدنى من راتب موظف. وقالت نجاة علي (35 سنة)، وهي أم لستة أولاد، "لا مال ولا رواتب منذ أبريل". وأضافت "سنصبر، لأن الله كريم، لكنني خائفة، الحياة صعبة والأسعار مرتفعة". وبينما تقف في الطابور أمام البنك، منذ أيام، سبقها البعض منذ أسابيع، ولم يحصل معظمهم على قرش واحد من رواتبهم، منذ أبريل الماضي، بينما تلقى آخرون جزءا قليلا منه، إذ أن السحب من المصارف محدود بما بين مائة إلى مائتي دينار ليبي للشخص الواحد. وقال أحمد المصراتي مازحا "الحمد لله، عودنا القذافي على الفقر."، مضيفا أن "الناس المعتمدين على الدولة، وليس لديهم وظيفة ثانية هم الأكثر تضررا، إنهم يمثلون ثلث الشعب". وأقرت موظفة في المصرف، طالبة عدم ذكر اسمها، بخطورة الوضع، وقالت إن "الناس يأتون من كافة مناطق ليبيا لسحب المال، لكنه ليس متوفرا، ولا أحد يعلم أين أموالنا، ما العمل؟". واعتبر حامد صالحين الرائد، من بنك التجارة والتنمية، إن مشكلة السيولات عائدة جزئيا إلى كون العديد من المصارف لديها قسما مهما من أموالها في مقراتها بطرابلس العاصمة التي يسيطر عليها معمر القذافي. وينص القانون، أيضا، على أن تحتفظ المصارف بعشرين في المائة من أصولها في البنك المركزي بطرابلس. وأضاف أن ثمة صعوبة أخرى تتمثل في سلوك التجار، حيث أن "في بنغازي يستعمل الناس سيولات لشراء البضائع، لكن التجار توقفوا عن إيداعها في المصارف". وتابع "ننتظر من المجتمع الدولي أن يساعد المجلس الوطني الانتقالي (الهيئة السياسية للمتمردين) على فتح حسابات في الخارج تمكننا من فتح قروض أو السماح للقطاع الخاص باستيراد البضائع بنفسه". وأوضح رئيس المجلس الوطني الانتقالي، مصطفى عبد الجليل، للصحافيين في بنغازي أنه يأمل في تسديد الرواتب بداية غشت مع بداية رمضان. وقالت الأرملة فضيلة حماد (62 سنة)، التي جاءت تسحب معاشها وعلاوة ابنتها المعاقة "يقولون دائما إنهم سيدفعون المال ونأتي مجددا، لكن لا شيء". وأوضح حسين محمد الشرطي، الذي ينتظر، أيضا، أن تسدد الدولة راتبه، "بالتأكيد رمضان هذا سيكون أصعب بكثير من الآخرين". وقال فرح المصراتي مازحا "نحن أحرار لكننا فقراء". وتذكر آخرون أن الرواتب في عهد القذافي كانت أيضا "دائما تأتي متأخرة أحيانا بستة أشهر". ويبدو ألا أحد ينتقد المجلس الوطني الانتقالي، الذي لم يحصل على سنت واحد من الأموال المجمدة في الخارج، كما يكرر عبد الجليل. وقال خالد المبني "لا بد أن يأتي الحل من الخارج، لدينا أموال مجمدة في مختلف أنحاء العالم. الليبيون أثرياء". (أ ف ب)