شكلت تجربة هيئة الإنصاف والمصالحة، وآليات عملها، محور لقاء عقده المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أمس الاثنين بالرباط، مع اللجنة التونسية للتحقيق، وتحديد المسؤوليات عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. ويأتي هذا اللقاء، الذي جرى خلاله عرض مقومات التجربة المغربية في مجال العدالة الانتقالية، خاصة في الجوانب المتعلقة بآليات التحري والبحث، وتجميع الشهادات، وتنظيم جلسات الاستماع، وجبر الأضرار، استجابة لتوصيات يوم دراسي سابق نظم بالعاصمة التونسية حول "تجربة هيئة الإنصاف والمصالحة ومقاربة النوع". وبهذه المناسبة، أكد إدريس اليزمي، رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أن اللقاء، الذي ينظمه المجلس على مدى يومين، بشراكة مع المكتب الجهوي لشمال إفريقيا التابع لهيئة الأممالمتحدة للمرأة، سيمكن الوفد التونسي من الاستفادة من التجربة المغربية، على غرار عدد من الدول، التي تسعى إلى التعرف عليها كالطوغو وبروندي وساحل العاج. وأكد في هذا الصدد، أنه "لا يوجد نموذج جاهز" في مجال العدالة الانتقالية، ف "هيئة الإنصاف والمصالحة بدورها استفادت في السابق من تجارب دول كغواتيمالا والبيرو وجنوب إفريقيا". وأوضح اليزمي أنه سيجري تقديم منهجية التحريات، التي اعتمدتها هيئة الإنصاف والمصالحة في عملها، من خلال عروض لأعضاء سابقين في الهيئة حول تقنيات الاستماع وتجميع المعطيات، والاحتياطات الواجب اتخاذها مراعاة لحالة الضحايا النفسية، وتقنيات تحليل الملفات، وكذا كيفية إنشاء قاعدة بيانات وطرق تحرير التقرير الختامي. من جانبه، قال توفيق بودربالة، رئيس اللجنة التونسية للتحقيق وتحديد المسؤوليات عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، "لقد تابعنا باهتمام، منذ سنوات، قرار إحداث هيئة الإنصاف والمصالحة، ورد الاعتبار لكل من تضرر في الماضي"، مؤكدا على أن التجربة المغربية في هذا المجال "تعتبر رائدة، وأردنا التعرف عن قرب على طرق اشتغالها بدءا من طريقة الاستقصاء وجمع المعلومات، ثم وضع معايير التعويض ورد الاعتبار". وذكر بأن اللجنة عقدت لقاء سابقا بتونس مع عدد من أعضاء هيئة الإنصاف والمصالحة، مبرزا أن زيارة الوفد التونسي للمغرب ستمكن من "الاستفادة من التجربة المغربية، التي سنحاول تطبيقها بما ينسجم وخصوصيات بلدنا". من جهتها، قالت ليلى الرحيوي، منسقة المكتب الجهوي لشمال إفريقيا التابع لهيئة الأممالمتحدة للمرأة، إن المكتب "يواكب المسار الانتقالي في تونس، وفي هذا الإطار قدمنا دعما تقنيا أوليا، من خلال تنظيم تبادل للتجارب بين المغرب وتونس". وأضافت أن زيارة الوفد التونسي تروم "تعميق دراسة طرق وأدوات اشتغال هيئة الإنصاف والمصالحة، خصوصا أن اللجنة التونسية أنهت مرحلة الاستقصاء، ومن المهم الوقوف حاليا على كيفية معالجة المعلومات واستغلالها، وكيفية إعداد التقرير الختامي". ويتضمن برنامج اللقاء زيارة للمقر السابق لهيئة الإنصاف والمصالحة، ولمقر المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان، وكذا مؤسسة إدريس بنزكري لحقوق الإنسان، وعدد من منظمات المجتمع المدني.