بعد الزواج يتسلل الروتين والملل إلى العلاقات الزوجية، فتصبح القاعدة الأساسية في الحياة، روتين يومي لا مفر منه. فيصبح حلم كلا الطرفين إلى العودة إلى أيام العزوبية، أيام الحياة بمعناها الأمثل، لا مسؤوليات، ولا أولاد، ولا ملل ولا روتين يقيد حريات الرجل. أما المرأة، فتتذكر أيام الدلع، وأيام كانت ف "دار باها" معززة مكرمة، لا مسؤوليات ولا من يفرض سلطته عليها، ولا من يعكر صفو حريتها. أيام زمان ما فحالها يام إلهام، 40 سنة، صرحت ل"المغربية" أنها لم تحس أن حبها لزوجها واهتمامها به تقلص، مع مرور الأيام، أو أصبح يطبعه الروتين، لأن الأمر لا يتوقف على الحب فقط، "ملّي تايجيو الولاد تيولليو هم الحب الحقيقي لينا، تنشوفو راسنا فيهم، فزوجي يبادلني شعور الحب نفسه كما عهدته من قبل حتى أن نتزوج، ولكن الآن لدينا أولويات، منها أبنائي وتوفير الراحة لهم، فهذا في حد ذاته حب، ولكنه من صنف آخر". أمين، متزوج حديثا، قال إنه يهتم بزوجته كثيرا، "صحيح أن بعد الزواج تتغير أشياء كثيرة، إلا أن ذلك لا يلغي قيمة وجود الحب بكل تجلياته، كالاهتمام مثلا، أحيانا أحس بملل نمطي، لكني أتفهم أنها بسبب ضغوط الحياة لا غير". هاتف الحب يرن مايا، لبنانية مقيمة بالمغرب، صرحت، في حديث "فايسبوكي" ل"المغربية"، أن الحب أساسي لمناهضة هذا الروتين، فمعظم الأزواج يتغيرون بعد الزواج، بحيث يصبح الحب، من وجهة نظرهم الضيقة، شيئا من الكماليات لا غير، وهذا يساعد حتما في اندثار تفاصيل الحب "القديم". ربيع، في الثلاثينيات من عمره، قال إن الملل يتسلل إلى العلاقة الزوجية، دون سابق إنذار، فتصبح روتينية لا طعم فيها ولا حياة، وهذا أحيانا بسبب عوامل كثيرة كوجود الأبناء، وعدم اهتمام الزوج بزوجته والعكس صحيح، "فحال شي تيليفون تيصوني وحنا متنجوبوش"، وهذا يجعله يتسرب إلى نفوس الزوجين معا. بالحب تصلح الأمور ندى، 44 سنة، ترى أن العلاقة الزوجية من الطبيعي أن تمر بهذه المرحلة، "لكن علينا، فقط، معرفة كيفية تجاوزها دون أثر يذكر، "شحال من خصومة ومدابزة فكها الحب والانسجام، الملل تايكون ولكن لا يسود". طارق، مطلق، صرح لنا أنه يؤمن بالمثل القائل "إيلا دْخل الملل من الشرجم خرج الحب من الباب"، لأن حياته المملة بجوار امرأة أجنبية جعلته يفكر ألف مرة، قبل أن يقدم على الزواج مرة ثانية، لأن الملل يقتل الحب فما بالك بالعلاقة، فهي تنتحر من تلقاء نفسها". فريد يقول "إن الملل يتسرب إلى حياتنا حين نحصر هذه الحياة في الانشغالات اليومية، وننسى أنفسنا... فالزوجة في حاجة إلى تجديد حياتها وأعتقد أن هذا ليس بالأمر العسير، خاصة أن الظروف أصبحت تتيح لنا الخروج إلى المقهى أو للسينما أو في نزهة، رأسا لرأس، وهنا نشعر أننا ما زلنا في أيامنا الأولى وأن حبنا ما زال متوهجا، لا دخل فيها لمتاعب الحياة اليومية، ولا لضغوط العمل، ولا للمشاكل المادية إن وجدت". فعلا، يتسلل الملل كما يتسلل الحب إلى قلوبنا تماما، ولكن بشكل مختلف ومقلق، يحير معها الطرفان، فبعد نظرة فسلام، فموعد فلقاء وزواج، أصبح واقع الحال يقتصر على الروتين القاتل، الذي يدمر، شيئا فشيئا، هذه العلاقة الزوجية، إلا في حالة واحدة حينما يحاول الزوجان فيها إعادة بناء أو توطيد روابط المحبة والانسجام من جديد، بتغيير تصرفاتهما، ومحاولة إشعال فتيل العاطفة المتأججة، التي لا تترك مجالا لتسرب الملل أو لسيطرة المشاكل على علاقتهما.