حاولت مديرية الدراسات والتوقعات المالية، التابعة لوزارة المالية والاقتصاد، في دراسة مقارنة أنجزتها حول التقطيع الجهوي الحالي والتقطيع المقترح من طرف اللجنة الاستشارية للجهوية، تحليل القيمة المضافة القطاعية حسب الجهات، ومعالجة الدينامية القطاعية ذات الخصوصيات الجهوية، في كل تقطيع. وأبانت الدراسة، التي نشرت نتائجها الخميس الماضي، لتعميق النقاش حول التقطيع الجهوي المقترح من طرف اللجنة الاستشارية للجهوية، أن اقتراح 12 جهة، بدل 16 المعمول بها حاليا، سيعطي ثلاث مجموعات كبرى من الجهات، منها 4 جهات كبرى و4 جهات ذات نمو اقتصادي متوسط، و4 جهات في طور النمو، مبرزة أن المجموعة الأولى هي المنبع الأساس للثروة الوطنية، وساهمت بنسبة 61 في المائة خلال الفترة 1998 و2009. وتهم هذه المجموعة كلا من الدارالبيضاء سطات (24،5 في المائة) والرباطسلاالقنيطرة (15،8 في المائة) ومراكشآسفي (11 في المائة) وسوس ماسة درعة(10،5 في المائة). وأوضحت الدراسة أنه، في حالة اعتبار وتيرة النمو، فإن جهات المجموعة الأخيرة هي الأكثر حركية، بمعدلات نمو تفوق المعدل الوطني (6 في المائة)، ويتعلق الأمر بجهة الداخلة وادي الذهب، وجهة العيون الساقية الحمراء، بمعدل نمو 9 في المائة و8،5 في المائة، على التوالي . وأفادت المديرية أن الفوارق بين الجهات على مستوى المساهمة في النمو، تقع ملامستها على مستوى الناتج الداخلي الخام لكل مواطن، مع تحسن ملحوظ للوضعية لصالح التقطيع الجديد، مؤكدة أن هذا المؤشر هو في تحسن بالنسبة لكل الجهات، ولو بوتيرة مختلفة. وأشارت المديرية إلى أنه، مقارنة مع المستوى الوطني، هناك 5 جهات، من أصل 12 جهة، تتوفر على ناتج داخلي خام لكل مواطن يتجاوز المستوى الوطني، وهي جهات العيون الساقية الحمراء، بحوالي 24 درهما لكل ساكن، وسوس ماسة، بحوالي 23 درهما لكل مواطن، والدارالبيضاء سطات (حوالي 22 درهما لكل مواطن)، والداخلة وادي الذهب (حوالي 20 درهما لكل فرد)، والرباطسلاالقنيطرة، بما يفوق 19 درهما لكل فرد. وأضافت الدراسة المقارنة أن حوالي نصف القيمة المضافة الأولية متمركزة في جهتين، وهما سوس ماسة (حوالي 32 في المائة)، والرباطسلاالقنيطرة (حوالي 17 في المائة)، موضحة أنه، في ما يخص النشاط الوطني الثانوي، تتمركز أزيد من 50 في المائة من القيمة المضافة في 3 جهات، هي الدارالبيضاء سطات (حوالي 43 في المائة)، والرباطسلاالقنيطرة (11 في المائة)، ومراكشآسفي (حوالي 10 في المائة). وأفادت الدراسة أن هذا التمركز يهم، أيضا، القطاع الثلاثي، باعتبار أن 4 جهات تساهم في أكثر من نصف النشاط الثالث الوطني، هي الدارالبيضاء سطات (21 في المائة)، والرباطسلاالقنيطرة (18 في المائة)، ومراكشآسفي (12 في المائة)، وفاس مكناس(حوالي 11 في المائة)، معلنة أن هذا التوزيع مرتبط بمؤهلات الجهات، وبنيتها الديمغرافية، ومؤهلاتها الاقتصادية والاجتماعية. ويبرز تحليل الدراسة التخصص القطاعي النسبي للجهات، على اعتبار أن مساهمة القطاعات المختلفة في تكوين الناتج الداخلي الخام الجهوي تختلف من جهة إلى أخرى، مبينا أن جهات سوس ماسة، والريف الشرقي، وبني ملالخنيفرة، تسجل تضخما في القطاع الأولي، مقارنة مع المستوى الوطني، في حين، تعرف جهات الدارالبيضاء سطات، وطنجة تطوان، والعيون الساقية الحمراء، تضخم الأنشطة الثانوية، وهي الأنشطة المميزة لهذه الجهات. وأشارت الدراسة إلى أن أهمية جهة الدارالبيضاء سطات تعود إلى هيمنة القطاعين الثانوي والثالث، بينما تكمن قوة جهة سوس ماسة في هيمنة اقتصاد متنوع ومتمركز حول القطاع الأولي، وتحويل منتوجاته، إضافة إلى السياحة. أما هيمنة جهة الرباطسلاالقنيطرة، فتتجلى في قطاع البناء، والخدمات العمومية، والخدمات غير التجارية، بينما تظهر هيمنة مراكشآسفي في الاقتصاد المتنوع، الذي يهم الصناعة الاستخراجية، والأنشطة الأولية، والبناء والخدمات العمومية. وأوضحت الدراسة أن هذه النتائج تطابق المبدأ الوظيفي المرتبط بالقضية الحضرية، المطبقة إبان التقسيم الجديد للمجال الأطلسي المتوسطي، والوسط، المكون من فضاءات ذات كثافة بشرية مرتفعة، مضيفة أن هناك مجموعة من الجهات تكونت حسب المبدأ نفسه، هي طنجة تطوان، وشرق الريف، وفاس مكناس، وبني ملالخنيفرة. كما أن هناك تكتل جهات متجانسة وذات طبيعة صحراوية وقاحلة، معروفة ببنيتها الضعيفة، وتهم جهات كلميم وداي نون، ودرعة تافيلالت والعيون الساقية الحمراء، والداخلة وادي الذهب. وأشارت الدراسة إلى أنه، بالعودة إلى التقطيع القديم، يلاحظ أن جهة الدارالبيضاء تعززت بعمالات الجديدة، وبرشيد، معززة بذلك التموقع الصناعي للجهة الجديدة للدارالبيضاء، سطات، التي استفادت من القيمة المضافة الأولى الناتجة عن هذه العمالات، دون أن تنزع عنها موقع الزعامة في المجال الصناعي، في حين، تتخصص عمالة طاطا وجهة سوس ماسة درعة أكثر في أنشطة فروع الفلاحة والصيد البحري والسياحة. وأبرزت الدراسة أن عمالة آسفي سمحت لجهة مراكش بتحسين موقعها على الخريطة الاقتصادية الوطنية، بالتقارب من الجهات المتخصصة في أنشطة القطاع الأولي والصناعة الاستخراجية، كما استفادت الجهة من القيمة المضافة لقطاع الصيد، واستفادت جهة مراكشآسفي من موقع استخراج الفوسفاط باليوسفية، التي ألحقت بالجهة، فيما زادت من حصتها داخل القيمة المضافة للصناعة الاستخراجية، حسب التقطيع الحالي، من حوالي 15 في المائة إلى ما يفوق 26 في المائة، سنة 2009. وأفادت الدراسة أن الأمر نفسه ينطبق على جهة الرباطسلاالقنيطرة، التي أدمج فيها أكبر جزء من الغرب شراردة بني حسن، والتي عرفت تحسنا ملحوظا في موقعها، عبر تدعيم توجهها الإداري بنشاط الخدمات غير التجارية، وبإغنائها بما أضافته المناطق المعروفة بهيمنة الأنشطة الصناعية وبنشاط البناء والأشغال العمومية، والخدمات غير التجارية. وسجلت دراسة وزارة المالية أن جهة تادلة أزيلال أصبحت بني ملالخنيفرة، مع إدماج عمالات خريبكةوخنيفرة وميدلت، والتي ربحت نقاطا في القيمة المضافة، لتقترب نسبيا من المجموعات المتخصصة في النشاط الفلاحي والمنجمي، مستفيدة من فوسفاط خريبكة.