اختتمت، أول أمس السبت، بمدينة طنجة، أشغال الدورة العادية الثانية عشرة للمجلس العلمي الأعلى، التي انعقدت بأمر من أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، على مدى يومين. وتكتسي هذه الدورة، التي افتتحت أشغالها، يوم الجمعة المنصرم، حسب وثيقة للمجلس العلمي الأعلى، قدمت بالمناسبة، أهمية بالغة من حيث الظرفية التاريخية التي تنعقد فيها "في سياق حركات سياسية واجتماعية غير مسبوقة، استطاع خلالها المغرب، بفضل القيادة الرشيدة لأمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس، تفادي الأخطاء والسلبيات، التي تفضي إلى بعض أشكال التدافع الاجتماعي الضارة، عبر الإعلان عن مجموعة من الإصلاحات الرائدة، التي تحفظ للأمة ثوابتها، وتتجاوب وطموحها إلى مزيد من الكرامة والعزة والإنصاف". وأضافت الوثيقة أن العلماء عبروا عن اعتزازهم بروح التبصر والإقدام، اللذين يميزان الإمامة العظمى بالمغرب، وبالآفاق التي فتحها خطاب 9 مارس، معتبرين أن "التغيير، وإن كان من متطلبات الشرع وسنة الحياة، فيحب أن يكون نابعا من تمثل جيد لحاجة في المجتمع وانتظاراته، وأن مسلسل الإصلاح في المغرب هو خيار حقيقي شامل بدأ قبل إحدى عشرة سنة، ولم تفرضه أحداث عارضة ولا إكراهات مباغتة". وأكد الكاتب العام للمجلس العلمي الأعلى، محمد يسف، في كلمة خلال افتتاح أشغال الدورة، بحضور وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أحمد التوفيق، على أن الإصلاح في المغرب "انطلق منذ أزيد من 10 سنوات بفضل تلاقي إرادة الأمة مع إرادة جلالة الملك محمد السادس". وقال إن "كل إصلاح يتعين أن ينطلق من الإنسان حتى يكون كل واحد قادرا على إفادة وطنه وإفادة المجتمع"، مبرزا أن "العلماء يستهدفون الإصلاح في منبته وهم من يضعون أسسه، ففي الإنسان يبدأ الإصلاح وينتهي". وأضاف أن هذه الدورة تنعقد والعالم العربي يعرف أوضاعا اقتصادية واجتماعية وسياسية في غاية الحساسية، تتطلب معالجتها بعد نظر وتبصر، معتبرا أن "المغرب، باعتباره جزءا من هذا الفضاء، قادر على قيادة التغيير في تلاحم تام بين العرش والشعب، كما كان عليه الأمر في ملحمة الاستقلال". من جهة أخرى، أشار محمد يسف إلى أن هذه الدورة العادية للمجلس العلمي الأعلى "تتميز بحضور، لأول مرة، أعضاء المجلس العلمي المغربي لأوروبا، الذي يجسد عناية أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس بالمغاربة المقيمين بالخارج، وبالحفاظ على هويتهم الدينية". وعكف المجلس العلمي الأعلى، الذي واصل أشغال دورته في إطار لجان مغلقة، على مناقشة حصيلة نشاطه ونشاط المجالس العلمية المحلية بين الدورتين، ومناقشة عمل اللجن العلمية المتخصصة التابعة للمجلس العلمي الأعلى، وفي مقدمتها مشروع تحقيق "الموطأ"، وتقويم برنامج تأهيل الأئمة الذي يعتبر الخطوة الأولى في ترجمة "ميثاق العلماء". كما تدارس خطة عمل المجلس العلمي المغربي لأوروبا، بالإضافة إلى متابعة النظر في مجموعة من الملفات المفتوحة، من قبيل تطوير الخطاب الشرعي وآليات تجديده، وتعميق النظر في موضوع الكراسي العلمية، ووضع جائزة المجلس العلمي الأعلى للخطبة المنبرية، والنهوض بالإعلام الديني وتطوير منابر المؤسسة العلمية.