شاء القدر المحتوم أن تنتقل روح المطربة الموريتانية الشهيرة ديمي بنت آبه الى بارئها في المغرب البلد، الذي أحبته وأحبها، وأن ترحل عنه وهي في نعش ملفوف بالعلم الموريتاني، صحبة وفد رسمي تتقدمه وزيرة الثقافة الموريتانية الفنانة الراحلة ديمي بنت آبه (أرشيف) عد أن قدِمت إليه وهي في قمة عطاءها ونشاطها لتحيي حفلا بمدينة العيون. توفيت صاحبة الصوت الشجي المتفرد عن عمر يناهز 54 عاما بمستشفى الشيخ زايد بالرباط، بعد وعكة صحية ألمت بها خلال مشاركتها، أواخر شهر ماي المنصرم، في حفل كانت تحييه بمنزل أحد أعيان الصحراء المغربية، ونقلت على الفور من مدينة العيون إلى الرباط، حيث خضعت لعملية جراحية في الدماغ، دخلت على إثرها في غيبوبة أدت إلى وفاتها. وبعد إعلان وفاتها، التي خلفت فراغا كبيرا وحالة من الحزن والأسى في موريتانيا والصحراء المغربية، سارعت الحكومة الموريتانية إلى إصدار بيان عزت فيه الشعب الموريتاني في الفنانة الراحلة، جاء فيه "ترفع الحكومة الموريتانية إلى علم الموريتانيين نبأ وفاة المغفور لها الفنانة ديمي بنت آبه، بالرباط، بعد مرض طارئ ألم بها، وتابعت الحكومة الموريتانية عن كثب الحالة الصحية للفنانة، إلى أن وافاها الأجل المحتوم بعد علاج مكثف في المملكة المغربية". وأضاف البلاغ أن وزيرة الثقافة والشباب والرياضة الموريتانية توجهت، صحبة وفد مرافق، إلى الرباط في طائرة خاصة لنقل جثمان الراحلة إلى البلاد. ووصف مركز أمجاد للثقافة والتراث الفنانة ديمي بأنها كانت بحق مرآة المجتمع والفن والتراث، وسفيرة فوق العادة لقيم وأصالة وتراث أرض المليون شاعر، مؤكدا أن فاجعة رحيلها اليوم عن أهلها وعشاق فنها ونغمتها الذهبية هي خسارة كبيرة لا تعوض أجرت أنهارا من دموع الحزن والأسى ليس في "بطحاء تكانت"، حيث نشأت وترعرعت، وإنما في جميع أنحاء البلاد، التي عرفت من خلال هذه الفنانة القديرة عبقرية إنسانية فذة وحبا لا ينضب لوطنها. ازدادت ديمي بنت آبه سنة 1958 في مدينة تجكجة، بولاية تكانت وسط موريتانيا، لأسرة فنية عريقة، فهي ابنة الفنان سيداتي ولد آبه، الذي لحن النشيد الوطني الموريتاني، أما والدتها فهي الفنانة منينه بنت أيده، ومنذ انطلاقتها مطلع الثمانينيات من القرن الماضي، تنبأ لها الجميع بمستقبل كبير في عالم الغناء، إذ كان صوتها قويا ومتفردا. غنت ديمي أروع قصائد الشاعر الموريتاني الشهير، أحمدو ولد عبد القادر، وكشفت رائعة "ريشة الفن" عن ميلاد نجمة كبيرة في عالم الغناء، وحققت ديمي نجاحا كبيرا، بعد أن شكلت مع الفنان الراحل الخليفة ولد أيده ثنائيا فنيا اكتسح الساحة الموريتانية بأغان ما زال الموريتانيون يرددونها، كما حققت النجاح نفسه مع المطرب الشهير سدوم ولد أيده بقصائد الشاعر الكبير نزار قباني. وفي منتصف التسعينيات من القرن الماضي، وصلت إلى أوج شهرتها، إذ أصدرت عدة ألبومات من أشهرها "الدعاية"، و"الغرام"، و"الكريه"، و"المفاجأة 1"، و"المفاجأة 2"، و"عيد المولود"، و"البهتان"، و"الرحاب"، وطوعت ديمي الموسيقى الموريتانية لصالح الأغاني الجديدة، كما اشتهرت بإعادة تلحين وتوزيع الأغاني التراثية بإيقاع سريع ولاقت هذه الأغاني قبولا كبيرا مثل "الهيلالة"، و"كمبه بي بي"، و"تبليت"، و"دن دندن"، وغيرها. غنت ديمي لموريتانيا أغان وطنية شهيرة، مثل "يا وطني"، و"شوفو الحكومة"، إضافة إلى أغان سياسية ودعائية لاقت قبولا جماهيريا كبيرا. وفي المغرب، غنت ديمي في جميع المناسبات وكانت أشهرها أغنية "نصرا نصرا نصرا جلالة الحسن"، التي غنتها تقديرا وإجلالا للملك الراحل الحسن الثاني.