خلف الفيلم المغربي "على اللوح" لمخرجته ليلى كيلاني، أصداء طيبة، أثناء عرضه ليلة الخميس الماضي، ضمن فقرة "لاكانزان دي رياليزاتور" "نصف شهر المخرجين"، إحدى الفقرات المنظمة ضمن مهرجان "كان" الدولي للسينما الذي تتواصل فعاليات دورته 64 إلى غاية 22 ماي الجاري، بمشاركة نجوم السينما العالمية. وفي هذا السياق، قالت المخرجة المغربية ليلى كيلاني، إن فيلمها "على اللوح" الشريط المغربي الوحيد، الذي يمثل السينما العربية في هذا المهرجان الدولي، إلى جانب فيلم اللبنانية نادين لبكي "حلق لوين؟"، المشارك ضمن مسابقة "نظرة ما"، معبرة في تصريحات متفرقة لبعض وسائل الإعلام الفرنسية، عن اعتزازها البالغ لتمثيلها السينما المغربية بمهرجان كان الدولي. وأكدت كيلاني أنها ظلت وفية لأسلوبها في الإخراج، الذي تجلى في أعمالها الوثائقية السابقة، خصوصا فيلمها الأخير، "أماكننا الممنوعة"، الحاصل على العديد من الجوائز الوطنية والدولية، إذ اعتمدت سينما الواقع، موضحة أنها اختارت أربع شابات عاملات، اشترطت فيهن إتقان اللكنة الطنجاوية، رغم أنهن يتحدرن من مناطق مختلفة، حيث أسرهن ووفدن على مدينة طنجة وحيدات للبحث عن فرص الشغل، في مصانع النسيج، ووحدات تنقية السمك. ويتعلق الأمر ب"بديعة، وإيمان، وأسماء، ونوال". وأضافت كيلاني أنها وجدت صعوبة كبيرة في اختيار بطلات الفيلم، إذ تطلب الأمر منها قرابة السنة، موضحة أنها أرادت أن تجسد، من خلالهن، التحولات التي يعيشها المغرب في كل المجالات، إنهن شابات غيرن وجه المدينة، ونسجن علاقات ظرفية في ما بينهن، كما أنهن سعين إلى تأكيد هوياتهن الخاصة، وسط مدينة تتميز بتباين كبير بين أحيائها الراقية والمتواضعة والفقيرة، إنها صورة لمدينة تجمع المتناقضات. وعن قصة الفيلم، أفادت كيلاني، التي سبق لها أن اشتغلت بالصحافة، ما بين سنة 1997 و1999، إن فكرة "على اللوح"، وهو إنتاج مشترك بين المغرب وفرنسا وألمانيا، بدأت تراودها منذ سنة 2005، قائلة "كنت أطالع بعض الصحف الوطنية المغربية، التي أثارت موضوع تأنيث الجريمة، والخبر الذي أثار حفيظتي هو أربع شابات عاملات، يلتقين بأصدقائهن في أحد المقاهي التي شهدت جريمة قتل"، وانطلاقا من هذه المادة الخبرية، تضيف كيلاني "كتبت مشروع السيناريو وطرحته على حفيظ بن عثمان كاتب الروايات السوداء، لتنقيحه وإضافة بعض الفقرات التي تغني المشاهد، إذ اشتركنا معا في تهيئ هذا العمل، الذي أصبح بالنسبة لي واقعا واضحا وليس فيلما أسودا، لأنني عالجت هذه الظاهرة وفق منظور ذاتي، بإبراز الجانب الإنساني في الشابات الأربع". وبخصوص التصوير في طنجة قالت كيلاني، التي ولدت بمدينة الدارالبيضاء سنة 1970، إنها ترى في طنجة، مدينة التحديات المستمرة، مشيرة إلى أنها واجهت صعوبات كثيرة في التصوير بهذه المدينة، التي سبق وصور بها المخرج العالمي مات داون فيلمه" هوية بورن" أو "ذاكرة في الجلد"، موضحة أنها لم تستطع التصوير بحرية، رغم تظاهرها بأنها طنجاوية. وعن اختيارها اقتحام سينما الواقع، من خلال أفلامها الوثائقية السابقة، أكدت ليلى أن قوة السينما الوقعية تفتح المجال للتساؤلات، وخلق فضاء للحوارات، مشيرة إلى أنها تعتمد على لغة تعبيرية. وأضافت أنه لا توجد حدود بين السينما الوثائقية والسينما الروائية، فالفرق بينهما يكمن فقط في الطرق، والصيغ التي تعالج بها كل قصة. وأبرزت أن فيلمها الأخير، الذي تجسد أدوار البطولة فيه كل من صوفيا عصام، ومنى باحماد ونزهة عقيل، وصارة البطيوي، لا يمكن أن يقدم صورة كاملة عن الواقع، بل يحتاج الأمر إلى أكثر من مائة فيلم لطرح مثل هذه القضايا، مشيرة إلى أنها لا تقدم في أعملها أجوبة، بل تحرص على طرح التساؤلات لتترك للمشاهد هامشا واسعا من التعطش. يشار إلى أن كيلاني لم تدرس السينما، لكن حبها القوي لهذا اللون الفني دفعها إلى تقديم أول عمل سينمائي وثائقي يحمل عنوان "طنجة حلم الحراكة" بمساعدة المركز السينمائي الفرنسي، ونالت عنه جائزة "المواهب الصاعدة"، وجرى إنتاجه من طرف التلفزيون الفرنسي ونال جوائز عدة، ما دفعها للاستمرار في هذا الميدان الفني. كما أنها أنتجت أربعة أفلام وثائقية، قبل أن تخرج "على اللوح"، وهو أول أفلامها الروائية المطولة، وهي "أماكننا الممنوعة" سنة 2009، الذي نال العديد من الجوائز من أهمها "الفيسباكو"، و""طنجة، حلم المغامرين" " سنة 2001، الذي نال جائزة مهرجان قرطاج السينمائي، وفيلم "ملتقى" سنة 2003، الذي شاركت به في مهرجانات عدة، وفيلم "أم وليد" سنة 2006.