في يوم 18 أبريل الماضي، الذي يصادف الاحتفال باليوم العالمي للمباني التاريخية والمواقع الأثرية، و18 ماي الجاري، يوم الاحتفال باليوم العالمي للمتاحف، أوقفت الشرطة القضائية بالرباط، مبحوثا عنه منذ 2009 في ملف سرقة اللوحات الفنية من متحف الإبريز بالرباط بعد إدلاء شاهد إثبات بمعطيات تؤكد أن المتهم كان ينقل اللوحات الفنية رفقة متهم آخر يوجد رهن الاعتقال الاحتياطي بالسجن المحلي بسلا. ووصل عدد المتابعين في الملف تسعة، منهم ثلاثة في حالة اعتقال وستة في حالة سراح بعد متابعتهم من قبل قاضي التحقيق بملحقة محكمة الاستئناف بسلا، بتهم تتعلق بالسرقة الموصوفة وإخفاء أشياء متحصل عليها من جناية كل حسب المنسوب إليه، وكان متحف الإبريز لصاحبه عبدالجبار الحريشي تعرض لعملية سرقة حوالي 67 لوحة فنية قيمة استرجع منها سبع لوحات منها واحدة للفنان الراحل محمد القاسمي. وفي يوم 22 أبريل الماضي، تمكنت إدارة محافظة موقع وليلي الأثري بضواحي مدينة مولاي إدريس زرهون، بإقليم مكناس، من إيقاف شخص مجهول الهوية متلبس بمحاولة سرقة تحفة أثرية، عبارة عن "رتاج باب"، مصنوع من النحاس الأصفر الثقيل، يصل وزنه إلى 1.640 كيلوغرام. وحسب محافظ موقع وليلي، فالتحفة التاريخية، التي تعد من النماذج النادرة جدا بالمغرب، يعود تاريخها إلى الحقبة الرومانية، وتحديدا إلى حوالي 18 قرنا خلت، وأن العملية، التي تدخل ضمن السرقات الأثرية، هي الأولى من نوعها التي يجري إحباطها على الصعيد الوطني من طرف إدارة تابعة لوزارة الثقافة، ما يعني أن هناك سرقات كثيرة مست العديد من التحف الأثرية، سواء من موقع وليلي، الذي صنفته "اليونسكو" في عام 1997 ضمن لائحة التراث الإنساني، باعتباره المنطقة الرومانية الوحيدة في العالم، التي توجد داخل مجال ظل محافظا على خصائصه الطبيعية والمعمارية والفنية، أو مواقع تاريخية ومتاحف أخرى. وإذا كان الأمر كذلك فماذا عن هذه السرقات؟ ولماذا لم يجر إيقاف مقترفيها؟ ولم يكشف عن ملابساتها؟ في سنة 1996، تعرض موقع وليلي الأثري لسرقة قناديل رومانية، سبقتها سرقات أخرى، مست تمثالا من الرخام لإله الخمر الروماني "باخوس" وقطعا من العملة النقدية الذهبية للملك "جوبا"، التي يعود تاريخها إلى 40 سنة قبل الميلاد، وما زال بنك المغرب يحتفظ لها فقط بالجذاذات، إلى جانب صورة جوبا وثعبان. بعيدا عن موقع وليلي الأثري، وتحديدا بمدينة "ليكسوس" التاريخية بنواحي العرائش، تبخرت قنوات من الرصاص للماء الصالح للشرب، تعود إلى ما قبل الرومان، كما سرق مدفع تقليدي يتجاوز عمره 200 سنة، من مدينة الجديدة، ونهب مجموعة من الأفراد من قوات المينورسو التابعين للأمم المتحدة، قطعا صخرية تضم نقوشا تاريخية مهمة تعود إلى آلاف السنين، من الصحراء المغربية. كما اختفى ديناصور مغربي من فصيلة "سبينوصور" جمعت أجزاؤه الأصلية، التي ترجع إلى العهد الطباشيري، من 112 إلى 93 مليون سنة، على مدى 25 سنة تقريبا، من عدة جماعات بمنطقة "كيم- كيم" جنوب المغرب، ليظهر في مزاد علني بقاعة "دور مونتين" بباريس، حيث وصلت قيمته إلى مائة ألف أورو، و"سبينوصور" أو "السحلية الشائكة"، ديناصور نادر من أكلة اللحوم، يبلغ طوله 18 مترا، ويزن 4 أطنان، ويتميز بفك قوي وأسنان حادة ضخمة يقتات على الديناصورات والأسماك الكبيرة. وفي فترات سابقة، اختفى كتاب "الموطأ" للإمام مالك، ليظهر بسويسرا، حيث بيع ب 200 مليون أورو، كما اختفت نسخة قديمة من القرآن الكريم تعود إلى 10 قرون خلت، لتلحق بالمصحف العثماني، الذي ظل محفوظا في جامع قرطبة، حتى نقله السلطان الموحدي عبد المؤمن بن علي إلى مراكش، وظل بالمغرب حتى عهد بني مرين. اختفت أيضا، في ظروف غامضة، العديد من اللوحات الفنية، خصوصا لوحات ماجوريل، التي يصل ثمنها اليوم إلى خمسة ملايير سنتيم، وكانت محفوظة منذ سنة 1919، بمتحف المدينة العتيقة بمدينة الدارالبيضاء، الذي أسسه كل من الفرنسيين ماجوريل وبراني مدير ليسي ليوطي في ذلك العهد، والجزائري معمر الزاوي، إلى جانب زرابي وحلي وأدوات يدوية تقدم نظرة عن التاريخ وتطور العادات والتقاليد المغربية عبر العصور، ولم تفلت منها إلا عظام الولي الصالح سيدي عبد الرحمان، التي نقلت إلى متحف الرباط. ومن بين التحف الأثرية، التي اختفت في وضح النهار على مدار التاريخ، من مواقع تاريخية وأركيولوجية ومتاحف، وقصور وقصبات، من شمال المغرب إلى جنوبه، أدوات عديدة تقدم نظرة عن التاريخ وتطور العادات والتقاليد المغربية عبر العصور.