ينتظر أن يفتح الانضمام المرتقب للمغرب إلى "مجلس التعاون الخليجي"، على غرار الأردن، آفاقا واسعة أمام العلاقات الاقتصادية والمبادلات التجارية، بين الطرفين، كما ينتظر أن تستقطب المملكة المزيد من الاستثمارات الخليجية، بفضل الامتيازات، التي ستوفر للبلاد. مشروع أبي رقراق السياحي ثمرة استثمارات الإمارات العربية المتحدة بالمغرب (خاص) ويرى فؤاد عمور، أستاذ الاقتصاد بجامعة الحسن الثاني بالدارالبيضاء، أن "آفاق استفادة المغرب، اقتصاديا وتنمويا وسياسيا، من انضمامه إلى مجلس التعاون الخليجي واسعة جدا، إذ سيمكنه من الاستفادة من كثير من المجالات، ومن ذلك، على الخصوص، استيراد حاجياته من المحروقات من البلدان الخليجية، الغنية بالنفط، بأسعار تفضيلية، ما سيضمن تقليص الفاتورة النفطية إلى أدنى المستويات". وأوضح عمور، في تصريح ل"المغربية"، أن سوق بلدان الخليج مهمة جدا، إذ تضاهي أسواق البلدان المتقدمة، من حيث الاستهلاك والقدرة الشرائية، وستكون الفرص مواتية لتصدير المنتوجات المغربية إلى هذا التجمع الإقليمي، خصوصا المنتوجات الفلاحية، والبحرية، ومنتوجات الصناعة التقليدية، كما أن اليد العاملة المغربية مرشحة للاستفادة من فرص الشغل في هذه الأسواق. وحسب عمور، من المنتظر، أيضا، أن يستفيد المغرب من المناهج التربوية، والخبرات الجامعية، التي اكتسبتها دول الخليج، وكذا من المناهج الثقافية الآسيوية، بحكم العلاقات الوطيدة، التي تجمع هذه الدول والبلدان الآسيوية. وعلى مستوى الاستثمارات توقع الأستاذ الجامعي أن تتضاعف المشاريع الخليجية في المغرب، ما يعد مكسبا مهما للبلاد، على مستوى تنويع الشركاء الاقتصاديين، دون حصرها في الاتحاد الأوروبي، أو البلدان الإفريقية. في المقابل، شدد عمور على ضرورة أن يقطع المغرب أشواطا كبيرة، للقضاء، نهائيا، على العوائق التي تحد من تدفق الاستثمارات، من خلال مراجعة التشريعات، وتبسيط إجراءات الاستثمار إلى أقصى الحدود، وتكييف هذه التدابير مع متطلبات العولمة، وكذا تحسين مناخ الأعمال، كما يتعين عليه تنمية اللغة الإنجليزية، باعتبار أن اللغة الفرنسية غير معمول بها في الشرق العربي. حاليا، تحتل الاستثمارات الخليجية في المغرب المرتبة الثانية، بحوالي 30 مليار دولار، وبنسبة تقدر ب 22 في المائة، مقارنة مع إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة، بعد الاستثمارات الأوروبية، (فرنسا وإسبانيا على الخصوص)، التي تمثل نسبة 70 في المائة، واستثمارات الولاياتالمتحدة الأميركية بحوالي 4 في المائة، وبقيمة مليون دولار، والبرازيل بنسبة 2.8 في المائة، بمجموع 2.8 مليون دولار. وكانت الاستثمارات الخليجية الواردة على المغرب سجلت رقما قياسيا سنة 2007، بتسجيل 782 مليون دولار، لكنها هبطت إلى 780 مليون دولار سنة 2008، بسبب الأزمة الاقتصادية، قبل أن تستأنف صعودها، من جديد، السنة الماضية. ويوفر المغرب مزايا عدة للاستثمارات الخليجية، والأجنبية على العموم، إذ تملك البلاد قدرة هائلة في اجتذاب رؤوس الأموال، بفضل موقعها الجغرافي، وبنياتها الأساسية، ومواردها البشرية المشهود لها بالجدية والكفاءة المهنية والجدية، زيادة على الخطة التنموية الشاملة المرسومة للعقود المقبلة. ووضع المغرب، في العشرية الأخيرة، مجموعة من البرامج والمخططات الجالبة للاستثمار، من بينها، على الخصوص "رؤية 2010" السياحية، التي استقطبت اهتمام كبريات الشركات القابضة الخليجية، التي أنجزت مشاريع ضخمة مرتبطة بالمجال، في كل من مراكش، وأكادير، وطنجة، ومناطق أخرى. كما تقرر، في إطار "رؤية 2020"، التي تعد امتدادا للرؤية الأولى، أن تساهم الإمارات العربية المتحدة، والبحرين، وقطر، والكويت، في رسملة الصندوق المغربي للتنمية السياحية، الذي يبلغ غلافه المالي 15 مليار درهم. وتشكل البرامج، أيضا، "مخطط الإقلاع الصناعي"، و"مخطط المغرب الرقمي"، و"برنامج رواج 2020" لتنمية التجارة الداخلية والتوزيع، و"مخطط المغرب الأخضر"، على الخصوص. وتحتل الإمارات العربية المتحدة صدارة بلدان الخليج، على صعيد الاستثمارات المنجزة في المغرب، كما أن المشاريع السعودية، والقطرية، والكويتية، والبحرينية، جديرة بالاهتمام. ومن المؤسسات الخليجية النشطة في مجال الاستثمارات، وإنجاز البنيات الأساسية في المغرب، المجموعة المغربية الكويتية للتنمية، التي تأسست في 26 نوفمبر 1976، ومنذ هذا التاريخ أكدت حضورها وفاعليتها في مسار التعاون العميق بين البلدين، وهو تعاون "ليس منحصرا في المجال الاقتصادي والاستثمارات، بل يشمل كافة القطاعات، مثل البنية التحتية للبلاد، وتدعيم شبكة الطرق السيارة، إذ أن المجموعة تملك حصة من رأسمال شركة الطرق السيارة بالمغرب، والسدود، التي بلغ عدد ما مول الصندوق الكويتي للتنمية منها 28 سدا خلال العقود الأخيرة"، كما قال المدير العام للمجموعة، وليد فيصل الفهيد، الذي يشغل، أيضا، رئيس شركة تهيئة وتنمية إفران، وهي الشركة التي تتولى إنجاز محطة إفران، التي تدخل في إطار محطات "مخطط بلادي"، لتنمية السياحة الداخلية. يذكر أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة في المغرب، بما فيها الخليجية، تتوزع على قطاع العقار بنسبة 33 في المائة، والسياحية ب 21 في المائة، والبنوك (18.3 في المائة)، والشركات القابضة (8 في المائة)، والطاقة والمعادن (6 في المائة)، والصناعة (5 في المائة)، والأشغال العمومية (1.1 في المائة).