منذ إعطاء جلالة الملك محمد السادس انطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في غضون سنة 2005، حظي النسيج الجمعوي، بإقليم تاونات، بقسط وافر من المشاريع الاجتماعية والاقتصادية والثقافية ما جعل السكان المستهدفين، بفعل هشاشتهم وإقصائهم اجتماعيا، يستفيدون من أنشطة مدرة للدخل، أو من أنشطة كان لها تأثير إيجابي على وضعيتهم الثقافية والاجتماعية. وأوضح مبارك الشنتوفي، فاعل جمعوي بالمنطقة، أن المرأة القروية تشكل، بهذا الإقليم، الفئة الأكثر تعرضا للتهميش والإقصاء، بفعل ارتفاع نسبة الأمية، واستغلال عملهن اليومي "لذا جاءت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية لتفتح المجال أمام هذه الفئة، فتقدمت جمعيات نسائية بمشاريع طموحة كتربية الأغنام والماعز والأرانب، أو جمع الأعشاب الطبية". وعلى سبيل المثال لا الحصر، تقدمت جمعية "الوفاء النسوية للتنمية المحلية"، بمشروع تربية الأغنام، إذ جل عضوات هذه الجمعية لا تحسن الكتابة والقراءة، غيرأن "بعد ثلاث سنوات من إنجاز هذا المشروع، بدأت نتائجه الإيجابية تبرز جليا على النساء". أما جمعية بناء المبادرة للتنمية والأعمال الخيرية لوردزاغ، التي تترأسها مديرة مدرسة، فقامت بتعبئة نساء هذه المنطقة لزرع وجمع الأعشاب العطرية والطبية وتقطيرها، في إطار مشروع يقول عنه الشنتوفي إنه سيكون ذا مردودية مهمة، "سيما أن المعهد الوطني للأعشاب العطرية والطبية، وهو من أكبر المؤسسات على المستوى العربي والإفريقي يوجد في تراب جماعة الوردزاغ، الذي بادرت رئيسته بقبيلة الكيسان، بإنشاء وحدة لجمع وتعصير وتسويق الزيتون، داخل المغرب وخارجه". مشاريع تهدف إلى تثمين المنتوجات الترابية يعتبر التين والزيتون، والأعشاب الطبية، وموارد طبيعية أخرى قابلة للتحويل والتسويق، من أهم ما تمتاز به منطقة تاونات، المتنوعة بطقسها وتضاريسها. وفي هذا الصدد، بادرت "جمعية الألفية الثالثة للتنمية والتضامن"، التي تأسست سنة 2002، ببوهودة، إلى إنشاء وحدة لتجفيف التين، بدعم من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وتقوم الجمعية المذكورة بتسويق التين داخل المغرب وخارجه، وغالبا عبر المنظمة غير الحكومية "أوكسفام"، التي ساهمت في خلق فرص الشغل للنساء في وضعية صعبة. "هذا العمل التثميني للتين أهل الجمعية للحصول على ميدالية ذهبية من طرف المنظمة العالمية للتغذية، بمناسبة اليوم العالمي للتغذية. كما أن الجمعية شاركت في الأسبوع الأخضر ببرلين بألمانيا" يقول الشنتوفي. وتطمح تعاونية البركة، بدورها، إلى إنشاء وحدة أخرى لتجفيف الفواكه والخضراوات، واستخلاص المربى من التين، إضافة إلى مشاريع استخلاص زيت الزيتون، بالجاية، والكيسان، بتمويل من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي ساهمت في مشروع صناعة القفة، بجماعة مولاي بوشتى الخمار. النساء في قلب المعركة لمحاربة الأمية من جهتها، وتشجيعا للقراءة وتحفيز النساء والأطفال على التعلم، أنجزت الجمعية المحلية للتعاون والتنمية، التي تنهض بالأنشطة الثقافية، زيادة على مشاريع أخرى، مثل محاربة الأمية والتربية غير النظامية، وإصلاح عيون الماء، وغرس الزيتون... بدعم من المبادرة الوطنية، مكتبة بوهودة، التي يستفيد من كتبها الموجهة أساسا إلى الناشئة من تلاميذ الإعدادي والابتدائي أكثر من 1000 تلميذ، بمن فيهم القاطنون نائيا عن مركز الجماعة، وكذا إلى النساء، اللواتي خصصت لهن المكتبة عدة روايات تنمي خيالهن، وتصالحهن مع الكتاب. عن هذا المشروع، يقول الشنتوفي، الذي هو، أيضا، نائب رئيس الجمعية المحلية للتعاون والتنمية، إنه يرتبط، بطريقة أو بأخرى، بدروس الدعم وتعلم الإعلاميات، "ولتكريس نتائج هذا المشروع، تنظم الجمعية، أواخر شهر ماي من كل سنة، بدعم من وزارة الثقافة وعمالة إقليم تاونات، مهرجانا للقراءة تستدعي إليه كبار الفنانين والأدباء لتنشيط ورشات الفنون التشكيلية، والخط العربي، والقصص المصورة، وكتابة القصة القصيرة، والشعر والزجل، وحصص القراءة". دعم التمدرس ومحاربة الهدر المدرسي وبهدف الحد من الهدر المدرسي، ولتشجيع الفتاة القروية على ولوج عالم المدرسة، ساهمت عمالة إقليم تاونات في مشاريع بناء حوالي 40 دور للطالب والطالبة، ضمن برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، انطلق العمل ب 19 منها، و12 أخرى ما زالت في طور الإنجاز. "وروعي في إنشاء هذه المؤسسات شروط فتح مؤسسات الرعاية الاجتماعية، إذ وضعت في متناول الجماعات المحلية 17 حافلة لنقل تلاميذ المستوى الإعدادي، الذين كانوا يقطعون مسافة طويلة، من 3 إلى 4 ساعات مشيا على الأقدام" يشرح الفاعل الجمعوي الشنتوفي. رعاية اجتماعية وصحية وتتنوع مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، بإقليم تاونات، من دعم وإصلاح البنيات التحتية، والتجهيزات الأساسية على مستوى الصحة، والتعليم، والماء الصالح للشرب، ومراكز التربية والتعليم، غير أنها تبقى غير كافية لحل معضلات معقدة ومتشابكة، بفعل تراكمات التهميش والإقصاء مست الإقليم لسنوات عديدة، يسعى كل الفاعلين المحليين والجمعويين إلى تجاوزها من خلال دعم هذه البرامج التنموية، التي تهم أكثر من مائتي ألف فرد، وتوزعت على 320 مشروعا، قدرت كلفتها الإجمالية ب 90.148 مليون درهم، تحمل صندوق دعم المبادرة الوطنية للتنمية منها أكثر من 60 مليون درهم.