ارتفعت حصيلة حادث الاعتداء الإرهابي، الذي ضرب مقهى "أركانة" بساحة جامع الفنا، قلب مدينة مراكش النابض، صباح أول أمس الخميس، إلى 16 قتيلا، من ضمنهم هولندية لفظت أنفاسها الأخيرة بقسم الإنعاش بالمستشفى الجامعي ابن طفيل، متأثرة بجروحها. وذكرت مصادر أمنية مطلعة أن عناصر الشرطة العلمية تمكنت إلى حدود كتابة هذه السطور، من تحديد هويات سبعة قتلى، ويتعلق الأمر بمغربيين (نادل بالمقهى، ورجل تعليم يتحدر من الدارالبيضاء)، وفرنسيين، وكنديين، وهولندية. وما تزال التحقيقات التي باشرتها عناصر الشرطة القضائية والعلمية بولاية أمن مراكش، بتنسيق مع الشرطة العلمية لعناصر الدرك الملكي متواصلة، بمساعدة فرق أمنية من قسم البيولوجيا، للتعرف على هويات باقي الضحايا. كما يعمل فريق من قسم الحرائق والمتفجرات والكيمياء بمختبر الشرطة العلمية بالدارالبيضاء جاهدا لتحديد أسباب الانفجار، والتعرف على هوية منفذ العملية الإرهابية الشنيعة، التي استهدفت ساحة جامع الفنا العالمية الشهيرة، في الوقت الذي استمع المحققون إلى بعض المستخدمين في المقهى، الذين عاينوا الحادث، قصد جمع أكبر عدد من المعطيات والأدلة حول الانفجار. وحسب مصادر أمنية فإن التحريات الأولية التي باشرها محققو الشرطة العلمية والتقنية، أسفرت عن العثور على جثة متناثرة الأطراف، يرجح أن يكون صاحبها الذي تسلل للجلوس وسط زبناء المقهى المغاربة والسياح الأجانب، وراء تنفيذ العملية التفجيرية، خصوصا بعد اكتشاف مجموعة من المسامير في مكان الحادث، وفي أجساد بعض الضحايا. وشهد مقر ولاية جهة مراكش والمستشفى الجامعي ابن طفيل، اجتماعات متتالية للمسؤولين الأمنيين، والكاتب العام لوزارة الصحة، تحت إشراف محمد امهيدية، والي جهة مراكش تانسيفت الحوز، بحضور قنصلة فرنسابمراكش، وقنصل هولندا بالدارالبيضاء. وخصصت الاجتماعات لبحث تداعيات الاعتداء الإرهابي الشنيع، والعمل على تقديم المساعدات الضرورية للجرحى والمصابين ضحايا العملية الإجرامية، وضمان الأمن والسكينة لعاصمة النخيل وسكانها، حتى تستأنف الحياة سيرها الطبيعي، خصوصا بساحة جامع الفنا، التي جرى تصنيفها من طرف اليونسكو كتراث عالمي للإنسانية. وعاشت ساحة جامع الفنا التي شكلت على مر العصور مادة ملهمة للشعراء والأدباء والمؤرخين والمبدعين، من خلال بعدها الثقافي وفضائها العجائبي، الذي يختلط فيه الخيال بالواقع، ليلة أول أمس الخميس، حالة استثنائية، أفقدتها طابعها المتميز الذي تخلقه المطاعم المتنقلة، ورواد الحلاقات، وصانعو الفرجة، خصوصا بعد الحواجز الأمنية الكثيرة، التي جرى وضعها أمام مكان الحادث. وبخصوص الوضع الصحي لباقي المصابين، قال الدكتور هشام نجمي، رئيس مصلحة قسم المستعجلات بالمستشفى الجامعي ابن طفيل، في تصريح خص به "المغربية"، إن الحالة الصحية للضحايا 22، الذين يتلقون علاجاتهم الضرورية مستقرة، خصوصا بعد إخضاع سبعة مصابين لعمليات جراحية مختلفة، ووضعهم تحت المراقبة الطبية، لتتبع حالتهم الصحية، وتلقيهم العلاجات الضرورية. وفي سياق متصل، أعربت مختلف الهيئات السياسية والنقابية والحقوقية والمدنية بالمدينة الحمراء، عن استنكارها الشديد للعمل الإرهابي الشنيع، الذي لن ينال من عزيمة المغرب، بعد دخوله مرحلة جديدة في الدينامية الديمقراطية التي تشهدها المملكة، خلال وقفة احتجاجية عفوية جرى تنظيمها بساحة جامع الفنا تندد بظاهرة الإرهاب. وأعلنت الهيئات المذكورة عن وضع خلية لتتبع الأمور، وتقييم الوضع على المستوى الآني، ودراسة ما يجب القيام به على المدى القريب والمتوسط والبعيد، من أجل المساهمة في حماية التراب الوطني من أي تهديد أو تطاول مهما كان مصدره، مجددة دعوتها عبر رفع مجموعة من الشعارات إلى التصدي الحازم لكل المناورات الهادفة للنيل من وحدة المغرب واستقراره.