ركز المشاركون في المهرجان الوطني الأول للقصة القصيرة جدا، في بيانهم الختامي، الذي توصلت "المغربية" بنسخة منه على ضرورة جعل المهرجان، تقليدا سنويا مع تطويره كي يصبح عربيا ملصق المهرجان (خاص) مع الحرص على طبع أشغال المهرجان في كتاب توثيقا للذاكرة، والالتزام بمحور المهرجان في جنسه الأدبي (القصة القصيرة جدا / القصة القصيرة). وأكد المنظمون أن المهرجان، الذي اختتمت فعالياته أخيرا، بخنيفرة، تحت شعار"القصة القصيرة جدا: من التأسيس إلى التجنيس"، دورة القاص عبد الحميد الغرباوي، والذي نظمته جمعية الأعمال الاجتماعية لموظفي وزارة الداخلية بإقليم خنيفرة، بتنسيق مع جمعية جذور للثقافة والفن، وبشراكة مع مجلس جهة مكناس تافيلالت والمجلس الإقليمي والجماعة الحضرية إلى رفع التهميش وفك الحصار الثقافي عن مدينة خنيفرة، والمساهمة في إبراز إشعاعها الثقافي، كما حدث مع مدينة الفقيه بنصالح، التي وصلت إلى العالمية من بوابة القصة القصيرة جدا. وفي هذا السياق، قال القاص حميد ركاطة من إدارة المهرجان، إن تنظيم مهرجان القصة القصيرة جدا بخنيفرة، هو بمثابة احتفاء بهذه المدينة المناضلة، التي عانت الإقصاء، مؤكدا أن الملتقى الأول يحمل دلالات عديدة للمشهد الثقافي المغربي والعربي، منها أنه يعكس الاهتمام المتزايد بهذا الجنس الأدبي، إبداعا ونقدا، من خلال مواكبة العديد من التجارب المغاربية والعربية، وتقديم مؤلفات نقدية في القصة القصيرة جدا، شملت تجارب خمسة مبدعين من السعودية، هم (فهد العتيق، وشيمة الشمري، وأحمد طاهر الزراعي، ومريم الحسن، وأحمد حسين عسيري)، إلى جانب مبدعين من سوريا، مشيرا إلى أن تنظيم الدورة الأولى من المهرجان، يعد تتويجا لمشروع كبير حلم به ذات يوم عدد من المبدعين المغاربة. وفي حديثه عن الاحتفاء بالقاص عبد الحميد الغرباوي، أكد ركاطة أن المنظمين اختاروا تكريم الغرباوي، لأنه ببساطة، إنسان ومبدع يستحق التكريم، خصوصا أنه لم يكرم وطنيا من قبل، كما أنه من أبرز المبدعين، الذين استطاعوا أن يجددوا أنفسهم باستمرار، "إنه يستحق أن يكرم في مدينة مناضلة مثله وعتيدة كخنيفرة، التي كان لها الشرف أن يحمل أول ملتقياتها اسمه". واستهل المنظمون أعمال المهرجان بتنظيم ندوة "القصة القصيرة جدا: من التأسيس إلى التجنيس"، التي أدارها القاص أحمد بوزفور، وشارك فيها كل من محمد رمصيص، وسعاد مسكين، وخليفة بابا هواري، وحميد لحميداني، الذي اعتبر في ورقته "القصة القصيرة جدا: تأصيل أدب جديد"، أن هذا اللون السردي الصغير تداول في المشهد الإبداعي العربي عموما، والمغربي خاصة بعد صدور مجموعة من الكتب، وأيضا، بعد تطور تجارب عديدة، وكذلك ترسخ هذا المفهوم تسابقا مع الكثير من اللقاءات والندوات في سوريا، وانتقل بعدها لتحديد خصائص هذا اللون عند كل من جاسم الحسين، ويوسف حطين، وكذلك جميل حمداوي في المغرب. وكان الختام بقراءة نقدية لمجموعة من النماذج القصصية ل(فوزي بورخيص، وحميد ركاطة، ومصطفى لغتيري، وعبد الله المتقي..). وتمحورت مداخلة محمد رمصيص، التي حملت عنوان"عتبات تأملية في سيرورة القصة القصيرة جدا"، حول مسارات وتحولات هذا الشكل الإبداعي، وتفاعلاته مع الإصدارات بالمشرق. كما وقف عند التأخر الزمني للقصة القصيرة جدا بالمغرب مقارنة مع المحاولات بالمشرق، وهذا التأخر فسح المجال لتجارب قصصية ناضجة، ابتداء من تجربة بوعلو في فترة التأسيس، وعبد الله المتقي، وسعيد منتسب، في فترة التجنيس، وأنيس الرافعي في فترة التجريب. وفي مداخلتها، التي عنونتها ب"القصة القصيرة جدا: بين البدايات والتراكم"، ناقشت سعاد مسكين قضيتي التأسيس والتجنيس في القصة القصيرة جدا، معتبرة أن تحديد القصة القصيرة جدا لا يجب أن يخرج عن السياق السوسيو ثقافي، الذي ساهم في ظهور القصة نفسها، وركزت في ورقتها على زمنين، زمن البدايات، الذي عرفت فيه القصة القصيرة جدا تطورا جينيا، وزمن التراكم، وهو زمن الوعي بالكتابة القصصية القصيرة جدا. بينما اعتبر خليفة بابا هواري في ورقته "القصة القصيرة جدا: الحدود التصنيفية للجنس الأدبي"، أن الحديث عن التجنيس يقتضي أولا تحديد مفهوم الجنس الأدبي بطريقة علمية، وهذا ما يمكن من وضع كل نص في الخانة التي تناسبه ويناسبها، ويتلخص هذا التعريف، حسب بابا هواري، في أن الجنس الأدبي هو توجيه واشتغال ونتيجة لعملية الكتابة. وتميزت فعاليات الدورة، أيضا، بتنظيم ندوة ثانية، تحت عنوان "قراءة في المجموعة القصصية "دموع فراشة" للمبدع حميد ركاطة، أدارها صابر جواد، وشارك فيها كل من محمد يوب، ومحمد عياش، وحسن البقالي، وعبد الله المتقي، وندوة ثالثة حول ديوان الشاعر قاسم لوباي "مدينة المجاز" الصادر باللغة الفرنسية، شارك فيها حميد ركاطة ومحمد الحجام، فضلا عن تقديم قراءات قصصية، بمشاركة عبد الحميد الغرباوي، والسعدية باحدة، وعبد الله المتقي، وحسن البقالي، وإسماعيل غزالي، وحسن برطال، ومحمد معتصم، وأوسعيد لحسن، وإبراهيم أبويه، والبشير الأزمي، وكريمة دلياس، وعبد الحكيم باكي، وعمر طاوس، وعبد السلام بلقايد .كما جرى توزيع الجوائز على التلاميذ الفائزين في المسابقة القصصية، بمشاركة نادي الإبداع والتواصل بثانوية أبي القاسم الزياني، إذ فازت بالجائزة الأولى منى ياقوتي، فيما فازت نجاة ولد البيضة بالجائزة الثانية ، وعبد اللطيف باجي بالجائزة الثالثة، وتنظيم معرض للفنون التشكيلية بمساهة جمعية وشمة ومعرض للمجاميع القصصية بمشاركة دار "التنوخي" للنشر والتوزيع، ومعرض آخر، بمشاركة المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية .