يعد المخرج المغربي، عادل الفاضلي، واحدا من الوجوه الفنية، التي تسعى إلى تقديم صورة جديدة عن الأعمال الفنية المغربية. تصوير: عيسى سوري التصق اسم عادل الفاضلي بعائلته الفنية، التي تضم كلا من الأب عزيز والشقيقة حنان. اختار عادل الوقوف وراء الكاميرا، في العديد من الأعمال الفنية، من بينها الأفلام التلفزيونية "ولد الحمرية"، و"المهمة"، و"الشهيدة"، و"الدم المغدور"، فضلا عن الجزء الأول من سلسلته البوليسية "لابريكاد". مر عادل الفاضلي بمرحلتين أساسيتين، الأولى مرحلة ما قبل الدراسة، حيث استفاد كثيرا من أنه ينتمي إلى عائلة كل أفرادها يشتغلون في الفن، قبل أن يقرر التوجه نحو التكوين الأكاديمي، سنة 1989، عندما اتجه صوب فرنسا، وعمره لم يتجاوز 19 سنة، للدراسة بالمعهد الحر للسينما الفرنسية، حيث قضى به 3 سنوات، وبعدها درس في مدرسة "إيفيت" المختصة في السمعي البصري، ليقرر بعد ذلك العودة إلى المغرب، حيث اشتغل مع مصطفى الدرقاوي كمساعد مخرج في أعماله التلفزيونية والسينمائية لمدة طويلة. قبل أن يشتغل مع شقيقته حنان في أعمالها التلفزيونية ك"فكاهة"، و"ابتسامة"، لتتوالى الأعمال بالتلفزيون، ثم قرر التوجه صوب السينما من خلال تجربة فيلمه القصير "حياة قصيرة"، الذي توج بالجائزة الكبرى للمهرجان الوطني للفيلم بمدينة طنجة، في دورته الأخيرة. عن مساره الفني، وجديد أعماله، يتحدث عادل الفاضلي ل"المغربية"، من خلال الحوار التالي. توج، فيلمك القصير "حياة قصيرة"، بالجائزة الكبرى لكل من المهرجان الوطني للفيلم، والمهرجان المتوسطي للفيلم القصير، كيف ترى هذه النتيجة؟ - لا يمكنني الحكم على النتيجة، لأن ذلك من اختصاص لجان التحكيم، التي وضعت معاييرها لانتقاء الأعمال المتوجة. بالنسبة إلي التتويج في المهرجان الوطني للفيلم، والمهرجان المتوسطي للفيلم القصير بطنجة، أعطاني شحنة قوية لتقديم أعمال ترقى لمستوى تطلعات الجمهور. ماذا عن مشاركة فيلمك القصير "حياة قصيرة"، في العديد من التظاهرات السينمائية الدولية؟ - شاركت، كباقي الأفلام القصيرة من مختلف الدول، في عمليات الانتقاء، من خلال إرسال فيلمي، ووافقت لجان الانتقاء عليه ليعرض في هذه المهرجانات، من بينها مهرجان "كليرمون فيرون"، بفرنسا، ودبي السينمائي الدولي. كيف ترى توالي مشاركاتك في المهرجانات السينمائية في الآونة الأخيرة؟ - عادة، لا أشارك كثيرا في التظاهرات السينمائية الدولية، نظرا لأنني أقدم أعمالا في التلفزيون، وبالنسبة إلي مشاركتي في مهرجانات السينما، تشكل مناسبة للقاء مجموعة من الأصدقاء الفنانين، والتعرف، عن قرب، على جديد الإبداعات الفنية، فضلا عن كونها مناسبة للاحتكاك بتجارب مختلفة. ماذا عن المشاريع المقبلة بعد "حياة قصيرة"؟ - أنا بصدد كتابة سيناريو فيلم سينمائي مطول، وهو استمرارية للفيلم القصير "حياة قصيرة"، إذ سأعمل على توسيع المساحة الزمنية لأحداث العمل. كما أنني بصدد وضع اللمسات الأخيرة للشروع في تصوير حلقات جديدة من السلسلة البوليسية "لابريكاد"، على القناة الأولى، ومن المنتظر أن نشرع في تصويرها في متم شهر أبريل الجاري، مع إدخال بعض التعديلات عليها، تهم المواضيع، والكاستينغ، وشكل معالجة القضايا. عادة ما تتجه في نظرتك الإخراجية، إلى الأعمال البوليسية أو الحركية، ما السبب وراء هذا الاختيار؟ - صحيح هناك نظرة إخراجية من هذا القبيل في مجموعة من أعمالي الفنية، وهذا راجع إلى أنني كنت أتابع في الدراما المغربية، التشخيص والسيناريو أكثر من الحركة، وهذا يمكن أن يشكل مللا للجمهور، الذي يبقى متعطشا إلى هذا النوع الفني، وهو ما دفعني إلى نهج هذه الطريقة الجديدة. والحركة في التصوير، تستعين بمجموعة من المعالم الفنية من بينها "الكوريغرافيا"، التي تمكنها من التنوع في المشاهد لدى المتلقي. ألا ترى أن اقتحام عالم السلسلات البوليسية مغامرة كبيرة؟ - الفن كله مغامرة، وإن اخترت أن تكون فنانا يعني أن تكون مجازفا، ومهنتنا هي مهنة المغامرات، وإذا لم أغامر فمعناه أن أبقى ساكنا وسلبيا، وهذا بطبيعة الحال مناف للفن وروح الإبداع. المجازفة هي التي تجعلنا نجرب ونتقدم ونحقق طموحنا ونكتشف الجديد. هل يمكن اعتبار ذلك يندرج في سياق رسم ملامح نظرة إخراجية يتميز بها عادل الفاضلي؟ - نعم، لأنني أود تقديم صورة جديدة عن الدراما، والسينما المغربية، تخرج عن نطاق المألوف، وأحاول من خلال أعمالي، أن أمزج بين الحركة والدراما والكوميديا، لتقديم عمل يستجيب لتطلعات العائلة بمختلف أفرادها، ثم يراعي ميولات الجمهور. ما رأيك في المستوى الحالي للفيلم القصير بالمغرب؟ - الفيلم القصير بالمغرب قطع أشواطا عدة، لكن للأسف، ببلادنا، لا يتوفر على فضاءات تعرضه بانتظام، باستثناء مشاركة الأفلام القصيرة بالمهرجانات السينمائية، أو من خلال دورات تقدمها القنوات الوطنية بين الفينة والأخرى، عدا ذلك يبقى الفيلم القصير بعيدا عن الجمهور، في الوقت الذي يملك مجموعة من المؤهلات التقنية العالية. كما أن المواهب الشابة تقبل بشكل كبير على الفيلم القصير، وهذا ما يتحقق في ظل إطلاق مجموعة من المؤسسات المتخصصة في التكوين السينمائي بالمغرب، ما يجعل الرؤية الإخراجية لعدد منهم تختلف عن الآخرين. علاقة بالمواهب، شاركت في عضوية لجنة تحكيم مسابقة الفيلم القصير بالمهرجان الدولي للفيلم بمراكش في دورته العاشرة، ما الإضافات التي حملتها هذه المشاركة لمسارك الفني؟ - لامست عن قرب جيلا جديدا يحمل مشعل السينما المغربية، خاصة أنه يحاول من خلال أعماله المزج بين الواقع اليومي للمجتمع المغربي، وأحدث المؤثرات التقنية في السينما، وهذا يجعلنا نؤكد على وجود جيل جديد قادر على تحمل المسؤولية لقيادة حركية سينمائية جديدة ببلادنا. رجوعا إلى المهرجان الوطني للفيلم بطنجة في دورته الأخيرة، كيف ترى عودة مخرجين ينتمون إلى جيل الرواد من جديد إلى الواجهة؟ - يجب أن نؤكد أننا الآن نعيش في ظل توفر مجموعة من الظروف لتقديم الأعمال الفنية، عكس الماضي، وهنا أود أن أنوه بمجهودات الكبار، الذين ساهموا بشكل كبير في وضع سكة السينما المغربية على طريقها الصحيح، وبالتالي وضع معالم الفيلم المغربي والمساهمة في التعريف به في الخارج. ماذا تشكل لك الجوائز عموما؟ - الجائزة هي اعتراف وتشجيع على تقديم الأفضل، ولا تمثل لي الكثير، المهم هو الجمهور. كونت رفقة شقيقته حنان الفاضلي، ثنائيا في العديد من الأعمال الفنية، كيف ترى هذا التعاون؟ - تعاون مثمر، وتجربة إيجابية، وكأي تجربة أخرى كان فيها "صعود وهبوط" لكن في صالح العمل. كنا نناقش الأفكار ونطرح الاقتراحات، لأن هدفنا كان هو تقديم صورة فنية جديدة للجمهور المغربي. ألم يساعدك الوسط الفني الذي تربيت فيه، في مسيرتك الفنية؟ - في الحقيقة الوسط الفني الذي ترعرعت فيه هو سيف ذو حدين. لقد ساعدني فعلا في إبراز مواهبي، وتعلمت الكثير في مدرسة العائلة قبل المدرسة الحقيقية. لكن في الوقت نفسه هذا الانتماء يتطلب مجهودا إضافيا من أجل إثبات الذات والبرهنة على قدراتي الإبداعية حتى لا يقال إنه ابن فلان، صعب جدا أن تحمل اسما معروفا. لكني استطعت أن أثبت أن هناك اسم "عادل الفاضلي" مستقل عن "عزيز وعن حنان". بعيدا عن الفن، كيف ترى شخصية عادل الفاضلي؟ - شاب مغربي يطمح إلى تحقيق الأفضل، وأسعى إلى أن أسلط الضوء، من خلال أعمالي الفنية، على مجموعة من القضايا، تلامس واقعنا اليومي.