يحتفل الشعب المغربي، اليوم الجمعة 15 أبريل، بالذكرى 53 لاسترجاع منطقة طرفاية إلى حظيرة الوطن سنة 1958. وقدم المغرب تضحيات جسيمة في مواجهة الاستعمار، الذي جثم بثقله على التراب الوطني قرابة نصف قرن، وقسم البلاد إلى مناطق نفوذ موزعة بين الحماية الفرنسية في وسط المغرب، والحماية الإسبانية في شماله، فيما خضعت منطقة طنجة لنظام دولي، ما جعل مهمة تحرير التراب الوطني صعبة بذل العرش والشعب في سبيلها تضحيات جسام في غمرة كفاح وطني طويل النفس متواصل الحلقات ومتعدد الأشكال حتى تحقق النصر. إن نهاية عهد الحماية لم تكن إلا بداية لملحمة الجهاد الأكبر لبناء المغرب الجديد الذي كان من أولى قضاياه تحرير ما تبقى من تراب المملكة. وفي هذا المضمار، كان انطلاق جيش التحرير بالجنوب سنة 1956، لاستكمال الاستقلال في باقي الأجزاء المحتلة من التراب الوطني، واستمرت مسيرة التحرير بقيادة بطل التحرير جلالة المغفورله محمد الخامس بعزم قوي وإرادة صلبة. في هذا الإطار، جاء الخطاب التاريخي لجلالة المغفور له محمد الخامس بمحاميد الغزلان في 25 أبريل 1958، بحضور وفود ممثلي قبائل الصحراء المغربية، موقفا حاسما لتأكيد إصرار المغرب على استعادة حقوقه الثابتة في صحرائه السليبة. وهكذا تحقق استرجاع إقليم طرفاية سنة 1958، الذي جسد محطة بارزة على درب النضال الوطني من أجل استكمال الاستقلال الوطني وتحقيق الوحدة. وواصل المغرب في عهد جلالة المغفور له الحسن الثاني استكمال وحدته الترابية باسترجاع سيدي إيفني سنة 1969، وتواصلت بالمسيرة الخضراء التاريخية في سادس نونبر 1975، التي جسدت عبقرية الملك الموحد، الذي استطاع بأسلوب حضاري وسلمي استرجاع الأقاليم الجنوبية إلى الوطن الأم، حيث رفع العلم الوطني في سماء العيون في 28 فبراير1976، معلنا نهاية الوجود الاستعماري في الصحراء المغربية. وعقب ذلك استرجع المغرب في غشت 1979، إقليم وادي الذهب إلى حظيرة الوطن. استمرت ملحمة صيانة الوحدة الترابية للمملكة في عهد جلالة الملك محمد السادس بقوة وإصرار وصمود وثبات، بفضل السياسة الحكيمة لجلالته، وتجنده التام للدفاع عن مبادئ الحرية وإنهاء كل أسباب النزاعات في المنطقة خدمة لصالح شعوبها. في هذا السياق، تندرج مبادرة الحكم الذاتي القاضية بمنح حكم ذاتي موسع للأقاليم الصحراوية المسترجعة في ظل السيادة الوطنية. واحتفاء بهذه المحطة البارزة في مسلسل الكفاح الوطني من أجل الحرية والاستقلال واستكمال الوحدة الترابية للمملكة، ولإبراز مكانتها الرمزية في سجل تاريخ المغرب الحافل بالمكارم والملاحم، تنظم المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بطرفاية، مهرجانا خطابيا، تلقى خلاله كلمات تستحضر فصول ملحمة الكفاح، الذي خاضه العرش والشعب من أجل الاستقلال ووحدة الوطن وعزته. كما ستلتئم بالمناسبة، ندوة علمية تنظمها المندوبية بتعاون مع عمالة إقليم طرفاية وكلية الآداب والعلوم الإنسانية بأكادير، حول موضوع "التاريخ وحاضرة طرفاية من خلال قراءة في المخططات الاستعمارية في جنوب مغرب القرن التاسع عشر"، إضافة إلى تدشين الفضاء المتحفي والتثقيفي والتربوي للمقاومة وجيش التحرير ببوجدور.